بات من المهم ان نضع المفاهيم للرقم الصعب للمصطلح السياسي الذي رافق حقبة الثمانينات من القرن الماضي واطلقه ياسر عرفات على الشعب الفلسطيني "" الرقم الصعب في معادلة الشرق الاوسط "" اتى هذا المصطلح بعد الخروج من بيروت ، وعندما سالوا ياسر عرفات الى اين ..؟ قال الى الدولة الفلسطينية ، ومضيفا انني ارى ماذن وكنائس القدس في اخر النفق ، وعندما يئس ياسر عرفات من تحقيق الدولة وفشل المفاوضات واحساسة الحاضر بان استجلابه الى فلسطين هو وقواته المؤدلجة على قبول واقع اوسلو قال: سياتي يوما شبل من اشبالنا وزهرة من زهراتنا ان يرفعوا علم فلسطين فوق كنائس واذن القدس ، وفي حصاره الذي ادرك فيه نهايته قطع الحبل السري لتغذية الجنين قائلا : عالقدس رايحيين شهداء بالملايين ، وهنا وبدون رجعة او مواربة وبكبرياء الزعيم عندما لايرغب بالاعتذار لشعبه اتى بما يفيد لهذا الشعب بطريق امن به ودفع من اجله الشهداء اي العودة للكفاح المسلح والحرب الشعبية والخيار الاهم للحفاظ على الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية التي اتى من اجلها ياسر عرفات لغزة والضفة .
الرقم الصعب اطلقة ياسر عرفات في مواجهة عدة اطروحات دولية واقليمية تسعى لتجاوز منظمة التحرير والتمثيل الفلسطيني باعتبار ان زعامته للمنظمة وتمثيلها للشعب الفلسطيني وما يناله من شبه اجماع على زعامته وكانه يقول اي حلول لابد ان تمر من هنا ، ومن خلالنا فهو الذي افشل روابط القرى سابقا وافشل التمثيل الموازي في مؤتمر مدريد المصادف 30/10/1991 ووجود وفد مشترك مع الاردن ترضى عنه منظمة التحرير كانت في ذاك الوقت توجهات بوش الاب حل النزاع على مبدأ "" الارض مقابل السلام" وحل اقتصدي بتوفير راس المال لانجاح حل الصراع. وتحت مبدأ القرار242و338و425، ويُذكر ايضا أن بعض الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة بتاريخ 29 أكتوبر 1991 الذين قدموا أغصان الزيتون إلى الجنود الإسرائيليين هم ذات الفلسطينيين الذين كانوا يقذفونهم بالحجارة. وفى غزة نظم أيضا أنصار عرفات مظاهرة سلام وتبادلوا التحية مع المحتلين.، من المؤسف ايضا ان القيادة الفلسطينية بدأت بالتعبئة الشعبية نحو مفهوم سلام قادم مع الاسرائيليين ومفاوضات مباشرة تم تكليف ساري نسيبة بالاتصال بالمجتمع الاسرائيلي وتشكيل لجان سياسية من اجل هذا الغرض.
جيمس بيكر اتبع السياسة المكوكية لسياسة الخطوة خطوة التي ابتكرها لفكفكة ازمات الشرق الاوسط ومنها معاهدات السلام بين بعض الدول العربية واسرائيل ، مؤتمر مدريد فتح المجال لمفاوضات ثنائية تمتد لعدة سنوات وهذا ما تم تاكيده من ذهاب ممثلين للقيادة الفلسطينية لمفاوضات مع الاسرائيليين في بلجيكا والنرويج ورومانيا والمغرب ولبنان وتونس وصولا لبياريس واعلان المبادي غزة اولا والتي تحفظ عليها المصريين ليضيفوا اريحا " وليصبح اتفاق اوسلو ( غزة اريحا اولا ) وهو منا تيقظ له المصريين من اختزال للقضية الفلسطينية والجغرافيا السياسية والابتعاد عن الضفة الغربية التي تسميها اسرائيل يهودا والسامرة ارض الاجداد ..
