قمة نتنياهو ـ بوتين: الفرص والمخاطر

20152209075204
حجم الخط

بقلم: البروفيسور إيال زيسر
قرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الإمساك بالثور من قرنيه والسفر الى روسيا، بمرافقة رئيس الاركان ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية من اجل الالتقاء مع الرئيس بوتين، هو قرار صحيح رغم التوتر في الحرم والقدس. ليس بالضرورة أن يكون الامر الاكثر الحاحا واشتعالا هو الاهم والاكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية بعيدة المدى. في نهاية المطاف فان مفتاح علاج العنف الفلسطيني في القدس يوجد لدى اسرائيل. وكل ما هو مطلوب الصبر وعدم التسامح والتصميم وعدد من الاجراءات التنفيذية والقضائية لمواجهة التحريض، الذي يرافقه الاخلال بالنظام من الشباب في شرق القدس.
الامر ليس كذلك على الجبهات الاخرى، في الجنوب على حدود قطاع غزة، وبالذات في الشمال على الحدود مع سورية ولبنان. فهناك اسرائيل هي واحدة من عدد من اللاعبين، والمبادرة ليست بيدها، وكذلك مفتاح الحل والهدوء.
كما هو معروف طرأ تطور في الجبهة الشمالية مع ازدياد التدخل الروسي في سورية، وفي أعقاب ذلك ايران ايضا. هذا التدخل يضمن بقاء بشار الاسد على كرسيه ويمنحه هو وحليفه «حزب الله» الثقة بالنفس، هذه الثقة التي غابت بفعل الانجازات العسكرية لتنظيم داعش والجماعات الاسلامية الراديكالية الاخرى في ميادين المعارك في سورية.
بدل خوف إسرائيل من صعود «داعش» في سورية، أصبح الخوف الآن من انشاء «سورية صغيرة» تحت سيطرة بشار الاسد، ولكن بتواجد إيراني فعال وكذلك «حزب الله». والأمر الأخطر هو أن يتمتع كل من الاسد وايران و»حزب الله» بالمظلة الروسية، الامر الذي قد يساهم فيه ايضا الأميركيون، كما في العراق، فان من شأنهم التنازل عن المبادئ من اجل محاربة «داعش»، بل والتسليم بوجود مقاتلين ايرانيين ومقاتلي «حزب الله» الذين يقاتلون «داعش» على الأراضي السورية.
تهديد رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في الاحياء العربية في القدس لا يشبه تهديد عشرات آلاف الصواريخ المتطورة لدى «حزب الله»، والضرر الذي قد يتسبب به على طول الحدود في هضبة الجولان للخلايا الارهابية التي تحركها ايران. إن التواجد الروسي في سورية قد يلحق الضرر بقدرة اسرائيل على العمل بحرية ضد هذا التهديد، وقد يشجع العمليات الارهابية الخطيرة.
لكن التواجد الروسي يحمل ايضا الفرصة وليس فقط الخطورة، حيث إن روسيا قد تكون عامل تهدئة، لأن بشار يحتاج الى بوتين مثلما يحتاج الى ايران و»حزب الله». وبوتين هو الذي منع اتخاذ خطوات أو قرارات في الساحة الدولية ضد سورية، وهو الوحيد الذي يستطيع ردع الغرب عن خطوة كهذه. أيضا خلافاً لإيران و»حزب الله»، هو لا يريد أن يصبح زعيم سورية ويغير وجهها، ولا يريد أن تصبح سورية شيعية مثل إيران. كل ما يريده بوتين هو الحفاظ على مصالحه وضمان مناطق سيطرة عسكرية لجيشه، ومن هذه الناحية فهو شريك مريح لبشار، وأخيرا توجد لبوتين علاقات مباشرة مع واشنطن والقدس.
يمكن الحديث عن هذه الامور وغيرها مع الروس. مثلا كيف يمكن الحفاظ على قدرة الحركة لاسرائيل في سورية التي لا تهدف الى اسقاط نظام الاسد، وهذا الامر يعرفونه في دمشق وموسكو. أو كيف يمكن كبح قوات ايران و»حزب الله» في سورية وضمان عدم تهديدها لاسرائيل.
المفارقة هي أن روسيا، على ضوء الضعف الاميركي، تتحول الى لاعب مهم يستطيع الربط بين الاطراف، الامر الذي كانت واشنطن فقط تستطيع عمله في السابق. علاقة موسكو الجيدة مع القدس وطهران ودمشق، ومؤخرا مع الرياض والقاهرة، تمنحها الفرصة لتلعب دورا ايجابيا كوسيط يضمن الاستقرار والهدوء. مطلوب من نتنياهو تفسير كل ذلك لبوتين.

عن «إسرائيل اليوم»