إسرائيل على أعتاب كارثة اقتصادية

حجم الخط

بقلم: سامي بيرتس


الولادة القيصرية للحكومة الجديدة، والاتفاق الائتلافي الاستثنائي والمليء بالالغام، لا يبشران باحتمالات النجاح. الاتفاق نموذج للتعرجات والتشعبات، النابعة من انعدام ثقة أساسي بين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وبيني غانتس، رئيس الحكومة البديل المستقبلي. الألغام ليست مزروعة فقط في الحقل القضائي الذي ينتظر نتنياهو، بل ايضاً في الساحة الاقتصادية – الاجتماعية. ليس بسبب أنه يوجد فجوات ايديولوجية بين كلا الكتلتين – ليس هنالك فجوات كهذه – بل بسبب أن بطانية الموازنة ستكون قصيرة بشكل خاص بسبب تكلفة أزمة "كورونا".
تذكير: قبل أزمة "كورونا" كان من المطلوب القيام بتعديلات في موازنة الدولة، والتي بلغت حوالي 20 مليار شيكل. كان هذا كان عندما العجز في الموازنة 3.8% من الناتج. في الاشهر الاخيرة قفزت النفقانت الحكومية بعشرات المليارات من الشواكل. فقد الانتاج عشرات المليارات، ونتيجة لذلك سيصل العجز المتوقع لهذا العام الى حوالى 11% - 12% من الناتج.
الرد الشديد لإسرائيل على ازمة "كورونا" اثمر نتائج جيدة في المجال الصحي، مع جهاز صحي عمل جيداً. ولكن في المجال الاقتصادي النتيجة كارثية. عدد العاطلين عن العمل وصل ذروة لم يسبقها مثيل (من بين أمور أخرى بسبب نظام الإجازة دون راتب، الذي شجع حتى المشغلين الذين لم يتضرروا الى القاء أجر عمالهم على الحكومة)، وتأخرت المساعدة الحكومية التي وعدت بها المصالح التجارية، وخلقت المبادرات الموازنية فوضى سيتعين على الحكومة الجديدة ترتيبها وتثبيتها.
حسب الاتفاق الإئتلافي فإنه خلال 90 يوما من اداء الحكومة للقسم يجب على الإئتلاف الجديد ان يضمن المصادقة على موازنة سنة 2020 - 2021.
السنة الحالية هي سنة ضائعة، ولكن السنة القادمة يجب أن تكون سنة نهوض ونمو. في السنة الاخيرة أعدت في وزارة المالية العديد من الخطط لموازنة الدولة، ولكن كلها القيت الى سلة القمامة بسبب "كورونا".
الآن سيكون عليهم بلورتها من جديد، وهنالك خوف حقيقي بأنها لن تنجح في الوفاء بالوعد الذي يظهر في الاتفاق الإئتلافي: "سوف تنشر الحكومة شبكة أمان اقتصادي – اجتماعي تحت كل مواطني الدولة. مع التركيز على المجموعات السكانية الضعيفة. وسيتم وضع برامج لمعالجة المجموعات السكانية المستهدة الموجودة في ضائقة اقتصادية ... صعبة بشكل خاص".
يرتكز هذا الخوف إلى حقيقة أن معالجة الأزمة يقتضي انصافاً، حساسيةً، وتقديم قدوة شخصية، وفي الاتفاق الائتلافي رأينا فقط العكس على شكل الحكومة الاكثر تضخماً في تاريخ الدولة وترتيب مقر سكن لبنيامين نتنياهو.
المبدأ الخاص الذي ترتكز إليه الحكومة القادمة يقترن بتادل المناصب بعد سنة ونصف. هذه فترة اقصر من ان يكون بالامكان احداث تغييرات تقترن بصراعات مع مجموعات ضغط. بشكل خاص على خلفية زيادة بنود الهرب التي تسمح بحل الحكومة. الأكثر معقولية أن الشركاء سوف يلقي كل واحد منهم المسؤولية عن الاخطاء على الاخر.
خذوا مثلاً بيني غانتس. لدى دخوله الى منصب وزير الدفاع فإنه سيضطر الى مواجهة قضية الرواتب التقاعدية لرجال الخدمة النظامية في البند المسمى "زيادة رئيس الاركان"، وهي زيادة اعتباطية للتقاعد العسكري بنسبة تصل الى 19%، والتي تكلف خزينة الدولة 1.1 مليار شيقل في العام. غانتس ووزير الخارجية القادم، غابي اشكنازي، يستفيدان منها بأنفسهما، وكذلك دللوا الآف رجال الخدمة الدائمة بهذه الزيادة. رأي نائب المستشار القضائي للحكومة، راز نزري، يقول انه لا يوجد اساس قانوني لدفع هذه الزيادة. هل سيجرؤ غانتس على الغائها في إطار الاهتمام بـ "الطبقات الضعيفة" أم الأكثر معقولية أن يتحول وسيلة ضغط للجيش؟
يتولى وزير المالية القادم، إسرائيل كاتس، وزارة المالية، وهي في وضع صعب بشكل خاص مع موازنة ضخمة ومطالب عالية جداً من قبل الاجهزة الصحية والامنية وفي الوقت الذي فيه توفير مصادر الرزق لمئات الآلاف للمستقلين والأجراء تم وقفها. صحيح أنه سيكون لديه عصي وجزر ولكنه يعمل في نظام بيئي سياسي من شأنه أن يمنع وصولها الى الاماكن الصحيحة. الأزمة الاقتصادية مازالت في بدايتها.

عن "هآرتس"