الرقم الصعب واتفاق اوسلو المُهين:-
اتفاق اوسلو يتكون من مرحلتي المرحلة الاولى يسمى اعلان المبادي وتم توقيعه في 13/9/1993م من قبل شمعون بيرز ومحمود عباس الاب الروحي لمبدأ التعايش مع اسرائيل في ظل دولتين بناء على فرضيات مؤتمر مدريد محمود عباس امين سرمنظمة التحرير وشمعون بيرز وزير خارجية اسرائيل في ذاك الوقت وبحضور الرئيس الامريكي بيل كلنتون، وكلمة من رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات : تلتزم منظمة التحرير بحق دولة اسرائيل بالعيش بسلام وامن الوصول لحل لكل القضايا العالقة بالمفاوضات وهو نفس الالتزام الذي يؤكد عليه عباس في كل خطاباته الى يومنا هذا والذي اكده في كلمته الاخيرة التي يقرر فيها خطابيا تنفيذ قرارات المجلس المركزي بوقف التعامل مع اتفاقية اوسلو والتنسيق الامني ، ومن ضمن الالتزامات التي اقرها عرفات نبذ العنف والارهاب وتعديل بنود الميثاق لتتماشى مع المتغيرات والزام كل رجال منظمة التحرير بهذا الالتزام ووضع العقوبات للمخالفين "" طبعا تحت هذا المبدأ تم استبعاد خيرة الكوادر الفتحاوية وترقين قيدها وعدم ادراجهم في كشوف العودة للوطن والحصول على الرقم ما يسمى الوطني الصادر عن الادارة المدنية للاحتلال ، هي نفس الالتزامات التي مازال محمود عباس ملتزم فيها .
طبعا ياسر عرفات وجه رسالة الى وزير الخارجية النرويجي يوهان يوغن هوست كدولة راعية للمفاوضات يؤكد فيها بانه سيدعو وستدعو منظمة التحرير الفلسطينية الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة الى التعاون والمشاركة في التطبيع مع الاسرائيليين ونبذ الارهاب والعنف والبناء والتمية والتعاون ، اما اسحق رابين قائلا بناء على التزام منظمة التحرير بالمباديء التي وقعت عليها قررت الحكومة الاسرائيلية الاعتراف بمنظمة التحرير باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني والتفاوض معها .
المرحلة الثانية اوسلو2 ""طابا"":-
وهي اسست للمناطق abc الاتفاق الانتقالي في الضفة وغزة تم التوقيع على تلك الاتفاقية في 28 /9/1995م واسست لسيادة محدودة للسلطة الحكم الذاتي في ab اما c والتي تبلغ مساحتها 60% من الضفة تحت السيادة الاسرائيلية والتوسع الاستيطاني الذي اصبح يتجاوز المليون وعشرات الطرق الالتفافية للمستوطنات والجدار و550 حاجز يفصل المدن والقرى في الضفة ، تم التوقيع على الاتفاقية من قبل ياسر عرفات واسحاق رابين وبحضور الرئيس الامريكي بيل كلنتون وممثلين عن مصر واردن والاتحاد الاوروبي وروسيا ( الهدف من الاتفاقية كما افادت الحكومة الاسرائيلية توسيع صلاحيات السلطة في المناطق لادارة شؤونهم بنفسهم من خلال حكم ذاتي يخضع لمحددات الاتفاق الجغرافية والامنية
اذا الاتفاق الذي لم ينص على تجميد او لجم الاستيطان في المنطقة c وفي الغور وفي مجال تسجيل العقارات والاراضي التي تخضع للسلطات العسكرية الاسرائيلية وكما ينص البند الثالث في الاتفاقية احترام حقوق الاسرائيليين في المناطق وكذلك اجازة الانتخابات في مناطق السلطة وتشكيل مجلس نيابي من 82 عضوا والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وجدير بالذكر ان محمود عباس حل المجلس التشريعي وعمل على تقويض صلاحيات القضاء والهيمنة على السلطات التنفيذية التي تعبر عنها حكومة السلطة .
وعودة مرة اخرى لما اشيع عن الرقم الصعب ، ففي تلك الحالة قد نقول ان الشعب الفلسطيني هو الرقم الصعب والزعيم او القائد هو الذي يلبي ما يدركه الشعب وما يطلبه وكانت الثورة الفلسطينية والكفاح المسلح فعلا تمثل الرقم الصعب في اي معادلات سياسية ، الا ان سوء استغلال البندقية والخروج عن ادبياتها التي لخصت بمقولتين " البندقية الغير مسيسة قاطعة طريق ، اما الثاني السياسة تنبع من فوهة البندقية " وهذا ما استبعدته منظمة التحرير وبدأت تفقد رويدا رويدا وخطوة خطوة كما قال كيسنجر عناصر الرقم الصعب وهو الشعب وخاصة الالتزامات التي فرضتها منظمة التحرير كنهج سياسي وثقافي على الشعب الفلسطيني واقتصادي ايضا ً وسياسة العصا والجزرة على منتسبيها ، وسياسة المكيالين بين مؤيد ومعارض ، وهي تلك الالتزامات التي التزم بها ياسر عرفات مع اسحاق رابين والالتزامات ايضا التي التزم بها محمود عباس مع الاسرائيليين ايضا الى يومنا هذا .
