فـرصـة إسـتـراتـيـجـيـة لـلـعـمـل ضد إيران الضعيفة في سورية

حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان


من ناحية الجبهة السورية انتهت أزمة «كورونا». فسلسلة الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سورية، في نيسان، تظهر سياسة مرتبة ومخططة. ليس مجرد ردود فعل على خطوة إيرانية، بل أعمال مبادر اليها، غايتها، أغلب الظن، اقتلاع مزروعات إيرانية نبتت في الحقل السوري: نشر ميليشيات مؤيدة لإيران في الجولان، واستئناف نشاط «حزب الله» في لبنان، وقيادات، ومخازن عتاد عسكري وغيرها. منذ توقف هناك الحرث في شباط توقفت تقريبا التقارير في المصادر الاجنبية عن نشاط عسكري إسرائيلي، وعزي الامر الى ازمة «كورونا»، التي بلغت ذروتها في إسرائيل، في محيط الفصح.
إضافة الى ذلك، لما كانت الحرب ما بين الحروب، التي تديرها إسرائيل في الشرق الاوسط، لا تتشكل فقط من اعمال جوية، من المعقول جدا الافتراض بأن تكثيف النشاطات – التي تتضمن ايضا تقارير عن تفجيرات غامضة – هي أكبر بكثير مما تنشر في المصادر الأاجنبية. الإيرانيون هم أيضا يحاولون العودة الى الحياة الطبيعية ما قبل ايام «كورونا» في سورية. فاذا كانوا حتى نهاية آذار ينقلون بطائرات الحرس الثوري عتادا طبيا من الصين الى طهران، فمنذ بداية نيسان عادت هذه الطائرات لتهبط في دمشق ايضا بينما في بطنها عتاد عسكري.
بالصدفة أم بغير الصدفة، فان التقرير الأجنبي الاول عن غارة جوية إسرائيلية في دمشق ظهر هو ايضا في بداية نيسان. ومنذئذ فتح ايضا من جديد الميناءان في اللاذقية وفي بانياس لاستيعاب الوقود والمعدات من انواع مختلفة وصلت من إيران. عادت طائرات النقل السورية الى الطيران الى إيران.
فالآلة الإيرانية عادت الى تحريك دواليبها في سورية، ولكن بتعثر، بعد أن تلقت ثلاث ضربات قاضية: أزمة «كورونا» فتاكة مع آثار اقتصادية واجتماعية، وتواصل العقوبات الأميركية الشديدة، وفوق كل ذلك أزمة أسعار النفط.
النظام السوري هو الآخر عاد الى اللعبة بجراحات أكثر بكثير. فالأزمة الاقتصادية في سورية ليس فقط تحتدم، بلا بقعة ضوء وبلا خطة خروج – تعاني سورية ما لا يقل عن دول اخرى في المنطقة من «كورونا» – بل لا يوجد هناك ايضا من يجمع المعطيات ومن يعالج. يقف السوريون في الطابور للخبز وليس لفحوصات «كورونا».
ما كان يمكن لإسرائيل أن تستأنف بشكل مكثف الاعمال المنسوبة لها في سورية دون موافقة روسية صامتة. ففي السنة الخامسة لتواجدهم في سورية، في عصر أفول «كورونا»، يجد الروس أنفسهم في إحباط عميق: كل التوقعات للبدء ولاستخلاص المنافع – ولا سيما الاقتصادية – من استثمارهم في سورية لا تتحقق، وعمليا من أجل الحفاظ على حكم الأسد فإنهم مطالبون الآن ليس فقط في أن يستثمروا مالا طائلا، ليس لديهم، في الجيش، بل أيضا في ازمة انسانية – اقتصادية – طبية لا يرون لها نهاية.
الإيرانيون، حلفاء الروس لغرض القتال على الاراضي السورية، هم عائق ومنافس في كل ما يتعلق بتنفيذ السياسة الروسية العامة للسيطرة على الدولة ومقدراتها.
وعليه، يبدو أنه من السهل اليوم على الروس أن يتجاهلوا الضربات المنسوبة لإسرائيل للمنافس الإيراني. كما أن الأميركيين ارتفعوا درجة بالنسبة للمواجهة العسكرية المحتملة مع إيران.
فإزعاجات الاسطول الأميركي في الخليج الفارسي أدت الى صدور تعليمات واضحة من الرئيس ترامب لمهاجمة السفن الإيرانية.
اما الإيرانيون، من جهتهم، فيتهمون الولايات المتحدة ليس فقط بالازمة الاقتصادية بل بصد القدرة الإيرانية على الوصول الى وسائل طبية لمواجهة «كورونا». هكذا فان التوتر في الخليج يرتفع، وهو سيواصل التصاعد كلما اقتربنا من حزيران، حين سينشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الخروقات الإيرانية في مجال تخزين اليورانيوم المخصب. ينبغي الافتراض انه يوجد بين إسرائيل والولايات المتحدة تنسيق أو تفاهم بشأن الضغوط على إيران. تبين تجربة الماضي انه كلما تصاعد التوتر في الخليج تصاعد أيضا التوتر بين إسرائيل وإيران في الجبهة السورية.
كل هذه الملابسات تسمح لإسرائيل بان تمسك بإيران وهي ضعيفة في سورية. هذه فرصة استراتيجية، وذلك لأنه حتى لو ارادت إيران أن ترد فانها ستجد لإسرائيل ذريعة لعمل عسكري جذري أكثر ضدها.

عن «يديعوت»