اليسار يقود إسرائيل إلى انتخابات رابعة

حجم الخط

بقلم: يورام أريدور


نحتاج إلى حكومة وحدة وطنية، ولكن هذا لا يعني الإذن لقسم منها بالتآمر على القسم الآخر.
هكذا، في أعقاب «المناورة النتنة» لشمعون بيريس سقطت حكومة الوحدة التي كانت في العام 1990، وهكذا لن تقوم حكومة الوحدة في العام 2020. مشاريع القوانين الجديدة، الرامية الى منع بنيامين نتنياهو من إشغال منصب رئيس الوزراء حتى في حكومة الوحدة، تقوض مجرد إقامة مثل هذه الحكومة. فطرف ما في الحكومة يريد أن يقرر من يمثل الطرف الآخر، ويسمي هذا «وحدة». أولاً، يختار نفسه من أجل الوحدة، وبعد ذلك يختار ايضا شريكه من الطرف الآخر. ليس هذا فقط؛ في إطار الكفاح ضد قادة كتلة اليمين يجتهدون ليطيحوا أيضا برئيس الكنيست. هذه، ببساطة، وحدة اليسار ضد حكومة الوحدة مع اليمين.
لشدة المهزلة، ليس لليسار أغلبية ليختاروا أنفسهم قبل أن يختاروا شركاءهم لتشكيل الحكومة، وعلى رأسهم القائمة المشتركة. فدون دعمها لن تكون للنائب غانتس حكومة. لقد كان الاعتقاد العام بأن لسان الميزان بين كتلة اليمين وكتلة اليسار هو قائمة ليبرمان. خطأ. منذ ان ارتبط ليبرمان بكتلة اليسار لم يعد هو لسان الميزان، فهو لم يعد مستعدا للنظر في امكانية تأييد نتنياهو. هكذا أصبحت «القائمة المشتركة» هي الكتلة التي يمكنها أن توفر لغانتس المقعد الـ 61، بمعنى ان تكون هي لسان الميزان. ليس لغانتس كتلة كبيرة بما يكفي في مواجهة اليمين. لليسار، مع ليبرمان، يوجد 47 مقعدا. لكتلة اليمين يوجد 58. وعندما تحصي الاستطلاعات المختلفة كتلة اليسار بأنها نحو 55 مقعدا، فإنها تضم اليها القائمة المشتركة وتجعل ليبرمان لسان الميزان المزعوم.
لقد وعد غانتس قبل الانتخابات الا يعتمد عليها. وبالتأكيد يوجد ناخبون أيدوه استنادا الى هذا الوعد. هؤلاء الناخبون، مثلما هو الوعد، إُلقي بهم أدراج الرياح. ممثلو غانتس لم يرغبوا في أن يصوَّر لقاؤهم المشترك مع ممثلي المشتركة. لعلهم خجلوا، والصورة التي شطبت جاءت من كاميرا «المشتركة». والآن جاء وعد غانتس بأن تكون هذه حكومة وطنية. وطنية لمن؟ ففي كل مسألة سياسية أو أمنية حاسمة، حكومة ستكون غانتس متعلقة بل مبتزة من لسان ميزانها. صحيح أن لسان الميزان أيد غانتس لتشكيل الحكومة، ولكن هذا لا يعني أنها ستؤيده كرئيس للوزراء، بشكل عام وفي كل موضوع، فقط لأنها أيدته كمرشح.
جواب اليسار هو انه سيجلب لدعم حكومته كتلة أو فارين من كتلة اليمين. وبخلاف «القائمة المشتركة»، التي ظهرت ككتلة خاصة بها مع مؤيدي «الارهاب»، فإن كتلة اليمين مرفوضة للمفاوضات ومن المتوقع لها أن تتفكك. لم يكن هذا بعد اي حملة انتخابات في العام 2019 ولا يبدو واقعيا في 2020. ان سياسة محاولة المس بوحدة كتلة اليمين ستؤدي على نحو شبه مؤكد ليس للوحدة بل الى انتخابات جديدة. هذا ما يسمى، لدى يائير لبيد، «يوجد مستقبل». من الواضح ان لدى اليسار حجة متكررة عن لوائح الاتهام ضد نتنياهو. وهم يعرفون انه قد يخرج بريئاً وان القانون يسمح رغم لوائح الاتهام بمواصلة تولي رئاسة الحكومة. لو لم يعرفوا هذا لما كانوا حاولوا تغيير القانون ومنع ذلك صراحة في قانون شخصي. إن المؤيدين لمثل هذا القانون الشخصي يؤيدون ايضا ما يسمونه سلطة القانون. يبدو أنهم مشوشون بعض الشيء. في الجوهر هم مستعدون للمفاوضات مع «القائمة المشتركة» على شروط تأييدها لحكومة اليسار. من المعروف ما الذي يشترونه هنا – التأييد. ليس معروفا بعد ما الذي يبيعونه أو يوشكون على بيعه بالمقابل. يمكن أن تسمى مثل هذه الصفقة رشوة سياسية. وقد تكون اخطر من الرشوة الشخصية؛ لأنها لا تتعلق بشخص ما بل بالدولة. يوجد هنا على الاقل تضارب مرفوض للمصالح. من جهة، مصالح كل حكومة في الدفاع عن الدولة ضد «الارهاب»، وبالمقابل مصلحة مشكلي الحكومة في أن يحظوا بتأييد قائمة يوجد فيها مؤيدون لـ»الارهاب». من الواضح أن هذا ليس جنائيا. هذا فقط نوع من سياسة اليسار. في نظر اليسار، سلطة القانون هي سلطة اليسار في القانون، وسلطة كتلة الاقلية اليسارية في الكنيست رغم أنها اصغر من كتلة اليمين. هذا ما يسمونه في اليسار ديمقراطية. اما التعبير الصحيح فهو يسارقراطية.
هكذا يشق اليسار الطريق الى انتخابات رابعة.

عن «إسرائيل اليوم»