صـفـقــة تـبــادل الأســرى فـــرصــة ذهبية لا ينـبـغـي إضـاعــتــهــا

حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور



من المشكوك فيه أن يكون في إسرائيل اليوم محفل سياسي أو أمني رفيع المستوى، ذو صلة بشؤون غزة، لا يعتقد أنه توجد الآن لحظة مناسبة نادرة، قد تكون لمرة واحدة، للوصول الى تفاهمات وتسويات مع «حماس»، بما في ذلك في مواضيع بدت حتى وقت أخير غير قابلة للحل.
ليست هذه محبة مفاجئة لمردخاي وقعت على قيادة «حماس»، بل براغماتية صرفة. غزة في ضائقة غير مسبوقة. خطوة ونصف عن الهوة. الوضع الاقتصادي سيئ، اقتصاد الطاقة منهار، الصحة العامة لا تخضع لأي رقابة. وإلى كل هذا أضيف «كورونا»، الذي يهدد سكان القطاع، لعلمهم بالجهاز الصحي الفاشل وعديم الوسيلة الذي يفترض أن ينقذهم من الوباء.
في آب ستكتمل ست سنوات على نهاية حملة «الجرف الصامد». بدأت «حماس» القتال، على أمل أن ينقذها من الضائقة. فقد اعتقدت أن العالم (الغربي واساسا العربي) سيستيقظ، فيتذكر الغزيين المحاصرين، ويمد لهم يد العون. في حينه تلقت «حماس» وعوداً بلا نهاية، أما تحقُّقها فكان صفرياً. «داعش» وإيران احتلا العناوين الرئيسة، وعادت غزة الى مشاكلها: بلا مستقبل، بل أمل، بلا حلم، بالضبط مثلما أنشد زوهر ارغوف في «العزلة» المجهولة. لثلاث سنوات ونصف قعدت «حماس» بهدوء، على أمل أن يمد أحد ما لها يداً. وكانت لإسرائيل في حينه غير قليل من الفرص لعمل ذلك، ولكنها فوتتها جميعها. وبدلاً من استغلال الهدوء التام الذي حققته «الجرف الصامد» للوصول الى توافقات ما، تبدّد عبثا. واصل الوضع في غزة التدهور، وملت»حماس»؛ قبل سنتين – في يوم الأرض 2018 – بدأت بــ «المظاهرات الشعبية» على الجدار، والتي مثلت استئنافا للكفاح العنيف ضد إسرائيل.
في السنة الماضية، ساعدت إسرائيل «حماس» على النزول عن شجرة التظاهرات. أحيانا بالجزر (لإسرائيل دور مركزي في اقناع حكومة قطر بتحويل تمويل شهري ثابت لـ»حماس»)، وأحيانا بالعصي (آخرها تصفية مسؤول «الجهاد الإسلامي»، بهاء ابو العطا، في تشرين الثاني من العام الماضي). وبين هذا وذاك أدار الطرفان مغازلة طويلة، بوساطة مصرية، في محاولة للوصول الى التفاهمات – شيء ما يتراوح بين «التسوية» التي ارادها الفلسطينيون، و»التهدئة» التي بحثت عنها إسرائيل.
الفجوة بين الطرفين ليست في الدلالة اللغوية. فإسرائيل مستعدة لتقطع كل الطريق الى «تسوية» – تتضمن ترميما عميقا للقطاع واقامة بنى تحتية واسعة، بما في ذلك خيار الميناء والمطار – ولكنها تطالب بالمقابل بتجريد القطاع من السلاح وبتسوية موضوع الأسرى والمفقودين. «حماس» غير مستعدة لتسمع عن الشرط الاول، وألصقت شارة ثمن متعذرة بالثاني.
اما الآن، في ظل «كورونا»، فقد تغير شيء ما في غزة. «حماس» مستعدة للحديث. وهي براغماتية أكثر. وكما نشر، أول من أمس، في «إسرائيل اليوم»، ففي القيادة السياسية الأمنية يعتقدون بانه توجد، الآن، لحظة مناسبة نادرة للوصول الى صفقة تعيد الى الديار جثماني الجنديين في الجيش الإسرائيلي، هدار غولدن واورن شاؤول، والمواطنين ابرام منغيستو وهشام السيد. لن تتم صفقة كهذه بالمجان. يمكن أن ننسى ذلك. فهي ستتطلب تنازلات من إسرائيل ايضا، بعضها أليم. سجناء سيتحررون. معظمهم كبار في السن ومرضى، ولكن «حماس» تصر أيضا على تحرير كامل لكل محرري صفقة شاليت، ممن اعتقلوا من جديد في السنوات الأخيرة. في موعد ما قريبا سيصل هذا الى الحسم. في الجيش وفي المخابرات الإسرائيلية يعتقدون بأن هذه فرصة ذهبية لحسم ليس فقط هذا الموضوع، بل أيضا لخلق جسر مهم مع «حماس». إذا ما تمكنت إسرائيل من أن ترفق بهذا أيضا مساعدة إنسانية وطبية سخية ضد «كورونا» فان الأفق لاتفاق أوسع بكثير مفتوح.
هذا لا يعني أن «حماس» ستنضم الى الحركة الصهيونية. ولكنها تخاف من الوباء، وتخشى من أنه في ظل الوضع الاقتصادي سيخرج الجمهور الغزي الى الشوارع. ولهذا فتوجد أمامها لحظة مناسبة - نافذة فرص – من المجدي استغلالها. إذا ما طُرق الباب هذه المرة ايضا، فان «حماس» لن تتردد في الخيار بين حكمها وبين أمننا، ستختار الأول. وبغياب التقدم، فإنها ستستأنف النار على إسرائيل.

 عن «إسرائيل اليوم»