كتابات على هامش زمن الـ"كورونا" (2)

حجم الخط

بقلم ناصر القدوة

 

"كورونا" المستجد في بلادنا
مع تجاوز منتصف شهر شباط بدأت حالات الإصابة بفيروس كورونا تزداد عدداً وخطورة، وبدأت بعض الدول في اتخاذ إجراءات للحد من انتشاره بما في ذلك القيود على الدخول والخروج من أراضيها. وفيما يتعلق بمؤسسة ياسر عرفات، بدأت الأسئلة حول تمكنها من عقد اجتماع مجلس أمنائها في موعده في 5 آذار، وساهم في زيادة أهمية النقاش بعض الاعتذارات المتأخرة والتي بدت أن لها علاقة بـ"كورونا" المستجد. جرى نقاش حول موضوع تأجيل الاجتماع مع رئيس مجلس الأمناء عمرو موسى والذي لم يكن سلبياً تجاه الفكرة، وجرى أيضاً نقاش مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي بدا أنه أكثر تفهماً للفكرة. كذلك تم إجراء نقاش مع بعض أعضاء مجلس الإدارة. لم يكن هناك إجماع ولكن كانت هناك أغلبية واضحة لصالح التأجيل. وقتها تم اتخاذ قرار التأجيل وتم الإسراع بإبلاغ الأعضاء في نفس اليوم الخميس، حتى لا ندخل في عطلة نهاية الأسبوع. تم إذاً إبلاغ جميع الأعضاء بقرار تأجيل الاجتماع يوم الخميس الموافق 27 شباط. بعد قرار التأجيل بدا أنّ كلّ أعضاء مجلس الأمناء سعداء بتجنب أي مخاطر ورحبوا بالتأجيل وليس فقط أولئك الذين اقترحوا أو رغبوا بذلك. على المستوى الشخصي الزوجة والابن لم يكونا سعيدين بقرار إلغاء السفر إلى القاهرة، خصوصاً الابن الذي كان قد اشترى تذكرة سفره، وإن كانت الشركة قد أعطته حق استخدامها لعام قادم. عموماً، تغير الموقف الشخصي بعد عدة أيام. بعد عدة أيام أيضاً، قام أبو الغيط بزيارة خاطفة إلى الجزائر أعلن خلالها تأجيل القمة العربية المقررة في نيسان. عندها ازداد شعور القلق وبدا أننا جميعاً متجهون لما هو أخطر.
بشكل مفاجئ، وكأن صاعقة انقضت على الأراضي المقدسة، ووسط حالة من التوتر والفوضى، ظهرت حالات "كورونا" في بيت لحم يوم الخميس الموافق 5 آذار، وتحديداً نتيجة انتقال العدوى من سياح يونانيين أقاموا في فندق "إينجل" في بيت جالا. اتخذت الحكومة إجراءات فورية بإغلاق الفنادق ومنع الدخول إليها والخروج منها وأخذت العديد من العينات للفحص، ثم تم إغلاق المنطقة بشكل عام. بعض الخبثاء من العالمين ببواطن الأمور قال، إن الجهات الإسرائيلية هي التي حضرت إلى الفندق بعد إبلاغهم من قبل سياح يونانيين عند عودتهم إلى بلادهم وأنّ هذه السلطات هي التي أخذت العينات إلى تل أبيب، وان جيش الاحتلال هو الذي أغلق المنطقة ومنع الدخول والخروج. جزء من هذه الرواية مؤكد، على الأقل المتعلق بالإغلاق العام، وهو تعبير عن استهتار إسرائيل بالجانب الفلسطيني وعدم قدرة الأخير على فرض إرادته ومصالحه، على الأقل على مستوى التنسيق والقرار المشترك لمواجهة الحالة الصحية التي تملي على إسرائيل التعقل والتوازن. حالة الفوضى في بيت لحم استمرت عدة أيام وتعلقت عملياً بأشياء أساسية مثل توفير عينات الفحص ثم اختبارها، ومثل توفير احتياجات سكان الفنادق ثم إخلائها، ومثل توفير احتياجات أهل المنطقة بشكل عام. المفارقة كانت أنّ الفيروس اختار مكان ميلاد سيدنا المسيح ليسرح ويمرح حتى ولو كان ذلك عبر سياح أجانب.
