كورونا لن يهزم "الوباء الانقسامي الفلسطيني"!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 لا حديث فوق كوكبنا الأرضي سوى هذا الفايروس، الذي أطل فجأة دون أي مؤشرات إنذارية، كورونا حضر ولا زال الخطر رقم واحد عالميا، وأزاح من طريق المنافسة كل كوراث أخرى.

وللمرة الأولى منذ زمن بعيد، تنكسر حركة "العداء السياسي" بين مختلف دول العالم وتنكسر الجغرافيا السياسية من أجل تقديم ما يمكن تقديمه مساعدة وخبرة ومالا ومعدات، "وحدة إنسانية" فريدة هي الوجه الآخر لهذا "الخطر الكوروني"، وتبرز الصين وروسيا كأكثر دول العالم جاهزية لمساعدة الآخرين، وكأن "القدر" يعيد رسم ملامح التشكيل الكوني أسرع كثيرا مما توقع بعض خبراء التنجيم السياسي.

الصين كشفت وجها لدولة عظمى بالمعني الحقيقي، ولم يقف العالم أمام محاولات البعض الكاره للتجربة الصينية بمحاولة ربط تلك النجاحات بجانب "الاستبداد"، ومتجاهلين قوة خارقة ليس في تقديم العزل بل في تقديم الخدمة العلاجية، وليس وصول وفود منها الى إيطاليا سوى نموذج جديد، ولا نعتقد ان "الاستبداد" هي النصيحة التي ستقدم للطليان وبلدهم الغارقة بذلك الفايروس، بل خبرة علمية مهنية باتت ملكها.

وروسيا، من يراقبها تلمس وكأن الخطر ليس له صلة بها، رغم وقوع عدد من الإصابات، لكنها تتصرف بهيبة الكبار السياسيين، نقيضا لأمريكا، التي أدت تصرفات رئيسها ترامب، أن تظهر كدولة فاقدة لكل مظاهر "الدولة العظمى"، وأن قوة الاقتصاد القائمة على سرقة اقتصاديات العالم، لم تكن كافية لتغطية عورات الجسد الأمريكي، حتى أن حاكم ولاية نيويورك اخذ يصرخ وكأنه من بلد فاقد الحول والقدرة، بينما نفذ حاكم كاليفورنيا وولايات أخرى حجرا صحيا عاما، دون انتظار قرار مركزي.

فيما كشفت "الغزوة الكورونية"، كم ان الديكتاتورية عنصرا كامنا في دولة الكيان الإسرائيلي، ليس ضد شعب فلسطين، أرضا وهوية فقط، بل داخل نظامهم السياسي عندما يقف نتنياهو رئيس الحكومة المؤقت ومعه رئيس الكنيست من حزبه، لتحديا علنا قرار محكمة عليا، ومرقب دولتهم القانوني، رفض عقد الكنيست (ربما استفاد من الدرس العباسي) ما لم يضمن عدم تغيير الرئيس الحالي (إدلشتاين)، وتركيب لجان المجلس وفقا للأغلبية "اليهودية"، وتجاهل ثالث كتلة برلمانية غالبيتها من أبناء فلسطين الأصليين، وشن نتنياهو هجوما نادرا ضد مراقب دولته، بعد أن نشر تقرير فضح فيه عدم الاستعداد الحقيقي لمواجهة الخطر الكوروني.

نعم، يمكن اعتبار ما سبق "فوائد عرضية" وقد تكون جوهرية لاحقا، لهذه الغزوة الجرثومية، أي كان مصنعها، ولكن المفارقة الأكبر التي أوضحها هذا الخطر، انه لا يوجد قوة فوق الكوكب الأرضي قادرة أن تهزم "وباء الانقسام الفلسطيني"، وأكد سلوك طرفيه أنهما عصيان على الإصابة به، أي كانت درجاته، بل وثبت ان لهما قدرة على ردعه.

سلطتان، حكومتان ورئيس يتحدثون عن منجزاتهم في العمل "المبكر" لمواجهة كورونا، دون ان يتذكر أي منهما أن هناك وباء أكثر خطورة على فلسطين، سبق ظهور هذا الفايروس الكوروني بسنوات، وبالأدق قبل 13 عاما، لم يتمكنا من علاجه رغم أنه الوباء الذي يهدد ليس افرادا واقتصادا، بل هوية وطن وهوية شعب ومستقبل سياسي، هو الخدمة الكبر للعدو القومي.

وتبلغ حركة الاستخفاف بالشعب الفلسطيني، الذي وصفه الشهيد الخالد المؤسس ياسر عرفات بـ "شعب الجبارين"، بطرفي نشر الوباء بانهما يتحدثان عن منجزاتهما لمواجهة الخطر الكوروني بنطاقهما المسموح لهما به، وكأن الجزء الآخر من بقايا الوطن والشعب ليس ضمن تفكيره.

كورونا وباء له نهاية طال أم قصر وعلاجه ليس ببعيد، ولكن وباء الانقسام الفلسطيني الذي ينهش جسده الشعب بات مرضا طاعونيا كورونيا لا مجال لعلاجه سوى بعمل استئصالي لمسببه بشكل شامل.

هل يبدأ أهل فلسطين بالاستعداد لعلاج ما هو أخطر من فايروس طارئ لحماية ما تبقى لهم من حقوق وطنية...تلك هي المسألة.

ملاحظة: لم يكن لائقا أن يخرج الحية ليفتخر بإنجازات حماس لمواجهة كورونا ويتجاهل فضائح الحجر الصحي وصراخ العشرات منهم...ليته يعود لمتابعة الأخبار قبل ساعات من نزول السنوار مع جرافات القسام ليعرف الحقيقة التي تجاهلها!

تنويه خاص: نناشد الرئيس محمود عباس مع آلاف من أهل فلسطين أن يتنازل عن جبروته الفردي ويعيد للمحرومين رواتبهم...كيف لك ان تفتخر بإنجاز ضد كورونا وزوجة شهيد تترجاك صرف راتب زوجها..كيف يا سيادة "القائد العام"!