ماذا دار بين بوتين ونتنياهو... خلف الكواليس ؟

يوسي
حجم الخط

 بقلم: يوسي ميلمان

29 أيلول 2015
التقى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو، الأسبوع الماضي، على خلفية زيادة التدخل العسكري الروسي في سورية. وفي القاعدة الجوية التي تبنيها روسيا قرب اللاذقية في شمال سورية شوهدت 28 طائرة حربية حتى الآن. لكن عدا أحاديث المجاملة وتبادل التقديرات بشأن الوضع من المشكوك فيه جداً أن تغيّر هذه الزيارة ولو بأدنى قدر السياسة الروسية في سورية عموماً وفي الشرق الأوسط خصوصاً.
وفي اللقاءات السابقة بين رؤساء الحكومات الإسرائيليين ورؤساء روسيا، وبما يشبه الطقوس الثابتة، كانت إسرائيل تعرض قلقها من بيع السلاح الروسي المتطوّر (طائرات، صواريخ، منظومات دفاع جوي) لسورية وإيران، التي «تتسرّب» عبرهما إلى "حزب الله". وكان يجري إسناد هذا القلق بمعلومات استخبارية تُعرض في اللقاءات. والروس من جانبهم ينفون أن الأسلحة التي صنعوها تصل لأيادي "حزب الله"، وإذا حدث ووصلت هذه الأسلحة لـ "حزب الله" فإن ذلك خلافاً لعلمهم، ويعِدُون بفحص الشكاوى الإسرائيلية.
وعند عودتهم إلى إسرائيل يهرع رؤساء الحكومات للتصريح علناً أو عبر التسريب لوسائل الإعلام بأن الزيارة حققت هدفها، وأنه تمّ إقناع الروس بعدالة المطالب الإسرائيلية. وهذا ما جرى أيضاً، الأسبوع الماضي، بعد لقاءات بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان، غادي آيزنكوت، الذي رافقه في الزيارة والتقى أيضاً بنظيره الروسي، الجنرال فاليري غرسيموف، واتفقا على تشكيل لجنة برئاسة نائبيهما للبحث خلال أسبوعين في إنشاء آلية تنسيق لمنع خطر الاصطدام والاحتكاك بين الجيشين في الأراضي السورية. وينبغي التشديد على أنه ليس هناك حتى الآن اتفاق مع الروس ولكن هناك تفاهم حول التباحث في محاولة التوصل لتنسيق كهذا.
وسبق لنا أن رأينا في الماضي كيف أنه قبل مرور وقت طويل يتضح أنه ليس في الواقع أي جديد. روسيا على حالها. وهي تبيع السلاح أو تعرقل صفقات وفقاً لمصالحها الخاصة. وهذا مثلاً ما حدث مع صفقة بيع منظومة الدفاع الجوي والصواريخ ضد الطائرات من طراز 300־S لإيران. فقد تمّ التوقيع على الصفقة وبعد ذلك جرى تعليقها لسنوات عدة، والآن فقط، بعدما أبرم الاتفاق النووي مع الدول العظمى، أعلنت روسيا أنها سوف تحترمه.
ومن أجل تجسيد الأهمية التي أضفاها نتنياهو على الزيارة اصطحب معه في حاشيته كلاً من رئيس الأركان آيزنكوت ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، هرتسي هاليفي، فضلاً عن المشاركة الدائمة في مثل هذه الزيارات لمستشار الأمن القومي ورئيس مجلس الأمن القومي، يوسي كوهين، الذي يتوقع أن يتم تبشيره بعد ثلاثة شهور بتعيينه رئيساً لـ "الموساد". وقد شارك هاليفي وآيزنكوت في اللقاء مع بوتين، لكنهما أقلا في الكلام. في اللقاء مع نظيريهما عرضا صورة الوضع في سورية كما تراها إسرائيل.
 إسرائيل قلقة من نقل أسلحة من إيران وسورية إلى "حزب الله"، وأيضاً من حقيقة أنه وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي وصلت لأيدي "حزب الله" في السنوات الأخيرة أيضاً صواريخ أرض - بحر من صنع روسي، ياخونت، التي تعتبر الأكثر تطوراً في العالم. وثمة قلق آخر من جانب إسرائيل ينبع من مساعي إيران المتواصلة منذ أكثر من عام بمساعدة "حزب الله" لإنشاء بنية تحتية إرهابية في الجولان السوري. وقد تمّ إحباط هذه المحاولات حتى الآن عبر غارات نسبت لسلاح الجو الإسرائيلي، قتل فيها أيضاً جنرال إيراني، وقادة كبار من "حزب الله" (بينهم جهاد مغنية) ونشطاء آخرون.
