انتقاد ليتسمان لمدير عام وزارته ، هو انتقاد متأخر، مبالغ فيه وجاء من وزير اختفى في لحظة الحقيقة

حجم الخط

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل

وزير الصحة التارك يعقوب ليتسمان استغل يوم أداء اليمين للحكومة الجديدة كمناسبة لتقديم اجمال لفترة ولايته. ليس للنقد الشخصي، لا سمح الله، بل لتسوية حسابات – غرس سكين في ظهر مدير عام وزارته السابق، موشيه بار سيمنطوف. في مقابلة مع قناة “كان ب” اوضح ليتسمان بأن الحكومة ردت بذعر زائد على وباء الكورونا، وأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو استجاب للمخاوف التي تعهدها مدير عام وزارة الصحة. هو نفسه، قال، صرخ في جلسة الحكومة بأنه لن يكون عشرات آلاف الوفيات، “وأن هذا مجرد أمر مبالغ فيه”. ولكن نتنياهو اختار الاصغاء لسيمنطوف.

​وصف ليتسمان بالمناسبة صحيح، حتى لو كان يبالغ في قوة المعارضة التي اظهرها في جلسة من جلسات الحكومة في نهاية شهر آذار. ولكن عندما وصلت الامور الى المراسلين، عندها قام مكتبه بنفيها بصورة تامة. التنصل العلني والمتأخر للوزير التارك من مدير مكتبه أصبح اكثر قبحا على خلفية أداء ليتسمان الشامل خلال الازمة.

​هو الشخص الذي اختفى من الصورة حتى قبل اصابته بالكورونا، وخرق شخصيا وعن سبق اصرار التعليمات التي اصدرتها الوزارة، وساعد بدون قصد على المس بصحة ناخبيه عن طريق التسهيلات والاعفاءات التي اهتم باعطائها للمتدينين في بداية الطريق.

​عرض هذه الامور الآن هو بمثابة اظهار الحكمة بعد حدوث الحدث. الزوج بيبي – بيرسي اتبع حقا سياسة متشددة تقضي بأخذ الحد الأدنى من المخاطرة، والذي تمثل بالاغلاق شبه الكامل والضرر الشديد على الاقتصاد. ولكن هذه القرارات اتخذت في ظروف عدم اليقين الكامل ووجود مخاطرة محتملة كبيرة، مثل الخطر الذي تحقق في الولايات المتحدة وفي بعض الدول الاوروبية. معظم الدول الغربية التي تميل اسرائيل الى مقارنة نفسها بها، اتخذت خطوات مشابهة أو حتى متشددة أكثر (السويد هي استثناء؛ بريطانيا سوت خطها بشكل متأخر، وتدفع عن ذلك الثمن حتى الآن). في الدول التي بكرت في التصرف على هذا النحو فان الفيروس يوجد الآن في حالة تراجع.

​مع ذلك، مر وقت الى أن تبين أنه في اسرائيل مثلما هي الحال في الدول المحيطة بها، فان الاصابة بالفيروس وعدد الوفيات هي أقل بدرجة كبيرة مقارنة مع ما يحدث في غرب اوروبا. ايضا الآن حيث تعزز التقدير بأن فيروس الكورونا هو أقل عدوى في الطقس الحار، لا يوجد ما يكفي من الابحاث العلمية التي يمكنها دعم ذلك بصورة مؤكدة، والمعرفة عن الفيروس ما زالت جزئية جدا. كل ذلك لا يقلل من الاستغلال الساخر الذي قام به نتنياهو في هذا الوباء العالمي من اجل اغراضه الشخصية أو لتأجيل محاكمته مدة شهرين، وتقسيم ازرق ابيض وتشكيل حكومة وحدة في الظروف المريحة له رغم التعادل في الانتخابات الثالثة – لكن هذا ليس ما قصده ليتسمان.

​وزير الصحة التارك محق في أمر واحد وهو نشر التنبؤ بشأن آلاف الوفيات وبعد ذلك عشرات آلاف الوفيات كان خطوة مبالغ فيها مثلما كتب هنا في حينه. هذا لم يكن صدفيا بالضبط. هذا كان نهج نتنياهو بواسطة بار سيمنطوف للدفاع عن نفسه في لجنة تحقيق محتملة في المستقبل، كي يوضح بأنه كان الأول الذي شخص الخطر وحذر الجمهور منه.

