كل شخصٍ في الحياة له أهدافه و أمنياته ويبتغي الوصول إليها ويحاول جاهداً السعي نحو تحقيقها ولكن لا يوجد نجاح دون أن تمر بمحطات اليأس أو الفشل، وينبغي عليك تجاوز المحن مهما تكلّف الأمر لتستطيع صعود سُلم النجاح و الرقي.
اُنظر لعيناها، ستجد عالماً آخر بخلاف ما تُظهره !، تخوض حربٍ مع الحياة، فقدت أجمل ما تُحِب "أبيها"، لا أظن إني رأيتُ أحداً يُحب أبيه هكذا، أعلم أن هذا اليتُم كان مُختلفآ عن البقية، شاهدتُ انطفائِها، وحديثَ الألم في صَمتها، وموجة الإكتئاب التي خرجت عن المُعتاد، تمنيتُ أن تبتلعني الأرض عندما رأيتها تبكي بِحُرقة وتُلقي قُبلة الوداع على جبين أبيها وتلمسُ وجههُ للمرة الأخيرة تود أن تحتفظَ بهذه الملامح للأبد، تحاورهُ بطريقة عتابٍ كيف يتركها ويرحل، لم تكتفي منه بعد، كل أقاربها وأصدقائها حولها، ولكن بالفعل كل ما في الأرض من فلسفة لا تُعزّي فاقدآ عمّا فقد، لم أمر بموقف عنيف هكذا، لو رأيتَ كل هذا ستعتقدَ للوهلة الأولى أنها لن تواكب الحياة مرة أخرى، وستنعزل عن أداء روتين حياتها كأمرٍ طبيعي وعليها أن تتأقلم.
لا عليك بعد، أتى شهر رمضان ومجلسه على سُفرة الطعام خاليآ منه، حضوره كان المُكّمل لبدء الإفطار، افتقرت سُهى بهجة مراسم العيد في غيابه، الأيام من بعده أصبحت دون جدوى، الوقت يمضي ببطء، الأجواء من حولها باتت مملة، لا زالت تظن أن كل هذا كابوسآ وسيمر، لا تعلم كيف ستواصل الحياة دون أن يكون بجانبها فقد خسرت أهم مقومات حياتها، تشعُر بالوحدة أحيانآ، التفكير كان يُسّلط عليها، كطفلٍ تائه يحتويه الخوف لا يعرف أين عنوان منزله ويطلب النجدة ممّا هو عليه.
لقد تجاوزَت سُهى دراسة الثانوية العامة، وحصلت على معدلٍ كان من المُفترض أن يعُم الفرح أرجاء قلبها، ماذا لو أدركت معنى أن تبتسم و في قلبك غصة، أسمعت عن السعادة الناقصة؟، إن لم تسمع فاحمل نفسك وابحث عن نجاح فتاةٍ لم تدع الظروف وقسوة الأيام أن يأكلوا نصيبها من الإنجاز والنجاح.
تدرسُ الإعلام و الاتصال الجماهيري، تلقت العديد من الدورات التعليمية واجتازتها بتفوق، والكل أجمع أنها مبدعة ومكافحة في ظل هذا الوضع، ومن الجانب التحفيزي هي لا تعلم أن رؤية شغفها وحماسها في المكان كان من أبرز العناوين اليومية لأي شخص مار، ماذا عن التفاصيل!، ومن الجانب الشخصي سأحدثكم عن العوض الذي لطالما كنتُ أراه منة الله عليّ، لا أرى للشمس علاقة ببداية الصباح، صباح الخير منها كانت بمثابة الشمس، يُغنيني وجودها عن السفرِ والتنقل حتى التنزه أيضآ، إنها الروتين اليومي الذي لا يُمل منه، تخذُلني الحياة أحيانآ، فأجد في حضورها ملاذ الأمان والاستقرار عن هذا الخذلان، لقد نسيت أن أخبركم! لديها أمٍ جعلتني أؤمن بأن هناك مصطلحٍ يُسمى الأم الثانية!، كالبدر ضحكتها، معالم الحنان تجِدُها في قاموسها، بارك الله في عمرها، ربما تجد التحفيز عند من ظننتهم لا يصنعون شيئآ ولكنهم صنعوا المعجزات واجتازوا المِحن و الصعوبات.
سَهى قلبي عن الدنيا يا سُهى!، أسهو عما عن حولي كلما رأيتُك تبتسمين، وكأن ابتسامتك جاءت على وهن، أشعُر بكامل سعادتي عندما تُنجزين هدفآ تمنيتهِ أن يتحقق، أعي أن كل هذا ليس سهلآ على قلبٍ يجد الحياة مُستمرة و ينقصهُ أحدهم، حيث هنا تكمن قوة الاستمرارية.
تبلُغ زهرة الصّبار 22 ربيعآ، ستتخرج بعد شهورٍ ليست كثيرة، لتتّوج خريجة من قسم الإعلام بمعدلٍ عالٍ، سيكبرَ اسمها، سيسبقهُ الإعلامية كما حلمت أن تصبُح، لا أحد يصل لما يريد إلا بعد أن يمر بمحطاتٍ تصفعه مرة، وتُرضيه مرة أخرى، وهي حقآ تستحق أن تنال ما أردته يوماً، إنها أفضل من يُذيع ويُراسل على الإطلاق، ويشهد العالم من حولها على ذلك، كادت بالعزم أن تسبق عمرها حول ما حرزت من إنجازات و تقدم في هذا العمر، لذلك لابد أن تقاوم مهما بلغت الصعاب، سيأتي عليك يوم وتصبح فيه ما تريد.
ستبقى هذه الرسالة شُعلة في عالم العزيمة والإصرار دائمآ أمان الله على قلبك و قلب كل من ثابر وكافح لأجل نيل مبتغاه.