يوم الخميس الموافق 5 آذار، قام الرئيس باتخاذ قرار بإعلان حالة الطوارئ وأصدر مرسوماً باستمرار الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً. وبالرغم من عدم وضوح المعنى الدقيق لحالة الطوارئ إلا أن شعورا بالارتياح ساد في البلاد. ظهر أنّ هناك جدية في التعامل مع الوباء واستعدادا لاتخاذ الإجراءات اللازمة، خاصة تلك المتعلقة بالسلوك البشري والاجتماعي. الحكومة قامت بعد ذلك بشكل فوري تقريباً بالإعلان عن منع التجمعات، بما في ذلك المدارس والجامعات والنشاطات الأخرى، وهو أمر تم احترامه بشكل واسع مع بعض الاستثناءات، خاصة من قبل جهات سياسية، مثل الاحتفال بخروج أسرى كما حدث في جنين، على سبيل المثال. قبل صدور المرسوم بساعات كنا نناقش مسألة إغلاق متحف ياسر عرفات باعتباره مكان تجمع مغلقا، واتفقنا على القيام بذلك يوم الأحد، بعد الاجتماع مع الموظفين وإعداد مخططات لجدول عمل بديل للموظفين. إعلان حالة الطوارئ لم يجعل الانتظار ممكنا وازداد الضغط خاصة من المقاطعة لإغلاق المتحف. على ضوء ذلك، اتفقت مع مدير المتحف على اللقاء يوم الجمعة صباحاً في المتحف لاتخاذ الخطوات اللازمة للإغلاق. اجتمعنا مع الموظفين وأصدرنا بيانا للجمهور حول الموضوع ، واتفقنا على جدول دوام مقلص وعلى الاستفادة من الوقت لإجراء بعض الإصلاحات والصيانة. وان كان الجزء الأخير لم يتم تنفيذه، بسبب ضغوط من أمن المقاطعة، تمكنا بالرغم من ذلك من الاحتفاظ بالحد الأدنى الضروري للصيانة والبستنة بعد أن اتخذنا قرار الإغلاق.
يوم الأحد الموافق 15 آذار، قمت بنقاش مع المدير العام للمؤسسة حول كيفية الاستعداد لمواجهة الأسوأ. كانت خشيتي من قدرة السلطة على دفع الرواتب والمستحقات الأساسية وهو ما يمكن أن يعني عدم تقديم الدعم للمؤسسة عبر الصندوق القومي. طلبت منه أمرين أساسيين: أولاً محاولة إعادة مبلغ مائة ألف دولار من حساب الوقفية إلى الحساب الجاري، وكنا قد استلفناها سابقاً من الوقفية بقرار من مجلس الإدارة، أي عكس ما قمنا به قبل عدة أشهر. والثاني: هو الإسهام في الحصول على قيمة عهدة جمعية القدس، التي أدارتها المرحومة خديجة عرفات، والتي كان مجلس الوزراء قد قرر بشأن منحها للمؤسسة. الهدف من الإجراءين، إضافة لما هو متوفر في المؤسسة وأرباح الوقفية، أن نقوم بتوفير مرتبات العاملين لبضعة أشهر قادمة. في النهاية، قمت بالجهد المطلوب حول عهدة الجمعية من خلال وزير المالية، الذي تجاوب معي على قاعدة قرار مجلس الوزراء. وحصلت المؤسسة بالفعل ببعض الجهد مع بنك فلسطين على المبلغين. إضافة لما سبق، اتفقنا على توفير مبلغ نقدي يحتفظ به المدير العام للطوارئ. ناقشنا أيضاً فكرة قيام موظفي المؤسسة بعملهم من بيوتهم. وفي اليوم التالي الاثنين الموافق 16 آذار، قمنا بالاجتماع مع الموظفين وأبلغناهم بالقرار. كان هناك ارتياح عام لديهم، خاصة مع تأكيد استمرار رواتبهم، البعض أظهر حرصاً على العمل وكأن الملل من الجلوس في المنزل قد بدأ بالفعل. استمر الكادر القيادي للمؤسسة بالحضور للمؤسسة لفترة محدودة يومياً خلال ذلك الأسبوع، لكن الأوضاع أصبحت ثقيلة عموماً في البلد وفي المنطقة وفي العالم.
