كشفت جائحة الكورونا حالة الصحافة في العالم، وكشفت العلل والأمراض ونقاط القوة إذا كانت موجودة، فتعاطي الصحافة الفلسطينية خلال الأزمة يعكس النموذج السائد ( الطريقة في ممارسة الصحافة) مثال عندما نفتح القنوات الأجنبية نشعر بأن هناك شيء مختلف عن القنوات الفلسطينية لأنّ هناك نموذج، بمعنى هناك أسلوب في ممارسة الصحافة.
لقد ركزت الصحافة الفلسطينية في أزمة كورونا على نقل الخبر وهذه مقاربة تقودنا لأنّ نوصفها بأنها صحافة خبريّة وليست إخباريّة، وأنّ هناك أسباب عديدة وسياقات تمنع الصحفي الفلسطيني من أن يتجاوز من عملية نقل الخبر من المصدر إلى الجمهور والإنخراط في أنواع أخرى من الصحافة.
اكتفى الصحفي الفلسطيني في بعض الأحيان بنقل البلاغ الصادر عن الوزارات كما هو دون أي تفسير، أو إضافة خلفية أو عناوين فرعيّة له، وهذه مقاربة تقودنا إلى أنّه ما بين وظيفة النقل والتعليق فقط غابت أدوار التفسير والتحقيق والتحرّي والريبورتاج.
يعتقد السياسيون والأحزاب بأنّ الإعلام وسيلة وجهاز من أجهزة الدعاية ويريدون دائما السيطرة عليه بطرق مختلفة وبأساليب ماكرة، ولا يفقهون بأنّ الإعلام هو خدمة عمومية يجب أن تقدّم للمواطنين بمواصفات، فهم لا يرغبون بإصلاح الإعلام، لأنهم يريدون اعلام عليل مريض، وعندما يشتكي أي مسؤول من الأخبار الكاذبة، فمن الواجب أن نقول له بأنك المسؤول عن هذه الوضعيّة، لأنك لو اشتغلت على صحافة الجودة وطوّرت المؤسسات الإعلاميّة وغرف الأخبار لتصدّت هذه المؤسسات إلى الأخبار الكاذبة.
وبعد كل هذه المقاربات كيف يمكن معالجة أزمة الإعلام الفلسطيني؟
إن أزمة الإعلام الفلسطيني هي أزمة نسقيّة بمعنى أن هناك نظام يتكون من مكونات ( المكون الأكاديمي- منظومة الاتصال في الوزارات والمؤسسات- الإعلان- غرف الأخبار- مؤسسات قياس الجمهور) كل هذه المكونات والنظام برمته لا يشتغل بشكل جيد، لأنّ كل هذه المكونات لا يمكن أنت تنتج مضامين صحافة الجودة، لأنّه عندما نصلّح نظام المكون الأكاديمي ويتخرج الصحفي بشكل جيد، فأنه يتقاضى راتب بسيط، وهنا أصلحت جزء وأهملت الجزء الأخر وهكذا .. فهل يصحّ أن تكون هناك مؤسسات اعلامية تشتغل بأربعة صحفيين تنتج أخبار وتطالبها بإنتاج صحافة جيدة؟
يكمن الحل في وضع آليات في إصلاح تكوين الإعلام وفق معايير دوليّة وتقديم نموذج لدعم الصحفيين، ووجب على الدولة ان تقدُم مقاربات شاملة ومرحلية وتشاركية مع المهنيين والنقابات وأصحاب المؤسسات والأكاديميين. لأنّنا نلاحظ بأن أغلب البرامج الاعلاميه إعادة ولا يوجد أنتاج لبرامج ومضامين إعلاميّة جديدة. وهذا ما دفع أغلب المعلنين يتوجهون لليوتيوب أكثر من القنوات التلفزيّة.
أخيرًا، كفانا أنّ نعدد هذه المشاكل، لكن يجب أنّ ننظر إليها بعمق لأنّ الاعلام الفلسطيني لا يحتاج إلى عمليات تجميل، بل يحتاج إلى عمليات جراحيّة لأنّه جسد مريض، فلا يوجد من يتبنى أننّا نحتاج إلى فكرة مقاربة نسقية جديدة شاملة بالكامل، لتقديم صّحافة الجودة زمن الأزمات.