ولكن قبل كل شيء تحوم خشية إسرائيلية من أن ترسيخ الوجود الروسي في سورية (نشر طائرات حربية، دبابات، سفن حربية، وحدات خاصة، منظومات دفاع جوي وسواها) سيقلّص هامش مناورة الجيش الإسرائيلي عموماً وسلاحه الجوي خصوصاً في الجارة الشمالية.

صفقة مع الروس
إسرائيل غير معنية بالتدخل في الحرب الأهلية في سورية. وبالعكس، وبقدر ما يبدو الأمر وحشياً وغير أخلاقي، فإن استمرار الحرب الدموية يعزز التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة ويُضعف "حزب الله" وإيران، اللذين تُسفك دماؤهما في ميادين القتل. وبين فترة وأخرى تتدخل إسرائيل في الحرب، كلما اعتقدت أن مصالحها الأمنية تستدعي ذلك. وهذه المصالح، كما حددها وزير الدفاع، موشي يعلون، ورئيس الأركان آيزنكوت، تتلخص في منع نقل أسلحة حديثة لـ "حزب الله،" وإحباط عمليات ضد إسرائيل، وبذل كل جهد لأن لا تتضرّر الطائفة الدرزية في سورية.
وعلى مرّ السنين، حتى قبيل الحرب الأهلية، عملت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تقريباً بحريّة في الأجواء السورية. وفي العقد الأخير هاجم سلاح الجو الإسرائيلي علناً أهدافاً إرهابية، وتواترت تقارير عن طلعات استكشافية واختراق جدار الصوت فوق قصر الرئيس بشار الأسد في دمشق، وبلغت الأمور ذروتها بتدمير المفاعل النووي السوري في العام 2007، وهي الغارة المنسوبة أيضاً لسلاح الجو الإسرائيلي. ومنذ نشوب الحرب الأهلية، وفق تقارير أجنبية، تكاثرت غارات سلاح الجو في سورية، وسجلت على الأقل عشر غارات ضد قوافل سلاح لـ "حزب الله".
وتمّت غارات سلاح الجو حتى الآن كلما توفرت لإسرائيل معلومات استخبارية وتوفرت الجاهزية العملياتية، من دون الاضطرار لتنسيق ذلك مع أي جهة كانت. ومن الآن سوف تضطر إسرائيل للتنسيق سلفاً بشأن عملياتها مع روسيا، لذلك فإن غاية زيارة نتنياهو كانت أولاً وقبل كل شيء، عدا توضيح مواقف ومصالح إسرائيل، الحفاظ على حرية العمل الإسرائيلي، عبر توفير موافقة أو على الأقل تفهم روسيا، سواء بشكل صريح أو بصورة صامتة، بشأن ما يُسمّى DECONFLICTION.. وهذا يعني إنشاء آليات تنسيق مسبق، تقلص مخاطر الاحتكاك بين طائرات إسرائيلية وأخرى من سلاح الجو الروسي. وآلية كهذه يمكن تفعيلها عبر استخدام خطوط هواتف مباشرة «ساخنة» أو «حمراء» ـ تربط بين قيادتي الطرفين. وهناك إمكانية أخرى وهي الاتفاق على أن طائرات سلاح الجو لهذا الطرف ترسل إشارات تعريف لطائرات سلاح جو الطرف الثاني وبالعكس.
لكن مشكلة إسرائيل لا تكمن في شكل التنسيق ـ بل هي أشدّ جوهرية. وما يهم إسرائيل حقاً هو هل بالوسع التوصل إلى تفاهمات مع روسيا حول تقسيم الأجواء السورية إلى مناطق نفوذ ونشاط. وإسرائيل تسعى لأن لا تعرقل روسيا ولا تتدخل في المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، ولا في العمليات التي ترى هي من الصواب القيام بها. وإسرائيل، من جانبها، تتعهّد بعدم الاقتراب من شمال الدولة، حيث تقيم روسيا قاعدة كبيرة في سورية.
