بقلم: سميح خلف

ماذا تبقى؟ وماذا تنتظر فخامتكم؟!

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

بينما تعلن السلطة عن حالة الطوارئ أو تجديد حالة الطوارئ التي فسرها كثيرون بأنها سياسية وأمنية أكثر منها مواجهة لفيروس كورونا، بينما يعود العمال للعمل في اسرائيل في مدة اقامة مدتها شهر بالتأكيد ستكسر هذه الاقامة أيام عيد الفطر والملفت للنظر وبعد توافق اليمين مع اليسار الإسرائيلي وموافقة الكينيست وتكليف الرئيس الاسرائيلي لناتنياهو بتشكيل حكومة يتبادل فيها الأدوار في الرئاسة في مدة زمنية متزامنة، ويتفق الجميع على تهويد الغور والغور الشمالي والمستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية وأهمها بيت إيل، وتكريس تهويد عاجل باستكمال البناء التهويدي في البنية التحتية في الخليل.

حقيقة، لا نفهم بماذا يفكر الرئيس عباس ومن حوله، وبماذا تفكر المركزية، إذا كان لديها أي أسس للتفكير أو بناء موقف أو صناعة موقف أو حدث، وهذا ليس باديًا على مثل تلك التشكيلة من المركزية التي لا شغل لها إلا مباركة خطوات الرئيس وكلام الرئيس وحديث الرئيس الذي ربما كان يحتاج بعض الشعراء من العصر الجاهلي أو شعراء هارون الرشيد باختلاف التشبيه بين هارون الرشيد وفخامة الرئيس عباس.

قصة صفقة القرن لوح بها الجميع وتحدث عنها الجميع وأنا شخصيًا كتبت عليها أكثر من سبع مقالات محذرًا ومناشدًا ومحللًا العواقب الوخيمة التي تترتب على صمت تلك القيادة وعلى تخاذلها وعدم استجابتها لاستحقاقات وطنية يمكن أن تتخذ قبل أن تبدأ إسرائيل في عمليات الضم ولكن لا حياة لمن تنادي مع تلك القيادة ولا مع مركزية ولا مع تنفيذية ان وجدت، فهي في العدم، وكما كانت قرارات ونضالات كوادر كثيرة ومقولات كثيرة مضى من أجلها مناضلين في السبعينات والثمانينات وانطوت إلى أدراج التاريخ هي كذلك قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، ولكن ما يجعل الانسان في حالة ذهول أن الرئيس عباس متباكيًا أمام الأمم المتحدة والجامعة العربية رافعًا أمام الأعضاء خارطة صفقة القرن وخطورتها على الواقع الوطني الفلسطيني، ومحذرًا باسترخاء بأنه سيقطع جميع العلاقات مع أميركا ومع إسرائيل ومرددًا أن أميركا ليست شريكًا عادلًا في مفاوضات الصراع، ومكررًا بين لقاء وآخر بأنه قد قرب الوقت لأخذ تلك القرارات، بينما في الجانب الاخر في الصراع تقوم اسرائيل ببناء مئات الوحدات الاستيطانية وتكريس وجود احتلالي استيطاني أصبح أمرًا واقعًا في الغور والغور الشمالي وفي بيت إيل وكل المستوطنات الكبرى والصغرى، وأصبح فقط هو الإعلان الرسمي لعمليات الضم. حقيقة ما هو مخجل هي تلك التصريحات التي يطلقها أعضاء المركزية ومكتب الرئيس وبعض أعضاء منظمة التحرير الذين يحبون أن يظهروا للعالم بأنهم موجودين وقادة، فهم مثل المراسل الصحفي أو الإعلامي الذي يجيد التوصيف ولا يجيد صناعة القرار أو صناعة الحدث، وبالتالي هم قد تخلوا منذ زمن عن دورهم بمعطيات قيادية ومستوجبات قيادية للأسف.

