صراع حكم "محميات" الضفة الغربية...بدأ!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 قبل فترة بدأ الإعلام العبري يتحدث عن "حلقة صراع" بين "مراكز" قوى داخل حركة فتح  لخلافة الرئيس محمود عباس، الذي وصل الى عامه الـ 86، مع وضع صحي غير واضح تماما، رغم ان حديث الإعلام العبري على "حرب الخلافة" يعطي مؤشرا ما، الى ان الأمر يحمل إشارات "غير مطمئنة".

ويبدو، ان الأمر لم يعد "حديثا استهلاكيا" لإعلام العدو القومي للشعب الفلسطيني، حيث تفاجأت الساحة الفلسطينية بمسلسل قانوني، كما مسلسلات شهر رمضان، "رزمة مشاريع قانونية" يتم نشرها في عملية سرية، دون مرجعية، وتجاوز صريح للنظام الأساسي (الدستور)، او ما تبقى منه، بعد ان تم السطو الرئاسي عليه في مجمل مواده، مع الاحتفاظ بالشكل الخاص للمسمى.

فضيحة القانونين السرية، انها لم تناقش في أي من مؤسسة رسمية، بل ولم يعلن عنها في أي وسيلة من وسائل إعلام السلطة التي تخضع كليا لمكتب الرئيس عباس، ولا يمكنها ان تنشر خبرا دون أمر واضح ومباشر، ولذا كان عدم النشر رسالة مضافة الى انها قوانين "خارج الشرعية" او بالأدق "قوانين لقيطة".

وبدأ الكشف عنها، من عبر بعض متابعي الجريدة الخاصة بنشر القوانين المعروفة باسم "الوقائع"، مجلة متابعة فقط من بعض المختصين القانونيين، أو من له مصلحة بالعودة اليها، فكانت المفاجأة الأولى بتعديل قانون التقاعد، وحمل جريمة وطنية وأخلاقية، قبل أن تكون كارثة قانونية، حيث شرع الرئيس عباس ومن معه، بإعادة أموال التقاعد للوزراء ومن في درجتهم من صندوق التقاعد، ما يعني مئات ملايين الدولارات.

ولنترك الأزمة المالية بذاتها، لكن ان يمرر قانون بهذه الخطورة السياسية في غرفة سرية فتلك هي الطامة الكبرى، خاصة بعد أن انكشف أن ذلك تم من وراء ظهر الحكومة (المفترض ان تشكيلها أول المستفيدين من القرار).

ولم تمر ساعات حتى قام البعض القانوني بنشر أحد أخطر القوانين منذ قيام السلطة الوطنية عام 1994 "قبل أن تختطف من شقي النكبة الوطنية وراعيهم دولة الاحتلال"، في شهر مارس 2020، قانون خاص بموجبه يمنح ديوان الرئاسة صلاحيات وامتيازات إدارية ومالية مستقلة، (يتمتع الديوان بالشخصية الاعتبارية والأهلية القانونية لمباشرة جميع الأعمال والتصرفات القانونية لتحقيق الأهداف والمهام التي أنشئ من أجلها، بما في ذلك تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة وفتح الحسابات البنكية وإغلاقها. ويكون للديوان مركز مالي مستقل ضمن الموازنة العامة للدولة. ويجوز له فتح مقار فرعية أو مكاتب في أي محافظة بقرار من الرئيس).

قرار تعديلات قانون التقاعد هدف فيما هدف تشويه كامل لحكومة د. محمد أشتية، رغم انه حتى تاريخه لم تكسر أي "خط أحمر عباسي" يتعلق باستمرار الانقسام وحصار قطاع غزة ومحاربة كل من يراه عباس وفريقه الأمني معارضا، ووقف الرواتب ومطاردة أمنية الى حد الاعتقال في ظل سياسية "التنسيق الأمني بلا ثمن"...حكومة منفذة بدقة تعليمات الرئيس في مواصلة "الشق الشمالي من النكبة الوطنية"...

 لكن أزمة الوباء أدت الى صراع خارج الحسابات، بعد ان تمكن أشتية من "خطف المشهد الإعلامي"، بل ومحاولة التواصل الشعبي في شمال بقايا الوطن، في حين غيره أصابه رعب وهلع الحرص والحجر المنزلي ما أدى الى حجرهم السياسي. فلم يجدوا سوى البحث في الغرف المغلقة عن كيفية حصار من حاول "تجاوز حدود صلاحيات لم تكن ضمن اتفاق التشكيل".

قانون ديوان الرئاسة، يعلن صراحة أن هناك حكومة موازية كاملة الأركان "حكومة الديوان بقيادة انتصار"، تعمل خارج أي رقابة وبلا حدود، تملك من القوة والمال ما هو أقوى من "حكومة أشتية"، وكل مادة من مواد القانون هي مادة محاصرة للحكومة القائمة، في سابقة تاريخية بأن يتحول مكتب خاص للرئيس الى "حكومة عمل موازية للحكومة الرسمية"، تجربة فاقت انحدارا كل ما كتب عن مكاتب الرؤساء الخاصة وصلاحياتهم لنهش القانون والدستور.

"حكومة الديوان" مقابل "حكومة أشتية"، مشهد في زمن تعمل دولة الاحتلال على حركة ضم وتهويد في الضفة الغربية وتحضير قيام "محميات فلسطينية" تحت السيادة الإسرائيلية، فهل هو جزء من صراع داخلي فلسطيني أم هو جزء من ترتيبات أمنية إسرائيلية، لتنظيم حركة المحميات...سؤال هو الأكثر تداولا...

ولكن، هل يستسلم أشتية، وهو قبل غيره يدرك أن "حكومة الديوان" هي خنجر مسموم لطعن حكومته...ام يواصل التحدي الى حين ...لكل خيار متطلبات...الاستسلام يعني نهاية سياسية وشخصية لطموح كان قريبا جدا من تحقيق نهايته المرجوة، والمواجهة التحدي تتطلب كسرا لخطوط الرئيس الحمراء في تقييد علاقة "الحكومة الإشتيية" بالمواطن الفلسطيني عامة وأهل قطاع غز خاصة...دون تفاصيل لا وسط بين الخيارين ابدا...فأي الخيارين ستميل د. محمد!

ملاحظة: أن تمر فضيحة تلفزيون مقاطعة الرئيس بالسخرية من ذوي الحاجات الخاصة باعتذار كلامي فتلك فضيحة مضافة...الأصل ليس الإقالة بل الاعتقال التأديبي لمسؤول تلك المؤسسة...ولكن إعلام "حكومة الديوان" خارج المحاسبة الرسمية...فهل تكون المحاسبة الشعبية بديلا!

تنويه خاص: رفض الفنانة الفلسطينية النصراوية ربى عصفور جائزة من دول الكيان، جسد مخزون الشخصية الفلسطينية التي لا يمكن كسر كبريائها الوطني...رغم كل ظلامية المشهد قالت ربى ان دوما هناك نور...سلاما لك يا بنت الوطن المغتصب!