بعض قرارات الحكومة بالرغم من الهمة التي أبدتها كانت غير منطقية، ومن الواضح مرتبطة برغبة جيراننا من الناحيتين، مثلاً، تم الإعلان عن عدم مغادرة أحد عبر الجسر. كان واضحاً أن الجهة المعنية والتي قررت هي الأردن التي كانت تريد منع الدخول إلى أراضيها وهو أمر منطقي. الأردن عموماً اتخذ خطوات أكثر حزماً من دول أخرى، مثل إغلاق الحدود ومنع التجول في بعض الفترات، ويبدو أن الأمر مرتبط بعوامل حرجة، مثل وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، وكذلك من اللاجئين العراقيين، وكون الأردن مكان عبور كل الفلسطينيين ذهابا وإيابا. ويبدو أن هذا الجزء تحديداً شكل خطرا إضافيا.
مثال آخر، كان الإعلان عن ضرورة تسوية العمال لأوضاعهم خلال ثلاثة أيام. والمؤسف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان قد أصدر صباح ذلك اليوم، أمراً تفصيلياً متعلقاً بحركة العمال، ومكملاً لإعلانهم حول منع العمال من الذهاب والإياب وضرورة بقائهم في أماكن عملهم داخل إسرائيل بضمانة المشغل لمدة ثلاثة أشهر.
مع ذلك، تعاملت الحكومة الفلسطينية بجدية مع الوباء وركزت بشكل كبير على مجال المسلك البشري أو الإنساني، أي الإجراءات المتعلقة بحركة البشر والحد منها، سواء كان ذلك بإعلان منطقة بيت لحم أو مناطق أخرى في وقت لاحق مناطق مغلقة أو تعليمات البقاء في المنازل، وإن ظهر أن التنقل بين المناطق يتم التعامل معه من قبل الأجهزة الأمنية بما في ذلك إقامة الحواجز على مداخل المدن، بشكل أكثر جدية من الحركة داخل المدن، على الأقل فيما يتعلق برام الله. أجادت الحكومة أيضاً في متابعة موضوع العمال ومتابعة موضوع القادمين من الخارج وضرورة عزلهم، وربما فحصهم أحياناً. تجاوب المواطنون مع الإجراءات وبدا أن هناك نجاحات يتم تحقيقها في حصر الوباء. كلمة خير تقال في حق عناصر الأجهزة الأمنية وأدائها هو أمر موضوعي وضروري، لأنهم بالفعل قاموا بدور جيد، أحياناً حتى دون أن تتوفر لهم أدوات الحماية الشخصية كما يجب.
المشكلة أنّ كل إجراءات الحد من الحركة من واقع تجارب الدول الأخرى. لا يعني بحد ذاته القضاء على الوباء وإنما يعني الحد من سرعة انتشاره. أي أن هذه الإجراءات المهمة تعطي الدولة مزيداً من الوقت لتجهيز نفسها وقد تمنح الوقت اللازم لحين حصول مفاجآت سعيدة مثل إيجاد علاجات جزئية أو التراجع الموسمي للفيروس. بشكل عام تستحق السلطة، بمبادرة رئيسها حول إعلان الطوارئ والتعامل الجاد مع الوضع أو إجراءات الحكومة في مجال التأثير على المسلك البشري، درجة عالية في سلم الأداء. في المجالات الأخرى الضرورية، لا نستطيع أن نقول نفس الكلام الإيجابي وتحديداً مجالي الاستعداد الطبي والاستعداد الاقتصادي. طبياً، يبدأ الأمر كما تشير التجارب الأخرى بضرورة توفير أدوات الحماية الأساسية كالكمامات والقفازات وملابس الحماية، خاصة لأفراد الفرق الطبية، وتوفير إمكانية الفحص الواسع، والمختبرات اللازمة وتوفير مراكز عزل مجهزة ومعقولة بالإضافة بطبيعة الحال لتوفير مراكز العلاج في مستشفيات جديدة أو قائمة بما في ذلك توفير أجهزة حساسة ومهمة مثل أجهزة التنفس الاصطناعي. هنا ظهرت مشكلة، وظهر واضحاً عجز النظام الصحي الفلسطيني، وتمت إضاعة وقت ثمين للتحضير، وهو تحضير لا يوفر أي نجومية إعلامية. وعندما بدأ اتخاذ بعض الخطوات للحصول على ما هو ضروري تم تحقيق نجاحات محدودة، ولكن ربما كان الوقت قد فات، وكانت المنافسة قد احتدمت بين الدول للحصول على هذه المواد. الآن، ونحن نقترب من منتصف نيسان، نأمل جميعاً أن تستمر رحمة الله وان تنجح إجراءات المسلك البشري في منع الكارثة، مثل ما حصل مثلاً في إيطاليا وإسبانيا. واضح أن ما لدينا أخف مما حدث عند غيرنا والأمل أن يستمر ذلك.
