نتنياهو انتصر واليمين خسر!

حجم الخط

بقلم: نافا درومي


مشاعر الغضب، التي يوجهها اليسار لبني غانتس، مبالغ فيها، حتى أنه لا أساس لها، لا سيما اذا كان لهذا اليسار أجندة اخرى، باستثناء «فقط ليس بيبي». لأن الحكومة الجديدة المتبلورة في الوقت الحالي ليست حكومة يمينية، بيقين ليس مثلما تخيل اليمين. هذه حكومة تعكس حقيقة أن بنيامين نتنياهو قد انتصر، ولكن اليمين خسر. هذه حكومة صحيح أنها ترفع غيمة القوانين الشخصية التي تحوم فوق رأس نتنياهو، لكن في المقابل تبدد الغيوم الثقيلة من فوق رأس المعسكر الوطني.
توزيع الحقائب بين كتلة اليمين و»ازرق ابيض» بصيغته المصغرة ودون «يوجد مستقبل»، غير متساو بشكل جوهري. بالنسبة لحجمه ولقوته، غانتس عقد صفقة جيدة جدا. لقد حصل على حقيبة العدل، التي اوضح الصراع بين المحكمة العليا ويولي ادلشتاين بشكل جيد لماذا هذه الحقيبة هي أهم الحقائب، ما يعني  أن نتنياهو استسلم حتى في هذه الجبهة الحاسمة.
لذلك، من الصعب توقع كمية السم وخيبة الأمل التي تغرق في الوقت الحالي مصوتي «ازرق ابيض» واليسار مؤخرا دون التساؤل: ما الذي يصدمهم جدا؟ غانتس عقد صفقة ممتازة حسب رأيه. هو بالطبع عرف جيدا ما الذي ينتظره في المعسكر الذي وقف خلفه، وتطلع الى دفعه الى حكومة اقلية بدعم «القائمة المشتركة»، لكنه ايضا يعرف جيدا أن الانضمام الى حكومة برئاسة نتنياهو في هذه الظروف يخدم معسكره بصورة اكثر نجاعة بكثير.
فشل اليمين كبير: عضو الكنيست حيلي تروف، الذي تم إعداده لحقيبة العدل، بالتأكيد لن يناضل من اجل جهاز قضائي نزيه ومهني مثلما ناضل امير اوحانا. غابي اشكنازي، الذي بلور جيشا يضبط نفسه، لن يحارب ضد اليساريين الفوضويين ولن يقوم ببناء حي يهودي في الخليل مثلما فعل نفتالي بينيت. واذا كان الامر يتعلق بميكي حيموفيتش، فهي كانت ستبقي الغاز ومليارات الدولارات مدفونة تحت الارض.
هذا ليس لأنه لا توجد للحقائب الاخرى المعروضة على من انضموا – التعليم والثقافة والصحة والزراعة والمواصلات – اهمية جماهيرية أو فائدة سياسية. بتسلئيل سموتريتش كوزير للمواصلات نجح ايضا في أن يستثمر في الاستيطان في «يهودا» و»السامرة» من خلال شق الطرق وتطوير البنى التحتية وتحسين مكانته الشعبية. وظيفة وزير المالية يمكن أن تبني وتدمر سياسيين (بالاساس تدمر). بنيامين نتنياهو أوصلته هذه الوظيفة الى رئاسة الحكومة، أما موشيه كحلون فقد دمرته. مع ذلك، توزيع الحقائب ظلم لليمين. وأكثر من كل شيء، يبدو أن نتنياهو قد اشترى بقاء حكمه بثمن باهظ جدا. ربما هذا يتعلق بالاتهامات الموجهة اليه، وربما هذا لأنه ليس يمينيا حقيقيا. في نهاية المطاف، البعد الأيديولوجي بينه وبين «مباي» اصغر مما اعتيد الاعتقاد. يعارض نتنياهو المستوطنات ويؤيد السلام (خطاب بار ايلان) ويعارض الاضرار بالمحكمة (رغم تحريض اليسار بهذا الشأن).
باستثناء الحكومة الاخيرة، فإن نتنياهو دائما فضل ائتلافات معتدلة. وليس صدفة أنه في العام 2009 أدخل تحت جناحيه ايهود باراك، وفي 2013 اعطى وزارة العدل لتسيبي ليفني. وقد حافظ على الجهاز القضائي جدا، وسيواصل القيام بذلك مع غانتس ايضا. وبخصوص الضم الذي احتفل به نتنياهو وترامب قبل بضعة اشهر، يبدو أنه لا حاجة الى التوسع في ذلك. اليسار، الذي يلهج بالحديث ويصرخ وينقض ويتذمر ويحتدم، معتاد على ذلك. ولكن في السطر الاخير، يجب عليه أن يكون راضيا، نتنياهو انتصر، لكن اليمين خسر.

عن «هآرتس»