"كورونا" والكونفيدرالية الإسرائيلية – الفلسطينية

حجم الخط

بقلم: يوسي بيلين


لم يحصل حدث مشابه في حجمه لهذا أبداً. الأمر الأقرب كان حرب الخليج الأولى، في العام 1991. لم يكن لأحد فكرة متى ستنتهي موجة إطلاق النار، وكان هناك خوف من صواريخ غير تقليدية، وقفنا على شرفتها في الطابور كي نتلقى كمامات الغاز. لم نكن نعرف ما العمل حقاً.
قررت إسرائيل إسحق شمير ألا ترد على النار، وفجأة فقدنا الأمن، شعرنا بأننا مكشوفون وعديمو الوسيلة بعض الشيء، وأقوالنا الشهيرة بأننا سنرد بالطريقة السليمة وفي الوقت السليم لم تعد تطلق. اعتمدنا (وعن حق، في هذه الحالة) على الإدارة الأميركية لبوش (الأب) وبعد شهر ونصف فقط، في البوريم بالذات، نزعنا الأقنعة (الكمامات).
من رافق البث التلفزيوني كان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي في حينه، نحمان شاي، رغم أنه لم يعرف أكثر بكثير مما كنا نعرفه، وانحصرت معظم أقواله في التوصية المذكورة بأن نشرب الماء. ولكنه ابتسم وبث نوعاً من السكينة وسرعان ما أصبح نجماً أعلى. لو أراد فقط، لكان بوسعه أن يصبح بعد ذلك رئيس بلدية تل أبيب، رئيس الوزراء، بل حتى الحاخام الرئيس لإسرائيل.
تذكرت شاي ونجوميته، التي تجلت في تلك الفترة، عندما تنقلت في الأيام الأخيرة بين القنوات، والتقيت وجوهاً بشعة وجدية لأناس اتحدوا تحت الرسالة التي تقول إنه سيكون الحال أسوأ قبل أن يكون أفضل بقليل. رأيت رئيس وزراء متجهم الوجه مع منديل ورقي، في كل مرة أبعد المسافة بيننا وبين غيرنا، ووظف، في كل ظهور له، بث الخدمة لصالح إقامة حكومة وحدة وطنية أو طوارئ وطنية برئاسته، وفي كل يوم عطّل خدمة أخرى.
بعد كل شيء، فإن دولة متطورة مثل إسرائيل كان يمكنها أن تعثر على أحد ما في وظيفة شاي كي تهدئ روع الجالسين الكثيرين في البيوت، الملتصقين بأجهزة التلفاز والمترقبين لقول عادي من نوع «سيكون على ما يرام»، حتى لو كان واضحاً لهم أن من يقول ذلك لم يكتشف سر الوباء، العلاج الذي يضع له حداً في أقرب وقت ممكن، او المدة الزمنية التي برأيه سيبقى في صحبتنا. إن أضرار الكورونا واضحة وجسيمة. بالمقابل، أزمة بهذا الحجم يفترض بها أن تسرع تغييرات ما كانت لتحصل، بمثل هذه الوتيرة، بدونها. فمثلاً – استخدام محادثات الفيديو لغرض التعليم، الأعمال التجارية، او مجرد اللقاء الاجتماعي، كبديل عن اللقاءات الجسدية. هذه وسيلة قد تصعد نتيجة للمعرفة بأنها متوفرة، مريحة، وموفرة. اذا كان هذا ما سيكون بالفعل، فسيكون لذلك آثار اجتماعية في مجالات مختلفة، الأهم فيها هو تسهيل تشغيل النساء، لدرجة الثورة الحقيقية في هذا المجال. حيث إن المهنة وتربية الأطفال لن تتعارضا الواحدة مع الأخرى.
«الكورونا» قد يدفع مزيداً من الناس ليفهموا بأن «اليد الخفية» للاقتصاد لا يمكنها ان تكون العامل الوحيد المقرر للتوازن الصحيح في السوق. فالحاجة الى عامل مركزي، يجبي الضرائب من المجتمع، والقادر على ضمان أمنه، صحته، واحتياجاته الاخرى حيوي، ولا يجد جواباً فقط في اللقاء العادي الذي بين العرض والطلب. فالمطالبة الثابتة لليمين بـ «حكومة ضيقة» يمكن ان تكون جذابة، على الاقل للشبان، للأصحاء وللأثرياء، حين يكون كل شيء على ما يرام، ولكن في اللحظة التي تقع فيها مشكلة كهذه، فإن جهازاً مركزياً فقط لديه مقدرات كبيرة جداً، يمكنه أن يضع الاصبع في الثقب.
ومن العالم الكبير – إلينا. أحداث مثل «الكورونا» تستوجب تعاوناً بين جيران جغرافيين. ولا سيما أولئك الذين يعيشون الواحد بين ظهراني الآخر. مثل هذا التعاون يوجد بالفعل بيننا وبين الفلسطينيين، ولكن لا شك ان منظومة علاقات سياسية أفضل، كان ممكناً لها أن تضمن تعاوناً أهم بكثير. هذه لحظة سيكون من الصواب فيها إعادة النظر في الخريطة، والتفكير بحل الكونفيدرالية الإسرائيلية – الفلسطينية، التي تبرر الكفاح المشترك لإسرائيل وللدولة الفلسطينية العتيدة ضد كوارث طبيعية من أنواع مختلفة هو أحد المواضيع المركزية لقيامها.

 عن «إسرائيل اليوم»