المعركة الدبلوماسية بين إسرائيل وإيران حول مستقبل العقوبات

حجم الخط

بقلم: نوعا لنداو


حتى في الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي تصارع فيه الدولتان عدواً مشتركاً هو فيروس «كورونا»، فان الصراع بين إسرائيل وإيران لم يتوقف لحظة. من بين الجهود لإعادة سياح إسرائيليين، وشراء أجهزة تنفس من دول ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، واصلت الساحة الإيرانية تصدرها لقائمة أهداف وزارة الخارجية، وازدادت الجهود في هذا المجال. ويأتي هذا على خلفية الخوف في إسرائيل من محاولات إيران تخفيف العقوبات الاقتصادية ضدها في ظل الأزمة الإنسانية الخانقة التي تسبب بها الوباء في أراضيها.
هكذا، في موازاة المعارك المكشوفة فوق الأرض السورية، والتي عادت، الأسبوع الماضي، إلى العناوين مع الهجوم الذي نسب لسلاح الجو في حلب، يحتدم في هذه الأيام من وراء الكواليس ايضا التوتر بين الدولتين في الساحة الدولية. ولكن خلافاً للتصريحات الأخيرة لشخصيات رفيعة في جهاز الأمن الإسرائيلي عن انسحاب إيران من سورية، فانه في المعركة الدبلوماسية الأكثر هدوءاً لا يسارع أحد في هذه الأثناء إلى الاعلان بصورة مبكرة جدا عن الانتصار، حيث تشتد المعركة الرئيسة حول تمديد حظر السلاح إلى إيران، قبل انتهائه الدراماتيكي المتوقع في تشرين الأول.
يتوقع أن يصل إلى إسرائيل، الأربعاء القادم، وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، من أجل أن يناقش مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وبني غانتس، ضمن أمور اخرى، الموضوع الإيراني.
في خلفية منشورات أجنبية تقول إن إيران استغلت الخدمات الأميركية في هجوم سايبر ضد بنية تحتية للمياه الإسرائيلية، وإن القراصنة من إيران هاجموا شركة أميركية تطور لقاح لـ «كورونا».
تشمل الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية ضد إيران ليس فقط حملة ضغوط في أرجاء العالم وفي محافل دولية ضد أي نوع من تخفيف العقوبات كبادرة حسن نية انسانية، بل ايضا حملة لإخراج منظمة «حزب الله» خارج القانون، مع التأكيد على الذراع السياسية للمنظمة، وكذلك محاولات تقليص نفوذ وقدرة طهران في الاراضي السورية وفي لبنان، بالإضافة إلى الصراع المتواصل ضد خرق الاتفاق النووي.
هكذا قال في الأسابيع الأخيرة للصحيفة دبلوماسيون كبار خبراء في هذا الموضوع. الرسالة الرئيسة، التي تنقلها إسرائيل ضمن هذه القنوات، هي أنه «يجب الحفاظ على سياسة الضغط في الحد الأقصى ضد إيران حتى في فترة كورونا»، وأنه «حتى اذا كانت هناك مساعدة انسانية يجب التأكد من أنها حقا من أجل مواجهة الفيروس».
كانت إيران من الدول الأولى التي أُصيبت بـ»كورونا» بسبب علاقتها الوثيقة مع الصين، بما في ذلك في مجالات الطيران والتجارة التي لم تتوقف حتى مع معرفة مدى تفشي الوباء.
عدد الوفيات فيها بسبب المرض من الأعداد العالية في العالم، ويبلغ رسميا حتى الآن 6418 شخصا من بين أكثر من 100 ألف مصاب مؤكد.
مع ذلك، تقدّر منظمات التجسس في الغرب، ومنها «الموساد»، بأن عدد الضحايا الحقيقي أعلى من هذا بكثير. في إسرائيل يعتقدون أن الفجوة بين الأرقام التي يتم الإبلاغ عنها والأرقام الواقعية تنبع في جزء منها من التضليلات والصعوبات التقنية وفي جزء منها من الإخفاء المتعمد.
الضرر الاقتصادي، الذي تكبدته إيران من الوباء، كان ايضا صعبا بشكل خاص. وضعها كان متهاوياً حتى قبل ذلك، في ظل العقوبات الأميركية وأزمة أسعار النفط، لكن بسبب الوباء تضررت أيضا قطاعات نجحت في الصمود بنجاح نسبي في ظل هذه العقوبات.
انتشر الفيروس في إيران في احتفالات رأس السنة المحلي، النيروز، وحظر التجول، الذي فرض خلال العيد بالضبط مثلما في عيد الفصح في إسرائيل، أضر بمصالح تجارية كثيرة. ومثلما في دول اخرى ايضا في إيران أضر اغلاق الحدود بالاقتصاد المحلي. ولكن في إسرائيل يقدرون بأنه في إيران تضررت بالاضافة إلى ذلك خطوط التهريب السرية لتجاوز العقوبات. أعلن النظام بالفعل عن عدد من رزم المساعدة، مؤخرا، لكن يبدو أن المفلسين والعاطلين عن العمل يزداد عددهم.
في أعقاب ذلك زادت إيران جدا ضغطها من أجل تخفيف العقوبات لأسباب إنسانية. في إسرائيل يعتبرون ذلك «حملة دبلوماسية مكثفة» هدفها مزدوج: تحرير أموال محتبسة في حسابات في الخارج في ظل العقوبات والحصول على مساعدة دولية، في موازاة ذلك تقويض شرعية العقوبات بشكل عام.