ولكن ثمّة شك كبير في إمكانية التوصل إلى مستوى تنسيق كهذا. فموافقة بوتين، خصوصاً العلنية، على إنشاء آلية تنسيق، هي مثل الاعتراف من جانبه بإقراره بحق إسرائيل في العمل في الأجواء السورية. وبوصفه يؤيد استمرار حكم الرئيس الأسد ـ التدخل الروسي الجديد معَدّ لغايات بينها منع انهيار الحكم في دمشق ـ فإن بوتين سيعارض أن تنتهك إسرائيل أو أية دولة أخرى سيادة مَن يرعاه. ومن المؤكد أنه ليس بوسع إسرائيل التحليق في سماء دمشق.
الذهاب إلى موسكو قيّد حرية العمل الإسرائيلي. ومرة أخرى (الأولى كانت مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي) تتعلّم إسرائيل حدود قوتها العسكرية حينما تقف قبالتها قوة عظمى عالمية، لها مصالح واضحة في الشرق الأوسط. ورغم ذلك، هذا أفضل من التعرّض لمواجهة في أرض الحليف الوحيد الباقي لروسيا في المنطقة.
باختصار، حتى لو تحققت تفاهمات من خلف الكواليس، من الواضح أن حرية العمل غير المحدودة التي تمتّعت بها إسرائيل في سورية طوال سنوات ـ حتى قبل الحرب الأهلية ـ ستتقلّص. مع ذلك، ينبغي أيضاً رؤية الجانب الإيجابي في الاتصالات. فتورّط روسيا العميق في سورية قد يكون على حساب نفوذ إيران على النظام السوري. ورغم صعوبة التعمّق في اعتبارات بوتين، من الواضح أن أحد أسباب قراره زيادة الوجود العسكري ينبع من خيبته من إيران و"حزب الله"، «غير القادرين على توفير البضاعة» في حماية حكم الأسد.

سيناريو حوار
بسبب أن محضر حوار نتنياهو وبوتين لن ينشر قريباً، وعلى أساس رصد لقاءات رؤساء حكومات إسرائيل مع الرئيس الروسي، أسمح لنفسي بتقدير، وأساساً تخيل، كيف جرى الحوار.
بوتين: سلاماً سيدي رئيس الحكومة. أرحّب بك في زيارتك القصيرة لروسيا. هذه زيارتك الرابعة، أليس كذلك؟
نتنياهو: الخامسة، سيدي الرئيس. يشرفني الحضور هنا، وشكراً على استجابتك السريعة لطلبي بمقابلتك.
بوتين: كيف حال زوجتك اللطيفة؟ سفارتنا في تل أبيب أبلغتنا وفق تقارير تلفزيونية أنها تبدو مذهلة.
نتنياهو: نعم. شكراً. سيدي الرئيس.
بوتين: من فضلك نادني فلاديمير.
نتنياهو: الجميع يناديني بيبي. سارة تهديك تحياتها وتأسف لأنه تعذّر عليها الحضور. وكما رويت لك فإنها أخصائية نفسانية تربوية وهي منشغلة بافتتاح السنة الدراسية.
بوتين: عندنا أيضاً بدأت السنة الدراسية. وكما ترى فإن الطقس ممتاز، رغم أننا نستعدّ للشتاء القارس عندنا.
نتنياهو: يا فلاديمير، بصفتي عاشقاً للتاريخ فإنني أعرف أن الشتاء يمنح لروسيا عظمتها، ولحسن حظ الحضارة فإن نابليون وهتلر تعلّما ذلك على بدنيهما. ولكن ليس الشتاء وحده ما يمنحكم العظمة. فنحن كدولة صغيرة تناضل من أجل البقاء، نفهم في إسرائيل ونقدر ونحترم قوة روسيا. ولذلك جئت للتباحث معك.

بوتين: تفضّل.
نتنياهو: جئت ومعي رئيس أركاننا، الجنرال غادي آيزنكوت، ورئيس استخباراتنا العسكرية، الجنرال هرتسي هاليفي، وكلاهما مقاتلان مخضرمان.
بوتين: سمعت عنهما. رجال جيشنا يقدرونكما.
نتنياهو: من فضلك يا فلاديمير، سأعطيهما حق الكلام في استعراض قصير. وأعدك بعدم الخروج عن الموعد المحدد للقاء.
