في غرفة العناية المركزة يمر العيد خلسة على أحمد دوابشة، خوفًا على جراحه التي لم تندمل بعد أسفل اللفافات البيضاء التي تغطي جسده ولم تبقي منه سوى ثغره الذي أجاد التبسم استقبالا للعيد حين مر من هنا!.
يستغرب الناجي الوحيد من محرقة "دوما" ولسان حاله ما فتىء يسأل :" كيف ماما ما فرجتني أواعي العيد لحتى الآن؟"، أحمد الذي اعتاد أن تفاجأه والدته بالملابس الجديدة ليلة العيد خذلته توقعاته هذه المرة فلم تأت "ماما" ولا "العيد"!.
غيبوبة رحيل!
أيام طويلة عاشها أحمد في غيبوبة رحل خلالها والده وشقيقه الرضيع عليّ في حين استشهدت والدته ريهام بعد أن فتح عينيه بأيام ليبكيها بحرقة دون أن يعلم بأنها تركته وحيدًا ولن تهديه قبلة الرحيل ! سمير دوابشة الناطق باسم العائلة أكد " بأن الطفل لا يعلم مصير والديه وشقيقه الرضيع عليّ حتى الآن، مشيرًا الى أنه بات يؤمن بأن فترة علاجهم قد تدوم طويلًا.
أحمد الذي يعاني من حروق بالغة في كافة مناطق جسده جراء قيام مستوطنين بحرق منزلهم في قرية دوما قرب نابلس استشهد على اثرها والديه وشقيقه أواخر شهر تموز الماضي , تم اجراء عملية زراعة جلد له ويحتاج الى عدة أشهر حتى يتماثل بالشفاء. خلال تواصلنا مع سمير _أحد أقرباء العائلة_ تولد لدينا الكثير من الأمل حيث طمن بأن حالة أحمد الصحية في تحسن ملحوظ ولن يعاني من اعاقات حركية بحسب الطاقم الطبي المعالج , منوهًا بأن الطفل حريص على التبسم أمام الضيوف والوفود الزائرة لمستشفى تلهاشومير حيث يتلقى العلاج هناك.
صرخات وملامح "ماما"!
صرخات أحمد خلال تغيير اللفافات عن جسده تؤكد على أنه بحاجة لإتمام العلاج التجميلي علها تخفي حقد المستوطنين وتلك البثور من على جسده وفقًا للتقارير الصحية. كل الأحاديث بين الناجي الوحيد وزواره دلت على أنه سعيد بالعيد بحسب قول سعيد دوابشة إلّا أنه لن يستطع مجاملة الصغار واللعب معهم حيث سيكتفي بالهدايا التي تصله وتؤنس وحدته على السرير.
وبين الحين والآخر يحاول تفسير مشاهد الحزن المرسومة على وجوه بعض الزوار ونظرات الشفقة التي ما فتئت تلاحقه الا أن خالته التي تبلغ من العمر 16 ربيعًا تسعى جاهدة الى معالجة الموقف فهي الأقرب اليه بالنسبة له وكأنها تحمل الكثير من ملامح وصوت "ماما" الغائب الحاضر. شقيقة الشهيدة ريهام _والدة أحمد_ أخذت اجازة بموافقة من التربية والتعليم للاهتمام به أثناء فترة علاجه لاسيما وأنه بحاجة الى رعاية صحية ونفسية خاصة .
وتأتي زيارات الأقارب والمتضامنين للتخفيف عنه في مصابه، حيث تضمنت مهرجين قدموا له العروض الترفيهية والهدايا وصلت لزيارة من عائلة شقرا من مدينة يافا بالداخل المحتل للاطمئنان على صحته.
يلتقطون للطفل الجريح صورًا في ليلة العيد توحي بالأمل حينًا وبالحزن احيانًا، فلن يتكمن من سماع صوت والدته صباح العيد وهو تحتضنه مرددة "كل سنة وأحمد عيدي". شهداء محرقة دوابشة من المتوقع أن يتم تكريمهم بعد صلاة العيد في قرية دوما بالمسجد الكبير، سيليها زيارات لأحمد لتهنئته بالعيد ورسم البهجة على وجهه بحسب المتحدث باسم العائلة .
ورغم حالة التضامن مع محرقة دوابشة إلّا أن قلب الصغير أحمد سيحترق كما جسده حينما يأتي اليوم ويعلم فيه أن أفراد عائلته رحلوا سويًا وتركوه وحيدًا مع تهديدات لرئيس السلطة محمود عباس بأن يعرض الجريمة على الجنايات الدولية لن ترد له والديه وشقيقه وملامح براءة شوهها المحتل بحقده!.