عن اي رقم صعب نتحدث الان ؟وكانت التوصية ان منظمة التحرير ستعمل جاهدة على التطبيع مع الاسرائيليين وتطويع الشعب الفلسطيني لهذا التطبيع ولهذا السلام المختزل والميؤوس منه الان فوق على انه مختزل وهابط ، فاسرائيل الان لم تعد بحاجة لتتذكر ما قاله ياسر عرفات عن الرقم الصعب ، فذهب ياسر عرفات بما له وما عليه وبقي محمود عباس ينفذ نفس الالتزامات رغم ان المشروع الصهيوني ماض بمنهجية وبرنامج واثق من تحقيق نتائجه سواء بضم القدس والمدينة القديمة في الخيل والغور والغور الشمالي والقدس الموحدة وخطة طموحة لمليون ونصف مستوطن في الضفة الغربية وضم المستوطنات وتنفيذ خريطة الكنتونات التي طرحتها الادارة الامريكية بما يسمى صفقة القرن وبدون شريك فلسطيني ولكن هناك شركاء فلسطينيين يعملون بما يخالف رؤية السلطة ورئيسها الذي يعمل بكل مجهود للحفاظ على مصالح فئة وطبقة اسست السلطة بصرف النظر عن سلبياتها وفشلها في ادارة الصراع ، الا ان الاسرائيليين يضعوا بدائل لهذه السلطة وعلى الاقل لرأس النظام السياسي ، اما النظام الامني فهو مكبل والمؤسساتي ايضا برؤية ووثيقة دايتون المشرفة عليها وكالة المخابرات المركزية الامريكية والاسرائيلية ودول اوروبية ، فولائها اولا واخيرا لتلك المدرسة التي انشاتها ، ويبقى الان السؤال الوارد هل فعلا محمود عباس وقرارات منظمة التحرير تستطيع ان تمضي قدما في عزل ذاتها عن التزاماتها باسولو ؟ لا اعتقد ذلك فخياراتها صفرية معدومة غير محددة العناصر لمعادلة من الممكن ان تفرضها فالخيار الان كما بدأ من الاسرائيليين سينتهي بالاسرائيليين ورؤيتهم لطبيعة الكيانية الفلسطينية في الضفة المنفصلة عن غزة ولو مرحليا .
بدائل الاسرائيليين جاهزة للتعامل في كل الظروف وفي تجاوز للسلطة في ظل ترهل وضعف تنظيم حركة فتح وبنائه على ثقافة محددة ، ثقافة التطبيق والرتبة والراتب والامتيازات ، فالحركة الوطنية الفلسطينية اجهظت بفعل اكثر من 30 عام من العبث فيها ، ولكن اريد ان اذكر عن الرقم الصعب ايضا مره اخرى :
في الثمانينات من القرن العشرين اصدر الكاتب الان هارت كتابة الشهير عن حياة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ، وقد حمل الكتاب عنوانين في الطبعة الانجليزية " عرفات ارهابي ام صانع سلام " وفي الطبعة العربية " الرقم الصعب " ثم كتبت رشيدة مهران كتاب ياسر عرفات الرقم الصعب من اصدار مؤسسة الديار للطباعة والنشر عام 1987 ، ومنذ ذاك الوقت او حتى قبله راج مصطلح ليصبح ياسر عرفات الرقم الصعب في المعادلة الفلسطينية وفي معادلة القضية الفلسطينية والشرق الاوسط عامة وهو ما اثبته الايام مع محاولات العزل و القتل او الحصار المتواصل .
يقول ماهر عبد الله في صحيفة الوطن السعودية في 7 /6/2002 عن ياسر عرفات " الرقم الصعب " كان ياسر عرفات محاصرا في المقاطعة في رام الله " انه عندما اضطر ياسر عرفات لان ينحاز الى مشاعر شعبه وجد نفسه يخرج من دائرة الحظوة الامريكية وعاد الكلام مجددا عن عدم اهليته للمقبولية او الاعتراف ولكن الشعبية التي حظي بها اضافة الى مجمل الوضع العام جعلت امريكا تدرك ما ادركه كثيرون قبلها ان ياسر عرفات لا يزال رقما صعبا في المعادلة الفلسطينية .
ومن اهم ما ذكره عرفات عام 15/5/2001 اثناء حصاره كلمته هذه الموجهة للشعب الفلسطيني :
يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد المرابط ، يا شعب الجبارين ، يا شعب الجبارين ، ان شعبنا الفلسطيني العريق في انتمائه العربي القومي الاصيل قد تحدى النكبة واهدافها في الوطن وفي المنافي ، ففي الوطن اعاد البناء وشرع في مواجهة تصعيد قوى الاحتلال بدأب وصبر ومثابرة وحفر الصخر وعمر الارض ووقف على قدميه يواجه غطرسة القوة للاحتلال والمحتلين ، وفي المنافي حول شعبنا المخيمات الى بركان يغلي بالغضب في وجه مؤامرة التشرد واللجوء وحمل لاجئو عام 48 راية الوطن والكفاح في اقسى الظروف واصعبها ، وفرضوا الوجود الفلسطيني على العالم ليكون الرقم الصعب في معادلة الشرق الاوسط .