بوتين: (ينظر في ساعته)، لدينا وقت. أنا غير مقيّد بالوقت. اذا اضطررت سأؤجل لقائي مع حاكم فلاديفستوك الذي ينتظرني. بيننا، أنا لا أطيقه.
نتنياهو (يضحك بصوت عالٍ): عندي أيضاً قائمة أشخاص لا أطيقهم، لكني لا أجرؤ على قول ذلك. هذا هو الفارق بين رئيس قوة عظمى ورئيس حكومة دولة صغيرة. لقد جئنا إليك لنسمع عن خططكم في سورية وعواقب الخطوات الروسية علينا.
بوتين: خططنا واضحة وأعلنّاها صراحة. لا شيء لدينا نخفيه. مجانين "داعش" خطر على العالم بأسره. عليكم وعلينا. تنبغي هزيمتهم. ونحن نعتقد أن الأسد يحاربهم ولذلك ندعمه. فالدول التي تتفكّك تشكل خطراً على الاستقرار. الأسد وجيشه ضعفا وهما لا يشكلان خطراً عليكم.
نتنياهو: أتفق معك يا فلاديمير، لا مشكلة لنا مع الأسد. بعد غد سيحتفل الشعب اليهودي بأقدس أيامه، يوم الغفران. قبل 42 عاماً وقعت حرب قاسية بيننا وبين مصر وسورية، والرئيس السادات صنع سلاماً معنا. حافظ، والد بشار، رفض ذلك. لكنه مع ذلك حافظ على اتفاقية فصل القوات. والحدود بيننا وبين سورية هادئة منذ ذلك الحين. واليوم أيضاً ثمة مصلحة في الحفاظ على هدوء الحدود. ونحن لا نتدخل في الحرب الأهلية. كل ما نريده هو الحفاظ على الهدوء على حدودنا.
بوتين: بوسعي تقديم وعد لك بأن روسيا تصرّفت وسوف تتصرف دوماً بمسؤولية في سورية وفي الشرق الأوسط، ونحن أيضاً نفهم هواجسكم الأمنية. وأنا أقترح أن يعرض جنرالاتك ما لديهم في لقاء يعقدونه مع نظرائهم.
نتنياهو: حسناً. فقط أرجو السماح لرئيس الاستخبارات العسكرية بعرض معطيات عدة. تفضّل يا هرتسي.
هاليفي: لا حاجة لتوضيح مدى تعقيدات الوضع في الشرق الأوسط وصعوبة فهمه وتقديره. ولذلك سأركز على نقاط عدة. فبحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن إيران وكذلك الأسد يواصلون نقل أسلحة متطورة جداً، بما فيها صواريخ أرض- أرض بعيدة المدى ودقيقة لـ "حزب الله"، الذي يملك حالياً حوالي 100 ألف صاروخ موجَّه نحو إسرائيل. وبين وقت وآخر فإن أسلحة من صنع روسي تنجح في الوصول إلى "حزب الله"، مثل صواريخ ياخونت، التي يمكن أن تعرّض للخطر منشآت الغاز الخاصة بنا في عرض البحر المتوسط. وهناك أيضاً نقطة أخرى. إيران تحاول في السنة الأخيرة تفعيل الإرهاب ضدنا عن طريق أتباع في هضبة الجولان. ولدينا قرائن واضحة تشهد على التورط الإيراني وبوسعنا تقديمها لكم.
نتنياهو: شكراً جزيلاً، هرتسي. والآن أطلب من رئيس الأركان تقديم عرض قصير. تفضّل يا غادي.
آيزنكوت: سيدي الرئيس، سيدي رئيس الحكومة، إن مهمة الجيش الإسرائيلي هي الدفاع عن إسرائيل. وكجندي خبر الحروب فإنني أعرف الثمن، ولذلك فإنه ليست لنا أي مصلحة في الحروب – مصلحتنا هي في حماية أمننا القومي. والجيش الإسرائيلي وأنا شخصياً نحترم جداً الجندي الروسي ونقدّر قدراته. ولذلك فإننا بحاجة لبذل كل جهد من أجل منع حوادث قد تقود إلى احتكاكات بيننا. وقد أعددت بعض النقاط لتشكيل آلية للتنسيق بين الدولتين وسأوضحها لرئيس الأركان الجنرال غرسيموف.
