إسرائيل ستتخذ، قريباً، خطوات مشدّدة لمواجهة "كورونا"

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


سلسلة القرارات، التي تم اتخاذها، أول من أمس، بعد سلسلة المشاورات العاصفة مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تعكس التشديد الواضح على الخطوات التي تتخذها إسرائيل في إطار محاربة انتشار فيروس كورونا، التي في أساسها ما زالت تشكل حلا وسطا.
وفي الوقت الذي دفعت فيه وزارة الصحة إلى اتباع إغلاق شامل في الدولة فإن وزارة المالية تحذر من التسبب بأضرار اقتصادية في مرحلة مبكرة جداً.
هذا هو سبب أن نتنياهو امتنع في هذه المرحلة عن فرض قيود مطلقة على حركة المواطنين، لكنه اختار فرض قيود على عدد العمال الذي سيذهبون إلى العمل في شركات مختلفة، وإغلاق مواقع الاستجمام والتوصية بالتقليل من استخدام المواصلات العامة.
مع ذلك، يظهر أن الاتجاه واضح: إذا واصل الفيروس الانتشار فإن إسرائيل ستتبنى، ربما في الأيام القريبة القادمة، خطوات أكثر تشدداً، بروح الخطوات التي اتبعتها الصين، والتي تتبعها إيطاليا، مؤخراً، حتى لو كان بتأخير معين.
يبدو أن المغزى هو أنه في نهاية المطاف سيقتصر العمل فقط على المؤسسات التي تعتبر حيوية لعمل الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي، وأن الحركة خارج الأحياء والمدن ستتوقف بالكامل، باستثناء أذونات للتزود بالمواد الغذائية والدواء وحركة العمال الضروريين.
يبدو أن معظم الخبراء في الصحة العامة يعتقدون أن هذه هي القرارات المطلوبة إزاء خطورة الوضع في إسرائيل.
وحسب الخبراء فان عدد المصابين، الذي يتم نشره، يعكس فقط عدد من تم فحصهم قبل أسبوع. والافتراض هو أنه بدأت ظاهرة العدوى في المجتمع. لذلك، يجب التشديد على قواعد الابتعاد الاجتماعي.
وهذا هو السبب لما تم التشديد عليه، أول من أمس، وهو الحاجة إلى الحفاظ على بعد مترين عن الأشخاص الآخرين أثناء الخروج من البيت.
وهناك نقاط ضعف أخرى بحاجة إلى الانتباه الشديد والفوري. اعتبرت زيادة عدد فحوصات الكورونا عنق الزجاجة الرئيس منذ أسبوع.
ومن الواضح أن الطواقم الطبية، التي دخل عدد من الأعضاء فيها إلى الحجر في السابق، يحتاجون إلى الدعم، وبالطبع إلى توفير الحماية المناسبة.
إضافة إلى ذلك، هناك انشغال كبير بمسألة كيفية علاج المصابين بحالة طفيفة، ممن سيزداد عددهم بالتأكيد في الأسابيع القادمة، لأن الاستشفاء في البيت يمكن أن ينتهي بإصابة أبناء العائلة.
بدأ جهاز الأمن في إعداد ثلاث مراكز علاج للمصابين بإصابة طفيفة، والتي يمكن افتتاحها خلال أسبوع.
هذه المراكز يمكنها استيعاب ثلاثة آلاف شخص، رغم أن الخوف هو أنه حتى هذا العدد لن يكون كافيا إذا واصل الفيروس الانتشار.
وفي المقابل، عدد من الخبراء يعتقدون أنه لا داعي لعلاج مصابين بإصابة طفيفة خارج البيت، والحل هو الحجر المنزلي.
لأنه إلى حين تشخيص المرض فان أبناء العائلة الآخرين سيصابون. والحقيقة هي أن الحديث يدور في هذه المرحلة عن معركة خاسرة.
لكن نقطة الضعف الرئيسة، التي تم اكتشافها بشكل كبير، السبت الماضي، تتعلق بالصعوبات التي تواجهها إسرائيل في مواجهة تهديد غير معروف لأمنها الوطني. إسرائيل مستعدة، وربما أفضل من معظم الدول، لتهديد عسكري للجبهة المدنية. ويعتبر انتشار الفيروس خطرا مختلفا، لذلك مطلوب أن يواجهه جهاز عام للصحة، تم إهماله خلال سنوات، حيث إن سلم الأولويات كان منحازا لأغراض أخرى. أحد المركبات الحاسمة في مواجهة الفيروس تتعلق بالتوعية في أوساط الجمهور.
خلال أسبوع كانت العلاقة مع الجمهور معتمدة على شخصين، رئيس الحكومة والمدير العام لوزارة الصحة، موشيه بار سمنطوف، ويحظى الأخير الآن بشعبية كبيرة في أوساط الجمهور. والمرشدون الآخرون، مثل وزيري الصحة والتعليم، ظهروا كلاعبين ثانويين غير ناجعين على شفا الاستهزاء، حيث خصصا جزءا من وقت الشاشة المخصص لهما من أجل الأحاديث المتملقة لنتنياهو.
إلى جانب المدير العام، فان مهمة الحديث ملقاة على الجهاز المقلص المتحدث بلسان وزارة الصحة.
ولجهاز الإعلام الوطني لا يوجد مدير منذ سنة تقريبا. والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي غير مطلوب منه الآن المساعدة.
في مثل هذه الظروف، حيث إن الجهاز المتحدث بلسان وزارة الصحة قد صمت يوم السبت، فليس غريبا أن الإسرائيليين صوتوا بالأرجل، وذهبوا إلى التجمعات التجارية وأفرغوا الرفوف من ورق التواليت.
أول من أمس تبين أن شرطة إسرائيل تريد لنفسها دورا أكبر في التحدث عن الأزمة. ونحن سننتظر ونرى، ولكن من الصعب أن نكون متفائلين في هذا الشأن.
التجربة، التي راكمها نتنياهو خلال السنين، ظهرت جيدا في علاجه للازمة وفي ظهوره الكثير أمام الجمهور.
ولكن لا يمكن تجاهل حقيقة أنه قارب أزمة الكورونا بعد حملة انتخابات ثالثة دون حسم، حيث ما يقارب من نصف المواطنين هم معادون له ويشككون بصدق نواياه، خاصة إزاء الأمر الذي اصدره، أول من أمس، وزير العدل، أمير أوحانا، والذي يمنع إجراء المحاكمات، وعلى رأسها محاكمة رئيس الحكومة التي كانت ستبدأ بعد يومين.
يخلق الوضع السياسي الاستثنائي مشكلات أخرى: الكنيست لا تعمل، ولا يوجد أي إشراف خارجي على قرارات رئيس الحكومة.
نتنياهو أيضا لا يكلف نفسه عناء عقد الكابنت وهو يكتفي بالتشاور مع جهات مهنية يتم فيه بين الفينة والأخرى إشراك عدد من الوزراء ذوي الصلة.
اتخذ نتنياهو، أول من أمس، خطوة أخرى استثنائية جدا مختلفاً فيها. حسب قوله، هو حصل على موافقة المستشار القانوني لتشغيل «متابعة الكترونية» من اجل تحديد الأماكن التي تواجد فيها المرضى والأشخاص الذين كانوا في محيطهم، وكان يمكن أن يكونوا معرضين للفيروس. هذا اختراق كبير لخصوصية الفرد التي يمكن أن تثير خلافا كبيرا. في الأسبوع الماضي لم يسارع «الشباك» والجيش أيضا إلى التطوع لهذه المهمة على خلفية الجوانب الإشكالية التي تكتنفها.

