طرح جيش الاحتلال "الإسرائيلي" خلال المداولات التي عقدها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، حول مواجهة انتشار فيروس "كورونا"، سيناريو "نهاية العالم" في حال انتشر الفيروس بقطاع غزّة.
وعبّرَ مسؤولون أمنيون إسرائيليون عن قلقهم من احتمال انتشار كورونا في القطاع، بعد الإعلان عن إصابة 9 أشخاص بالفيروس، حيث يأتي هذا القلق بسبب معاناة جهاز الصحة في القطاع من نقص هائل بالقوى العاملة والمعدات، إضافةً إلى الوضع الصحي المتردي، بسبب الحصار الإسرائيلي على القطاع المتواصل منذ سنوات طويلة.
وحسب المعطيات التي ذكرتها الصحيفة، فإنّه يوجد في قطاع غزة، الذي يسكنه مليونا نسمة، ثلاثة آلاف طبيب، بينهم 700 ما زالوا في مرحلة التدريب، و4000 ممرضة و450 صيدلياً. كما أنّ عدد العيادات حوالي 200، وربعها حكومية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ احتياطي الأدوية في غزّة هو نصف الكمية المطلوبة، حيث يوجد في القطاع 85 جهاز تنفس اصطناعي، بينها 20 جهازاً مخصصاً للأطفال وليس ملائماً للكبار. لكنّ المسؤولين في جهاز الصحة في القطاع يقولون إنّ هذه الأجهزة ليست ملائمة مرضى الكورونا، لأنّها مبنية بشكل أن الهواء الصادر عن المرضى يخرج إلى فضاء الغرفة.
ووفقاً للمحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، فإنّ نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، استمعا أكثر من مرة، الأسبوع الماضي، لتقارير استعرضها جهاز الأمن وتحدثت سيناريوها قاتمة جداً بشأن التطورات في قطاع غزة. وقالت التقارير إنّ "غزة تبدو اليوم كبؤرة محتملة لانفجار عنيف في الأمد القريب، وبشكل أكبر من الجبهة الشمالية. وسلم التهديدات تغير: غزة أولا".
وكتب فيشمان، اليوم: "الصورة التي يرسمها قادة جهاز الأمن أمام المستوى السياسي تكاد تكون نهاية العالم. وغزة موبوءة بكورونا، قد تتسرب إلى إسرائيل بحجم لم نشهد مثله حتى الآن. وتتحدث السيناريوهات عن إمكانية إطلاق قذائف صاروخية وقذائف هاون من أجل إرغام إسرائيل، والعالم عملياً، على توفير دعم صحي ولوجيستي للقطاع، لأنّ حكومة حماس لن تكون قادرة على مواجهة الوباء عندما ينتشر".
وأضاف أنّ إطلاق القذيفة الصاروخية، ليلة الجمعة، هي "تذكير للضغط المحتمل على سكان جنوب إسرائيل، الذين يتواجدون في حجر صحي أيضاً ويتعين عليهم الامتناع عن الازدحام في مكان صغير ومغلق. والسيناريو الأكثر إشكالية يصف وضعاً تجري فيه حشود من سكان غزة باتجاه السياج الأمني من أجل إنقاذ حياتهم. ولا يدور الحديث عن متظاهرين عنيفين يطلق (قناصة) الجيش الإسرائيلي النار على ركبهم من أجل لجمهم. وإنما هؤلاء آلاف الأشخاص اليائسين، ولا أحد يعلم عدد حاملي المرض بينهم، ويسعون إلى الهروب من غزة بأي ثمن".
وتابع: "لا توجد شرعية، داخلية أو دولية، لإسرائيل بلجمهم بالقوة، التوصيات التي قدمها الجيش للمستوى السياسي تقضي بقيام إسرائيل بأنشطة في الحلبة الدولية، هدفها التوضيح لأمم العالم التعقيدات الإنسانية والأمنية للوضع في القطاع، وأن تجند منذ الآن مساعدات دولية لغزة من أجل منع تفجر الأزمة".
وتُشكل هذه التوصيات محاولة لتهرب إسرائيل من واجباتها كدولة تواصل احتلال قطاع غزة بواسطة الحصار الخانق الذي تفرضه. وأشار فيشمان إلى المعونات التي يتلقاها القطاه رمزية جداً، وإلى جانب المنحة المالية التي تقدمها قطر، بمبلغ 25 مليون دولار شهريا، وتعهدها بمواصلة تقديمها في الأشهر الستة المقبلة، وتشكل مساعدة اقتصادية بالأساس، نقلت منظمة الصحة العالمية معدات طبية بحجم يشكل "نقطة في بحر احتياجات غزة".
ويتحدث قادة الجيش الإسرائيلي عن وجود "فرصة" في الوضع الحالي، وفقاً لفيشمان، وأنّه "إلى جانب التهديد من جهة القطاع، يوجد احتمال أيضاً لإرساء علاقات مختلفة مع حماس، على خلفية التعاون الإنساني وتعلق غزة المطلق بإسرائيل من أجل لجم كورونا. واحتمال حدوث تحول في نظرة حماس العملية إلى إسرائيل ليس كبيراً، لكنه موجود".
ولفت فيشمان إلى انحصار العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا، وأنّ حزب الليه ملجوم، في زمن الكورونا. وخلص إلى أنه "في الضفة، إسرائيل والسلطة الفلسطينية تتعاونان بشكل كامل. فإذا بقينا مع غزة. والمصلحة الإسرائيلية هي بالسماح لغزة بالحفاظ على نفسها خارج موجة الكورونا. وإلا سنجد نفسنا في مشهد مختلف".
وعلى صعيدٍ آخر، أرسل الجيش تهديدات عبر وسطاء إلى حركة حماس في قطاع غزة، عقب إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع تجاه جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة الجمعة الماضية، مشيرًا إلى أنّ أي محاولة لإطلاق قذائف صاروخية سيرد عليها بصورة "غير تناسبية".
وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم: "إنّ حماس بعثت أمس رسالة إلى إسرائيل، عبر وسطاء، قالت فيها إنّها ليست مسؤولة عن إطلاق القذيفة الصاروخية".
وأوضحت أنّه في الجيش مقتنعين أنّ الحركة فوجئت بإطلاق القذيفة، ورغم ذلك، هاجمت طائرة ودبابة إسرائيليتان مواقع لحماس في شمال القطاع، "بهدف التوضيح أن إسرائيل لن تتردد بالرد على إطلاق نار باتجاه أراضيها، حتى أثناء أزمة الكورونا".
وأشارت إلى وجود تفاهم بين المستويين السياسي والأمني في إسرائيل، بأنه ينبغي فعل كل شيء من أجل منع تصعيد مع قطاع غزة، "يضع إسرائيل في وضع إشكالي فيما هي تحاول لجم انتشار الفيروس في أراضيها".
وبيّنت أن جهاز الأمن الإسرائيلي يرصد جهداً في قطاع غزة أيضاً لمنع تصعيد، من خلال نشر حماس قوات على طول السياج الأمني المحيط بالقطاع، ورفعها لحالة التأهب "بهدف منع الجهاد الإسلامي وتنظيمات متمردة من محاولة استهداف جنود إسرائيليين".