بقلم: اوري مسغاف
الاتفاق الائتلافي، الذي تم التوقيع، الليلة قبل الماضية، هو جريمة كراهية ضد الديمقراطية في إسرائيل. هذه هي الساعة الأصعب، التي لا تقل في معناها الاستراتيجي عن قتل اسحق رابين. كان قتل رابين اغتيالاً من قبل شخص منفرد، تم تحريضه وتزويده بفتاوى دينية، ضد رئيس حكومة منتخب. حكومة الفساد الوطنية، التي تم الاتفاق عليها، أول من أمس، هي اغتيال للديمقراطية ولطريقة الانتخاب التمثيلية، وبالطبع لسلطة القانون.
هناك فرق ايضا في هوية المغتالين. هذه المرة لا يدور الحديث عن طالب يعتمر القبعة، بل عن رئيس اركان ورئيس حزب العمل، اللذين يقودان خلفهما عصابة سارقين للمقاعد. مليون ونصف إسرائيلي ساروا مضللين خلف تعهدات صريحة ومكررة لهذين الحزبين، واكتشفوا، أول من أمس، أنهم فعليا اعطوا أصواتهم خلافا لذلك تماما: ترسيخ حكم بنيامين نتنياهو، الذي محاكمته بتهمة الرشوة والخداع وخرق الثقة من شأنها أن تبدأ في الشهر القادم بعد أن تم تأجيلها بفضل «كورونا».
يشكل الاتفاق خنوعا مطلقا لمصالح المتهم في المجالين الوحيدين اللذين شغلاه حقا. الاول هو استمرار حكمه وضمان التمويل العام الكامل لمنازله في القدس وقيصاريا اللذين يستمتع فيهما هو وعائلته. اضافة الى خدمات الحماية والنقل والمطاعم والسفر الى الخارج عندما سيتم تجديد ذلك (قريبا يتوقع أن يدخل الى الشرعية ايضا الطائرة التي ارتفعت تكلفتها الى نحو مليار شيكل).
المجال الثاني والاكثر الحاحا منذ بداية التحقيقات مع نتنياهو هو المجال الجنائي – القضائي. هنا حقق المتهم سيطرة مطلقة على لجنة تعيين القضاة. وحق الفيتو على تعيين المستشار القانوني للحكومة والمدعي العام القادم للدولة. وهما رئيسا النيابة في إسرائيل، أي من هما الأمينان على اتخاذ القرارات خلال ادارة محاكمته وكذلك على فتح تحقيقات محتملة ومحاكمات مستقبلية (أسهم الفولاذ، قضية الغواصات، التحري خلف «أزرق - أبيض» واختراق هاتف بني غانتس). عندما يكون هذا هو الوضع فليس هناك أي معنى لوضع وزارة العدل في أيدي رجل أعمال رمادي مثل آفي نسنكورن.
في مقابل هذه الهدية كان نتنياهو على استعداد ليدفع بسخاء غير مفهوم. مجموعة المنشقين التابعة لغانتس وعمير بيرتس، 19 عضو كنيست، ستحصل على 16 وزارة، بما في ذلك وزارات ايديولوجية وحاسمة كما يبدو مثل الدفاع والخارجية والعدل والاعلام والثقافة. هذه الوزارات مهمة فقط ظاهريا لأن نتنياهو عود الدولة في السنوات الاخيرة على سلطة مركزية، تقريبا ملكية، وتبين أصلا منذ مرحلة المفاوضات أنه يوجد امامه خرق بالية ليس لديهم نزاهة أو عمود فقري، فبعد أن خانوا كل تعهداتهم وقيمهم وناخبيهم لم يعد لديهم أي مكان يتدهورون اليه.
النتيجة هي حكومة مضخمة فيها 36 وزيرا، تشكل صفعة في وجه مليون عاطل عن العمل وفي وجه مواطني إسرائيل المتعبين والمذعورين بسبب «كورونا». وكأنه من اجل أن يلف الإصبع في العين اكثر تم ضمان مكان في الحكومة حتى لرائدة المنشقين، اورلي ابكاسيس، على حساب نصيب وزراء «الليكود».
من اجل ضمان سلطة الفرد ومنع اشراف برلماني على حكومة الفساد والمتهم الذي يترأسها تم الحفاظ على جميع لجان الكنيست المهمة في ايدي حزبه، بما في ذلك لجنة «كورونا». الصحة مسجلة في «الطابو» لدى يعقوب ليتسمان الذي لا يعمل.
لا يوجد في هذه الحكومة أي رد على «كورونا»، لا طوارئ ولا وحدة. أجل توجد فيها بشرى لضم محتمل لغور الاردن ومناطق ج، وكأن المكانة السياسية أو مصير سكانها اليهود والفلسطينيين فيها يهم أي أحد في الوقت الحالي، سوى عدد من النشطاء السياسيين في اللوبي الاستيطاني. حتى هنا استسلم رؤساء الاركان من «أزرق - أبيض» دون معركة.
هذه حكومة إثم ولدت بالخطيئة وهي تقرب إسرائيل بخطوات سريعة الى وضع «الديمقراطيات الشعبية» التي نمت في اوروبا في القرن الماضي. هكذا بالضبط تنتحر الديمقراطيات. وللاسف الشديد، لن يكون هناك مناص من أن نخضع هذا الانتحار لامتحان المحكمة العليا.
عن «هآرتس»