اتُخذ القرار
مؤخرا يبدو أنه في الجيش اتُخذ القرار حول خطورة الأزمة والحاجة إلى الترجيح. في نهاية الأسبوع جرت في هيئة الأركان العامة نقاشات كثيفة تناولت موضوعين أساسيين: الحفاظ على أهلية الجيش من اجل منع الشلل في أنظمة كاملة (سلاح الجو وسلاح البحرية وجهاز الاستخبارات). والى جانب ذلك مشاركة كبيرة في مساعدة جهاز الصحة والشرطة.
ولكن خلافا لعدد من تقارير وسائل الإعلام فان الجيش غير معني بتحمل المسؤولية الكاملة عن علاج الأزمة.
وفي مجالات الاقتصاد والصحة لا توجد للجيش أفضلية نسبية على الأجهزة المهنية، ولا يوجد لديه أي فهم حقيقي لإدارة أزمة مدنية.
لا يسارع الجنرالات إلى الدفع نحو اتباع خطوات حكم عسكري، بالتأكيد حيث تلوح في الأفق مشكلة ثقة برئيس الحكومة.
الجيش يمكنه المساعدة، لكنه لا يقوم بتقديم الحل لانتشار الكورونا.
هذه حادثة مدنية يجب على الجهاز المدني في الدولة أن يديرها، على أمل النجاح في السيطرة عليها في أسرع وقت ممكن.

 عن «هآرتس»