من هذه الرحلة الجوية سنعود في التوابيت

حجم الخط

هآرتس – بقلم روغل الفر

بنيامين نتنياهو لم يكن يستطيع أن يكون اكثر وضوحا في مقابلات العيد التي اجراها معه امنون لورد في “اسرائيل اليوم” وحاجي سيغل في “ميكور ريشون”. سيقوم بالضم بعد حوالي شهر، في بداية شهر تموز. مع أو بدون تأييد ادارة ترامب. يفضل أن يكون مع، لكنه سيضم ايضا بدون. هو لا يصغي الى تحذيرات رؤساء الاجهزة الامنية. هو يعرف أن الاردن يمكن أن يلغي اتفاق السلام وأن الدول العربية السنية المعتدلة مثل السعودية ومصر ودول الخليج تعارض الضم، وهي ستضطر الى الرد.

​وهو يعرف ايضا أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تنهار. وحتى اذا لم تنهر فان التعاون الامني مع اجهزة امنها هو بالفعل سيوقف ويمكن أن تندلع انتفاضة. وهو يعرف أن المواطنين في اسرائيل يمكن أن يجدوا موتهم في هجمات ارهابية وأن الاتحاد الاوروبي سيرد بفرض عقوبات. وهو يعرف أنه اذا تم انتخاب جو بايدن رئيسا لامريكا في تشرين الثاني فان الضم سيتسبب بأزمة قاسية في العلاقة بين اسرائيل والولايات المتحدة.

​هو يعلن على رؤوس الاشهاد بأن الـ 50 الف فلسطيني الذين يعيشون في الغور لن يحصلوا على المواطنة الاسرائيلية بعد الضم. هو ضليع في التاريخ. هو يعرف ماذا حدث لمصير البنتوستانات التي انشأها جنوب افريقيا تحت نظام الابرتهايد، وماذا كانت مساهمتها في التحريض ضد الاستبداد الابيض. هو يعرف أن هذا الضم سينفذ على خلفية ركود شديد وضائقة اقتصادية واسعة وعميقة، غير مسبوقة في حجمها، ليس فقط في اسرائيل، بل ايضا في السلطة الفلسطينية. هو يعرف أن حماس تنتظر فرصة كهذه وأنها ستنضم الى العناصر الارهابية المتطرفة في الضفة.

​هو يعرف أن هذا الضم سينفذ على خلفية حرب سايبر تجري بين اسرائيل وايران وأن حزب الله يمكن أن يستغل هذه الفوضى العنيفة التي ستنشأ هنا من اجل اطلاق صليات من الصواريخ على الجبهة الداخلية في اسرائيل. هو يدرك أن اسرائيل يمكن أن تجد نفسها معزولة في العالم، مهاجمة من كل الجهات، في حين أنها غارقة في ضائقة مالية صعبة.

الحرب ستكلف اموال طائلة. ولا توجد لاسرائيل هذه الاموال. ليس لديها حتى اموال لميزانية الدفاع الجارية ومن اجل الخطة متعددة السنوات للجيش الاسرائيلي، هذا من غير الحديث عن اموال للحرب في جبهة واحدة أو أكثر. الارهاب سيصعب جدا عملية انتعاش الاقتصاد. نتنياهو يعرف أنه سينفذ الضم على خلفية خوف من تفشي موجة ثانية من فيروس الكورونا. مواجهة الكورونا يمكن أن تقدم فرصة للهبوط في نسبة الحرب في الشرق الاوسط بسبب المصالح المشتركة لاسرائيل واعدائها في اجتثاث الكورونا. ولكن نتنياهو يعرض للخطر بشكل متعمد هذه التفاهمات.

اغلاق آخر قاتل من ناحية اقتصادية ولا حاجة اليه من ناحية صحية، يمكن أن يظهر مثل الحل الاكثر نجاحا لموجة ارهاب ستندلع. عندما لا يوجد اشخاص في الشوارع وفي المطاعم وفي الحافلات ستزيد صعوبة قتلهم. ربما أن الانتفاضة القريبة سيتم القضاء عليها بواسطة اغلاق سيخرب الاقتصاد. أنا غير متشائم ولا اقوم باشعال الرعب. هذه الامور واضحة للجميع، هذه النقاط يشير اليها نتنياهو نفسه. أنا مجرد أمد خط معقول بينها. هذا هو التنبؤ المعقول للصيف.

مواطنو اسرائيل يسيرون في المسيرة الحمقاء التي تقود مباشرة الى هذه الكارثة – مثل الجنود الامريكيين الذين يسيرون نحو الطائرة التي ستنقلهم الى فيتنام في فيلم “شعر” – لكن يبدو لهم أنهم يظهرون في اعلان لـ “يس” من بطولة نوعا كيرل. والواقع الحزين هذا الذي ينتظرهم هو فيلم غير مرتبط بهم. هو مرتبط بهم. ومن هذه الرحلة الجوية هم سيعودون في التوابيت. ومقابلات العيد التي اجراها نتنياهو هي مثل معزوفة على الكمان ولهيب النار بأداء القيصر نيرون. سيمفونية الضم.