بوتين: شكراً جزيلاً، جنرال. أودّ هنا التشديد على أن الجيش السوري حالياً هو في وضع لا يؤهله لفتح جبهة جديدة ضدكم. هدفنا الأساسي هو الدفاع عن الدولة السورية. وينبغي على كل القوات الأجنبية أن تترك سورية وتكفّ عن العمل ضد السيادة السورية. وعندما يعود السلام إلى ربوع سورية أيضاً لن تكون ثمة حاجة لوجود قواتنا هناك. سيدي رئيس الحكومة، أقترح على الجنرال آيزنكوت أن يسلم وثيقته لهيئة أركاننا وهم سيبحثون الأمر مباشرة معكم.
نتنياهو: حسناً. شكراً جزيلاً على اللقاء وسنحافظ على التواصل.
بوتين: كما الحال دائماً. بالمناسبة بلغ تحياتي لأفيغدور ليبرمان. أنا أحبّه كثيراً. مؤسف أنه ليس في الحكومة. كان وزير خارجية ممتازاً.
نتنياهو: أنا أيضاً أظن هكذا. كنت أودّ جداً أن يكون إلى جانبي في ساعات القرارات الصعبة التي ينبغي أن أتخذها. ربما لديك عليه نفوذ وتقنعه.
بوتين: أفضل أن تتحدّث مع لوكشنكو. إنهما صديقان. بيبي قبل أن تذهب، أعددت لك هدية صغيرة. أعرف أنكم في الماضي واجهتم مشاكل مع الهدايا. لكن هذه هدية متواضعة. زجاجة فودكا فاخرة. أحياناً تشربون كأساً. أليس كذلك؟
نتنياهو: أنا لا أشرب.
بوتين: بلغ تحياتي لسارة.

"يوم الغفران": شعارات وأكاذيب
احتفلوا، الأسبوع الماضي، بمرور 42 عاماً على أقسى حروب إسرائيل، حرب "يوم الغفران"، التي جبّت أرواح 2673 جندياً. وربما كانت هي الحرب التي بالوسع منع وقوعها لو أن القيادة الإسرائيلية، المدنية والعسكرية، كانت أقل غطرسة وأكثر إصغاء للأصوات المصرية. ونشر، الأسبوع الماضي، المسؤول الكبير السابق في "الموساد"، دافيد أربيل، في صفحة الرأي في «معاريف» مقالاً حاول فيه التشكيك بالقول الشائع، بأن إسرائيل «فوجئت» بالمستوى الاستراتيجي من الهجوم بسبب «تقصير استخباري». ووفق رؤيته، فإن الاستخبارات علمت أن مصر تُعدّ هجوما إذا استمر الجمود السياسي. رغم ذلك، تمسكوا بالوضع القائم. بالضبط كما تقدس حكومة نتنياهو ـ يعلون الوضع القائم مع الفلسطينيين حالياً.
في كل حال، سواء كان الفشل استخبارياً أم لا، من المحظور نسيان أنه في ذلك اليوم لم يسقط فقط آلاف القتلى والجرحى والعائلات الثكلى، وإنما وقع ذلك الفعل الفظيع من رئيس شعبة الاستخبارات حينها، الجنرال زعيرا. فمن أجل تطهير نفسه من تهمة التقصير، كشف زعيرا اسم عميل "الموساد"، الدكتور أشرف مروان. وسبق الكشف حملة همس من زعيرا أُعدّت للتشكيك في صدقية مروان وعرضه كعميل مزدوج. مروان لم يكن عميلاً مزدوجاً. كان عميل قمة نوعياً. لكن الحملة المغرضة لزعيرا حققت نجاحاً. ومع مرور الوقت ازداد عدد الصحافيين ورجال الاستخبارات ممن يتبنّون ادعاءه.
كان ينبغي تقديم زعيرا للمحاكمة بتهمة ارتكاب إحدى أكبر الخيانات. رئيس استخبارات يخون عميلاً ويكشف اسمه ـ هذا أفظع ما يخطر بـــبال رجل استخبارات ـ وبذلك قضى عليه. اغتيل مروان، العام 2007، ربما بأيدي الاستخبارات المصرية. على مخــــالفة أقلّ حوكمت عنات كام وسجنت ثلاثة أعوام ونصف. المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، رحــم زعيرا وقرّر قبل بضع سنوات أنه بسبب سنّه (عمر زعيرا حالياً 85 عاماً) لن يُقدَّم للمحاكمة.

عن «معاريف»