ولكن قد تكون مقابلة السفير الصهيوني الأميركي لدى إسرائيل فريدمان أكثر فضحًا لقيادة هذه السلطة ففي مقابلة له مع صحيفة إسرائيل اليوم العبرية مركزًا على أن صفقة القرن أصبحت واقعًا على الأرض ومعطيًا أكثر تفصيلًا بأنه منّ على الفلسطينيين بمضاعفة الأراضي التي يسيطرون عليها الآن في A و B أي أن تقوم إسرائيل بعد أسابيع بضم 50% من المنطقة C والغور الشمالي والغور، مؤكدًا أن تنازل إسرائيل عن بيت إيل هو كما تتنازل أميركا عن تمثال الحرية، وكذلك الخليل، المضاف في هذا الموضوع أن الخليل دخلت إلى رقعة التوسع والتهويد بقرار بينيت منذ أسابيع باستحداث طرق وتركيب أسانسيرات وأنفاق جديدة حول الحرم الإبراهيمي، وبناء مئات الوحدات الإستيطانية.

السلطة لم تفكر يومًا باحداث مراجعات على اتفاقيات الخليل الكارثية والمهينة والتي تلحق بكارثية اتفاق أوسلو بحد ذاته، السلطة فقط ترفض وترفض وترفض، ولكن ما هي البدائل التي وضعتها السلطة لمواجهة هذا التهويد المخيف؟ هل وصل الحال الفلسطيني إلى وحدة برنامج وانهاء الانقسام؟ هل عادت وحدة فتح ولملمة أطرافها وعمقها الذي أهدر أمام نرجسيات قيادية وجغرافية؟ طبعًا لا، هل وضعت خطة وطنية لمواجهة التهويد والضم؟ هل تم وضع برنامج تعبوي توعوي واقتصادي واداري وفني لمواجهة عمليات الضم؟ هل تلك القيادة جهزت الشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال؟ هل تلك القيادة التي تلوح بقرارات المركزي لمجرد أن تخفف إسرائيل من إجراءاتها في أموال المقاصة؟ هل استجابت السلطة للمتطلبات الوطنية أمام القرار الإسرائيلي بتجميد أموال الأسرى والشهداء؟ هل اعتذرت القيادة الفلسطينية عن ما لحق بمئات المناضلين الفلسطينيين من اقصاء وقطع رواتب؟ هل قامت السلطة بايقاف اجراءاتها ضد غزة؟ لا شيء من ذلك تحقق، ولذلك السلطة عندما ترفض لا يكفي الرفض، والرفض في هذه الحالة يعتبر استكانة واستجابة لتطبيق صفقة القرن والاجراءات الإسرائيلية المتخذة الآن تحت مبدأ أمام التاريخ (لا حول ولا قوة) أي أن تلك السلطة تحاول أن تبرئ نفسها أمام التاريخ لكل ما يحدث أو سيحدث ولكن هيهات أن يبرئها التاريخ، فكان على تلك السلطة الفاشلة العاجزة المتواطئة التي سرقت أحلام الشعب الفلسطيني ومستحقاته وأمواله لصالح القطط السمان، كان عليها إذا فشلت أن تستقيل وتقول للشعب أننا فشلنا وعليك أيها الشعب الفلسطيني أن تحمل معولك لتناضل وتستمر في النضال حتى تحرير الأرض، كان هكذا يمكن أن يبرئها التاريخ، ولكن الآن فهي محل اتهام بعد قرارات ورؤية فريدمان وفضحه لصمت تلك القيادة التي لا تعيرها اهتمام القيادة الأمريكية والإسرائيلية، فهي مستمرة في تطبيق صفقة القرن كأمر واقع على الأرض بدون الطرف الفلسطيني، بل كشف فريدمان على أن هناك مدة أربع سنوات خاصة بال50% من المنطقة C إذا أثبتت القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأنهم (كنديين) فانهم سيلحقون تلك القيمة بأراضي ما يسمى الدولة الفلسطينية التي أعطت توصيفها صفقة القرن والخرائط الاسرائيلية الأمريكية التي أعدت منذ أسابيع، أي تبقى السلطة محل اختبار على أن تعترف أمريكا بدولة أو لا دولة بعد أربع سنوات من التطبيق أما عن موقف أميركا من اليمين الإسرائيلي المطالب بضم كل الضفة، فقال: أنا مقتنع بكل ما يقوله اليمين ولكن ليس مستساغًا أن يكون هناك مواطنين إسرائيليين جزء منهم له حق الانتخاب وجزء ليس له حق الانتخاب" أي يقع المجتمع الإسرائيلي في ورطة ومشكلة، ولذلك اعطاء الفلسطينيين دولة بناء على رؤية الاسرائيليين هي أفضل الحلول لحل الصراع.

وللحديث بقية.