الجانب الاقتصادي أيضاً خاصة ذلك الجانب المتعلق بالتحضير بلا نجومية، بدا أيضاً أنه لم يعط الاهتمام الكامل، مع معرفتنا بمحدودية إمكانياتنا. لكن لعل هذا الضعف مع عدالة القضية يفرض على كثير من الأطراف تقديم الدعم اللازم شريطة وجود برامج وخطط وإجراءات واضحة. المشكلة البارزة هنا هي توقف العمالة عن العمل وعدم توفر إيرادات لهؤلاء ولعائلاتهم، وهو ما يهدد النسيج الاجتماعي ذاته. من الجيد أن نحاول إحضار العمال من إسرائيل، ولكن من الضروري توفير بعض الدعم لهم ليتمكنوا من الاستمرار في الحياة، لهم وللعمال الفلسطينيين الآخرين الذين توقفوا عن العمل. منع الفقر والمعاناة ليس مجرد خيار، وبصراحة لم نشهد ما يشير إلى دور حقيقي للسلطة في هذا المجال. الفلسطينيون لجؤوا كالعادة إلى الاقتصاد المنزلي وفلحوا أي قطعة أرض متوفرة لهم وهو أمر عظيم يجب تشجيعه، ولكن للأسف غير كافٍ. وليس بديلا لجهود الحكومة في هذا المجال.
المشكلة الثانية هي وضع الاقتصاد بشكل عام وتحديداً وضع الشركات الفلسطينية الصغيرة والمتوسطة، حيث بدا واضحاً أن وقف العمل يهدد هذه المؤسسات المنتجة في وجودها وإمكانية استمرارها. برزت هنا فكرة برامج ضمانات القروض، للحفاظ على هذه المؤسسات كضرورة وخطوة تتجاوز مثلاً صندوق دعم كما جرى. تجب الإشارة هنا إلى المبادرات المحلية التي قام بها شباب القرى والمخيمات وحتى بعض المدن، خاصة من حركة فتح. وهي مبادرات كان لها أهمية في مواجهة الجائحة، ولكن أهميتها الأكبر كانت إيقاظ روح المسؤولية الوطنية وواجبات الفرد والجماعة. إسرائيل لم تكن سعيدة بهذا وحاولت ضمن محددات الحركة أن تستهدف هذه المبادرات.
أما قطاع غزة فهو موضوع مختلف. سكان هذا القطاع "الملعون" وكأن أهله، قلب الوطنية الفلسطينية، يدفعون ثمنا دائما على هذه الوطنية: الفقر الواسع، وخطف "حماس" للقطاع وكل أعمالها، والحروب المتكررة التي شنتها إسرائيل، والآن "كورونا" المستجد. من سخريات القدر أن عزلة القطاع قد حمته جزئياً، بمعنى عدم قدوم أفراد من أماكن مصابة ساعد في تأجيل الوباء. لكن أفراد مجموعات متشددة قدموا من باكستان وغيرها غيروا ذلك، وبالمقابل، لم تقم سلطة الأمر الواقع باتخاذ أي إجراءات، بل رفضت وقاومت ما حاولت السلطة القيام به، بالرغم من استجابتها في أوقات لاحقة بشكل محدود. "حماس" تحاول أيضاً كبديل عن المسلك العاقل والتفاهم مع السلطة أن تتوصل لصفقة مع إسرائيل تستخدم فيها الأسرى الإسرائيليين مقابل مساعدات إسرائيلية لمواجهة الوباء. لن يكون هذا سهلاً وقد تضطر، لا سمح الله، لاختيار مواجهة عسكرية جديدة، وإن كانت إسرائيل ستحاول تجنب هذا مع كل "السفالة" التي أظهرتها في المساومة على تقديم أي مساعدة لمقاومة الوباء مقابل أسراها وجثثهم لدى "حماس".
