بقلم: يوسي بيلين
في ختام انتخابات الكنيست الـ 22، التي أجريت في أيلول 2019، تبين ان النتائج تشبه جدا نتائج انتخابات الكنيست الـ 21. فاز "أزرق أبيض" بمقاعد أكثر من مقاعد "الليكود"، ولكن لم يكن لأي من الكتلتين 61 مقعداً لتشكيل الحكومة. ولما رفض "إسرائيل بيتنا" تشكيل حكومة بدعم من القائمة المشتركة، التي تعززت جداً، فقد كان السبيل الوحيد لمنع حملة انتخابات جديدة هو إقامة حكومة وحدة وطنية. ليس من اجل "توحيد الشعب"، ليس من أجل إنقاذ الدولة ولا حتى من أجل المكافحة المشتركة لـ "كورونا"، الذي لم يكن قد ولد بعد. ببساطة من أجل الامتناع عن الخطوة الهاذية لجولة انتخابات اخرى، زائدة وباهظة الثمن.
قرر الرئيس روبين ريفلين الدخول الى الساحة لمنع مهانة الجولة الثالثة في غضون سنة، فاقترح على الحزبين الكبيرين أن يواصل نتنياهو في منصبه سنتين اخريين، بعدهما يستبدل بغانتس حتى نهاية الولاية. ولكن اذا ما رفعت لائحة اتهام ضده، فسيعلن عن العجز، ويقوم غانتس مقامه الى أن تنتهي محاكمته (بفرض أن يبرأ، بالطبع). قبل نتنياهو "مخطط الرئيس". أما غانتس فوجد نفسه يرفض المخطط، سواء لانه لم يكن يريده حقا أم بسبب معارضة "القمرة". من جانب "الليكود"، طرحت امكانية ولاية قصيرة لنتنياهو لنصف سنة أخرى، بعدها يتولى غانتس رئاسة الوزراء (بالمناسبة، نصف السنة هذه انتهت في اذار من هذا العام). وهذا ايضا رفضه غانتس. عندما حاولت أن افهم لماذا، شرح لي بانهم في "أزرق أبيض" كانوا مقتنعين من أن نتنياهو سيجد ذريعة وطريقة للامتناع عن نقل الصولجان الى غانتس.
لا شك أن من قاد الى الانتخابات في الجولة الثالثة كان نتنياهو، الذي لم يكن مستعداً لوداع منصبه. ولكن غانتس كان بوسعه أن يمنعها – لو انه تفضل بقبول مخطط الرئيس، الذي وعده بحكومة تناوب. بدلا من أن يفهم بانه لا ضمانة لان تكرر نتائج الانتخابات للكنيست الـ 23 نفسها، وانه يجب استغلال مثل هذه الفرصة والتوصل الى تسوية تمنحه رئاسة الوزراء - حتى وان كان بوسع نتنياهو أن يحتفظ باللقب في قسم من الولاية – تمسك غانتس بالقاسم المشترك الوحيد للتجمع الذي إقامه قبل بضعة اشهر من ذلك، وهو الامتناع عن الجلوس في حكومة تحت نتنياهو (الذي وصفوه كاردوغان، ليس اقل). وهكذا سمح لنتنياهو بان يقتاده الى الخطوة المذهلة لجولة انتخابات ثالثة، بلا سابقة وبلا ظل سابقة.
في نظرة الى الوراء كان هذا تفويتاً عظيماً حتى أكثر مما كان يخيل عندما وقعت الامور. خطة ترامب، التي تسمح، ظاهرا، بضم احادي الجانب لمناطق واسعة في الضفة الغربية، في ظل تعريض إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية للخطر، لم تكن قد نشرت في حينه بعد. كل اتفاق بين "ازرق ابيض" و"الليكود" كان سيضمن فيتو متبادلاً على كل مبادرة سياسية – أمنية، ولم يكن اي احتمال لان تتحقق مثل هذه الخطوة الخطيرة.
في أعقاب انتخابات الكنيست الـ 23، الشهر الماضي، والتي لم يكن فيها ايضا حسم بين الكتلتين (ولكن "إسرائيل بيتنا" اعرب بعدها عن استعداد لاقامة حكومة ضيقة بدعم من القائمة المشتركة)، كان متوقعاً ان تجيز الاغلبية في الكنيست سلسلة من القوانين التي تضمن، ضمن امور اخرى – تمهيدا للانتخابات التالية – بان رئيس وزراء تكون ضده لوائح اتهام لن يتمكن من مواصلة مهام منصبه. قانون آخر تناول فكرة أن من توجد ضده لائحة اتهام لن يكون بوسعه ان يكون نائبا في الكنيست. في هذا الوضع كان سيتبين لنتنياهو أن جولة انتخابات اخرى ليست واقعية من ناحيته، وما كان يمكنه أن يملي شروطا تعسفية على غانتس. وبدلا من أن يقود خطوة كهذه، وجد نفسه في منصب رئيس الكنيست، ومنع التشريع.
كمفوت منتظم للفرص، ساهم غانتس، هذا الأسبوع، في كل ما لا يؤمن به: التضييق على خطى المحكمة العليا، والسماح بضم كارثي في الضفة الغربية، ومنع ممثلي المعارضة من العضوية في لجنة انتخاب القضاة، وتسويغ نتنياهو كرئيس وزراء كامل، وبعد ذلك كقائم باعمال رئيس الوزراء، رغم لوائح الاتهام. ناهيك عن العدد المفزع لأعضاء الحكومة وعن الشقة الفاخرة للقائم بالأعمال. خطايا كهذه لا تغتفر.
عن "إسرائيل اليوم"