في إطار هذه الجهود، تعمل إيران من بين امور اخرى في الأشهر الأخيرة في الامم المتحدة، بالاساس بوساطة روسيا والصين، من أجل الدفع قدماً بإصدار بيانات وقرارات ضد العقوبات، حتى الآن دون نجاح كبير بسبب معارضة الولايات المتحدة.
في المقابل، تمارس إيران ضغوطا على عدد من الدول كي تحرر في ظل الوباء الأموال المحتجزة فيها بسبب العقوبات، حيث تأمل أن تحصل عليها نقداً.
«إيران تستغل كورونا من أجل رفع العقوبات»، هذه هي رسالة الدبلوماسيين الإسرائيليين في هذه المرحلة لنظرائهم في هذه الدول في محاولة لاقناعهم بالسماح باستخدام هذه الاموال فقط من اجل شراء معدات انسانية تحت المراقبة.
في القدس تابعوا باهتمام محاولات إيران تحرير اموال مجمدة في حسابات في لوكسمبورغ، والتي ظهر من البداية أنها نجحت، لكن القرار تحول بعد ذلك إلى استئناف.
إضافة إلى ذلك، توجهت إيران الى مؤسسات دولية كثيرة، منها طلب قرض مساعدة لمواجهة أزمة «كورونا» بمبلغ 5 ملايين دولار من صندوق النقد الدولي و200 مليون دولار من البنك الدولي.
حتى الطلب من صندوق النقد الدولي أفشلته الولايات المتحدة، والقرض من البنك الدولي سيكون مبلغا أقل من 50 مليون دولار لشراء معدات طبية وأدوية.
ولكن في الوقت الذي تواصل فيه إدارة ترامب بقيادة بومبيو، إلى جانب إسرائيل، قيادة الخط الصقوري ضد إيران حتى في فترة «كورونا»، فإن الاتحاد الأوروبي صادق لطهران على مساعدة انسانية بمبلغ 20 مليون يورو، وتم التحويل الإنساني الأول بوساطة نظام أوروبي لتجاوز العقوبات (انستكس).
في هذه الأثناء وفي اوساط الدبلوماسيين في الولايات المتحدة تسمع اكثر فأكثر اصوات الذين يدعون الادارة الأميركية للتخفيف على مواطني إيران، بالضبط في هذه الفترة. ويؤيد المرشح الديمقراطي للرئاسة، جو بايدن، العودة إلى الاتفاق النووي.
خلاف يضع مرة أخرى حكومة نتنياهو في مواجهة مباشرة مع الحزب الديمقراطي، ويعزز الرغبة في الحكومة لرؤية ترامب يفوز بولاية ثانية، في حين أنه في الماضي حاولت إسرائيل كثيرا، كما هو معروف، أن تحظى بدعم يخترق المعسكرين، والذي اعتبر ذخرا استراتيجيا.
في أعقاب النقد من الداخل أوضح بومبيو عدة مرات بأن الولايات المتحدة لا تعارض تقديم مساعدة انسانية مباشرة لإيران، والتي هي مسموحة أصلا في ظل العقوبات، بل تعارض تحرير أموال نقدية تقلل الضغط على النظام.
في إيران ردوا على ذلك بأنهم غير معنيين بمساعدة من الولايات المتحدة. سيأتي بومبيو، هذا الأسبوع، إلى البلاد حسب التقدير لمناقشة المسألة الإيرانية، ضمن أمور أخرى.
د. راز تسيمت، زميل باحث في معهد البحث القومي المتخصص في إيران، قال للصحيفة إنه حسب تقديره «بالتأكيد إيران تستغل الأزمة من أجل أن تحقق تخفيف العقوبات، ولكن السؤال هو إذا كانت العقوبات حقا تؤدي إلى أزمة إنسانية.
الجواب على ذلك مركب، لا شك أنه يوجد لدى إيران صعوبة في شراء معدات طبية رغم أن ذلك مستثنى من العقوبات بسبب أن البنوك والشركات تصعب الموضوع عليهم خوفا من التورط مع الأميركيين. ولا شك ايضا بأن الأزمة الاقتصادية، التي هي نتيجة مباشرة حتى للعقوبات، تساهم في المس الشديد بالنظام الصحي في إيران.
من جهة أخرى، يمكن القول إن سلوكا إيرانيا مختلفا كان سيمكنها من التغلب على جزء من المشكلات حتى في ظل العقوبات».
إلى جانب النضال ضد تخفيف العقوبات تواصل إسرائيل ايضا حملة دبلوماسية لاحباط التمركز الإيراني في سورية، ونقل وسائل قتالية. حسب مصادر إسرائيلية، حتى في فترة «كورونا» استمر هذا النشاط «بقوة عالية»، خلافاً لتصريحات المصادر الأمنية، التي أبلغت، هذا الأسبوع، كما قلنا، عن الانسحاب. وقالت المصادر ايضا إنهم لا يتوقعون في إسرائيل توقفا أو ابطاء أو تغييرا في التصميم الإيراني للحصول على قدرات نووية. ويقدرون في إسرائيل بأنه تم في هذه الاثناء وبسبب الفيروس تجميد آلية حل النزاعات الأوروبية للحفاظ على الاتفاق مع إيران.
الآن تتطلع العيون بالأساس إلى المعركة الدبلوماسية الرئيسة في تشرين الأول. في حينه سيرفع حظر تصدير السلاح الدولي، الذي فرضه مجلس الأمن، وتستطيع إيران أن تشتري سلاحا تقليديا متطورا من روسيا والصين.
تتبادل الولايات المتحدة وإيران التهديدات في هذا الموضوع، مؤخراً، لكن في إسرائيل يخافون من أن الاهتمام العالمي بـ»كورونا» يمس بقدرتها على الاستفادة من هذه القضية، إلى جانب الخوف من أن الولايات المتحدة لن تستطيع أن تكون طرفا في إعادة الحظر لأنها انسحبت من الاتفاق.

عن «هآرتس»