المهم أن الوضع في قطاع غزة متروك في يد الله لأن السلطة أيضاً لم تقدم بشكل جدي ما يجب عليها تقديمه، بالرغم من بعض الخطوات المحدودة. إذا انتشر الفيروس ستكون كارثة حقيقية، وإذا لم يحدث ذلك سنكون بنعمة كبرى تثبت أن الله ساعد هذا الشعب.
يوم الخميس الموافق 3 نيسان، ظهر الرئيس في كلمة متلفزة ومختصرة ليعلن عن قرار تمديد الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً إضافية. قرار الرئيس بتمديد حالة الطوارئ كان متوقعاً، بالرغم من أن القانون الأساسي يمنع ذلك ويعطي الحق في التمديد للمجلس التشريعي الذي لم يعد قائماً. كان هناك تأييد واسع للقرار وإدراك لضرورته، لكن الغريب أنه لم يكن هناك أي نقاش حول الجانب القانوني وربما الحلول الأخرى الممكنة. تعودنا، على ما يبدو، على الحكم دون قانون ودون تشريع.
مع اقترابنا من منتصف شهر نيسان، احتدم النقاش حول ضرورة إعادة الحياة الاقتصادية ولو جزئياً، خصوصاً على ضوء ما يبدو أنه "تباطؤ" الفيروس. يوم الأحد الموافق 12 نيسان، اجتمعت لجنة وزارية من تسعة وزراء لتبحث إمكانية عودة بعض القطاعات للعمل، وقيل إن اللجنة اتفقت على خطة تدريجية في هذا المجال. في نفس اليوم، قال رئيس الوزراء، إن الوقت قد يكون مبكراً لعودة الحياة الطبيعية، واختلط الحابل بالنابل. ظهرت أفكار أخرى، على سبيل المثال خفض احتياط البنوك اللازم قانونياً من عشرة بالمائة إلى ستة بالمائة، وكان هناك بعض الشائعات عن ضغوط على رئيس سلطة النقد لإعادة الأرصدة الإستراتيجية للصندوق، وهو ما قاومه لحسن الحظ.
نحن الآن نقترب من شهر رمضان. ماذا سيكون عليه الحال؟ الناس بحاجة إلى نقود في الشهر الفضيل أكثر من غيره خاصة أولئك الذين انقطعت مواردهم. وإذا كانت الموارد الحكومية غير كافية لمواجهة كل الأعباء، أظن أن هذا وقت تقاسم العبء والتضامن والإخوة بين أفراد الشعب ويعني هذا مثلاً استقطاع نسبة من رواتب الموظفين لصالح العمال ومن انقطعت مواردهم وربما لصالح الأهل في قطاع غزة أيضاً. أظن أن جانبا مهما من الطقوس الاجتماعية خلال الشهر الفضيل لن يتحقق. أي الجانب المتعلق باللقاءات الواسعة والإفطارات العامة والتجمع لصلاة التراويح..الخ. أما الصيام نفسه وما ينطوي عليه من مشقة إضافية في هذه الظروف وربما مخاطر صحية، فأعتقد أن الأمر يجب ألا يخضع للنقاش ويجب أن يبقى بين كل إنسان وضميره وربه. وكل عام وانتم بخير.
أخيراً، أسرانا البواسل وتزايد معاناتهم في هذه الظروف والإهمال الإسرائيلي، الذي يبدو متعمداً، لاحتياجاتهم في مواجهة الـ"كورونا". لا بد من دعمهم ولا بد من الضغط على إسرائيل لإتباع نفس الإجراءات الدولية في التخفيف من أعدادهم. ربما لن يكون ممكناً تحقيق إفراجات واسعة ولكن أظنه ممكناً تحقيق درجة من الإفراج خاصة للنساء والأطفال وكبار السن وربما من قضوا معظم محكومياتهم.