محرر “هآرتس” يريد الضم

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي

محرر صحيفة “هآرتس”، الوف بن، يريد الضم. هذه الاقوال صحيحة بالضبط مثل قول الوف بن بأن “عباس يريد الضم” (“هآرتس”، 4/6). الوف بن هو محلل سياسي حاد وأصيل وربما أنه يعرف ما الذي يريده عباس الآن وبالتأكيد ليس الضم. ولكن الحقيقة هي أن ذلك لم يعد هاما. في أواخر حياته، في ساعة الحضيض الاكبر لشعبه منذ نكبته في 1948 وبعد أن جرب الفلسطينيون كل شيء، لم يبق على طاولة المفاوضات الحالية أي خيار معقول لصالحهم.

من السهل جدا معرفة ما الذي أراده عباس طوال حياته: دولة فلسطينية مثل كل الدول في حدود 1967. هذا هو الحد الادنى المحرج تقريبا لمن كانت هذه البلاد ارضهم حتى وقت قريب. دولة مع حدود مفتوحة كما تريد، سياسة هجرة مستقلة وسياسة تسليح حرة (عباس تنازل عنها) – فقط هذه ستسمى دولة مثل كل الدول. هذه لم تكن في أي يوم على الأجندة، ببساطة لأنه لم يكن في أي يوم من الايام رئيس حكومة اسرائيلي مستعد للتحدث. بسبب ذلك فان كل قناع ادعاءات الوف بن ينهار مثل برج من الورق، برج يريد الكثير من الاسرائيليين الجيدين تخيله من اجل اسكات ضمائرهم وكأنهم يقولون: لم يكن لنا أي دور في ذلك. مقال الوف بن هو اقصاء اسرائيلي كلاسيكي، نفي، اتهام الآخر وامتناع مطلق عن تحمل أي مسؤولية أو الاعتراف بأننا نتحمل جزء من الذنب، الفلسطينيون هم المذنبون.

​لا يوجد مثال آخر في التاريخ على جنون اجهزة مطلق مثل هذا. من يقوم بالاحتلال والتهجير والاستبداد والسلب غير مذنب. من يقوم بالاحتلال هو الذي يتحمل وزر مصيره. فقط أمن وقوة القوي المسلح والمدلل ومن لديه الامتيازات هو الذي يوجد على المحك، ضحيته العاجزة لا تحظى بأي شيء. بين الحين والآخر يتم رمي الفتات لها، وبعد ذلك يقوم الوف بن والاسرائيليون جميعهم بضربها. وبعد ذلك يوجه الوف بن وجميع الاسرائيليين انتقادهم نحو الفلسطينيين، مرة اخرى يفوتون الفرصة. هم لم يفوتوا في أي يوم أي فرصة لتفويت الفرص، مثل مقولة آبا ايبان التي لا أساس لها، والتي يحب الاسرائيليون اقتباسها. هذا وصف غير واقعي على الاطلاق ولا اساس له للوضع، يصعب تماما معرفة من أين نبدأ.

​حسب وصف الوف بن فان رسالة قصيرة في الواتس أب من عباس لدونالد ترامب المعروف باهتمامه بالفلسطينيين والضعفاء بشكل عام، ولن يكون هناك ضم. هذا هراء. رسالة قصيرة واحدة من عباس الى طاقم المفاوضات الامريكي الذي جميع اعضاءه من اليهود الصهاينة واليمينيين الذين يؤيدون الاحتلال وهم اصدقاء للمستوطنات، وسيكون باستطاعة السياسي الأكثر ضعفا في العالم أن يلوي ذراع البيت الابيض. وحقيقة أن عباس لن يفعل ذلك، بقي له 26 يوم كما كتب الوف بن والآن مرت ثلاثة ايام اخرى، هي الدليل على أن عباس يريد الضم. ولو أنه فقط اظهر استعداده للعودة الى المفاوضات وفقط فهم أن القليل الذي بقي سيتبخر.

​لذلك يجب عليه أن يحني رأسه ويوافق على ما هو موجود. نصيحة بن هي: خذوا السيادة على مزبلة ابوديس لأنه بعد قليل ايضا هذا الخيار الموعود سيختفي. هناك أهمية، كتب بن، لاحياء العملية السياسية: ستزيد من ابراز الفروقات بين الليكود وازرق ابيض. هذا في الحقيقة اعتبار مصيري للفلسطينيين، كيف لم يفكروا في ذلك. فقط بسبب ذلك يجب على عباس المسارعة الى الالتقاء مع كوشنر وفريدمان وباركوفيتش، وربما حتى مع غابي اشكنازي، شخص آخر من محبي العدالة.

​من غير المهم ماذا يريد عباس، لا يوجد أمامه أي احتمال. اذا كان هناك شيء واحد على ضوئه سيتم تذكره كسياسي ترك ارثا يستحق التقدير، فهذا سيكون رفضه الشجاع للمشاركة في عربدة الضم التي يقوم بها صناع السلام الامريكيون. لا يوجد هنا موضوع كرامة، كما كتب بن، بل موضوع وجود. هناك لحظة واحدة فيها الفرس المريضة والجائعة والتي لا يوجد أي تنكيل لم يستخدم ضدها، تتهاوى وتموت فيها. بن يتهمها بموتها. الفلسطينيون قريبون من هذه اللحظة. بن يطلب منهم ارسال رسالة قصيرة. وهو ينسى أنه منذ زمن هم غير موجودين في أي مجموعة على الواتس أب تؤثر على مصيرهم، وأنه لا يوجد أي شخص يقرأ بياناتهم، ومشكوك فيه اذا بقي لديهم أي وسيلة لارسال بيانهم. ولكنهم متهمون. وكل شيء هم يتحملون وزره.