​استغلال الهدنة

​في هذه الاثناء وازاء انخفاض حاد في الاصابة بالمرض (في الايام الاخيرة تم تشخيص عدد قليل من المرضى الجدد)، عاد التعليم أول أمس في كل مراحله. الكبسولات المنفصلة تم التخلي عنها. وبدلا من ذلك الطلاب يتم زجهم في صفوف مليئة مع المطالبة باستخدام الكمامات طوال الوقت بدون تكييف أو بتكييف مع نوافذ مفتوحة. الامتثال لهذه التعليمات لن يستمر الى فترة طويلة. يجب علينا الأمل بأن يتضح أنه تكفي حقا موجة الحر الاستثنائية من اجل وقف تفشي جديد للفيروس.

​هذه الهدنة التي حصلت عليها اسرائيل يمكن استغلالها بنجاعة في حالة أن الفيرس عاد مع ذلك الى هنا قبل الشتاء. وزير الصحة الجديد، يولي ادلشتاين، سيكون عليه التأكد من أن جهاز الصحة يحظى بتعزيز مهم حتى ذلك الحين: استمرار فحوصات كورونا واسعة رغم قلة من يتوجهون الى مراكز الفحص، تسريع اطلاق فحوصات تطعيمية (لاكتشاف مضادات في الجسم)، تقصير الفترة الزمنية للعثور على المصابين المحتملين والذين خالطوا مصاب وتأهيل المزيد من الطواقم لتصبح على معرفة بتشغيل اجهزة التنفس الاصطناعي.

​الطواقم الطبية تحصل الآن على التشجيع الشامل بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها في الاشهر الاخيرة ونسبة الوفيات المنخفضة. ولكن يبدو أن النتائج  ايضا كانت دالة على الموارد الضخمة التي استخدمت في محاربة الكورونا. لأن الحديث يدور عن جهاز الصحة الذي كل موجة انفلونزا تقريبا يدمره في كل شتاء. وطواقم التلفاز تأتي لتصوير كبار السن في اروقة المستشفيات.

​عند انتهاء عمل مركز السيطرة الوطني لمحاربة الكورونا في تل هشومير اصدر الجيش والموساد تقرير اجمالي لنشاطهما هناك. الوضع الموصوف في التقرير لا يمتدح الجهاز الصحي. رجال اجهزة الامن بدأوا في العمل في 21 آذار، بعد شهرين على تشخيص منظمة الصحة العالمية للكورونا بأنه فيروس ينتقل من شخص الى آخر. وقد وجدوا ضمن امور اخرى نقص في المعرفة وادارة غير منظمة في مجال المشتريات، ومخازن تقريبا فارغة من معدات الوقاية للطواقم الطبية، مخزون أدوية تقريبا لم يكن موجود، والى جانب ذلك عدم قدرة لوجستية على استيعاب معدات بسرعة.

​في التقرير كتب ايضا أنه كان نقص في المواد اللازمة لفحص الكورونا. والى حين تمت بلورة اجهزة بديلة عن طريق الجيش والموساد، لم تكن هناك قدرة على بلورة صورة كاملة للوضع بشأن تفشي المرض في اسرائيل. ويتبين ايضا أن شراء اجهزة التنفس من الخارج الذي وضع من البداية كهدف قومي ملح، فشل فشلا ذريعا. في نهاية المطاف تم شراء حتى الآن أقل من 200 جهاز تنفس من بين الـ 11 ألف جهاز وقعت اسرائيل على عقود شراء لها. منذ ذلك الحين انشئت بسرعة في اسرائيل خطوط انتاج في الصناعات الامنية، ولكن الآن وزارة الصحة تنشغل في محاولة الغاء عدد من عقود الشراء في الخارج.

​من يطلع على التقرير يمكنه أن يكمل بنفسه السطر الاخير غير المكتوب فيه بشكل صريح: لقد كان لدى اسرائيل اكثر من شهر منذ تحذير منظمة الصحة العالمية وحتى تشخيص المريض الاول في البلاد في 27 شباط. في هذه الفترة تم اتخاذ عدة قرارات حيوية. ولكن في الشهرين اللذين مرا حتى دخول جهاز الامن الى الصورة، التحضيرات التي تمت لم تكن قريبة مطلقا من الهدف الذي وضعته الدولة لنفسها.