الرئيس ترامب هو رئيس غريب. وهو يشذ عن السلامة السياسية. لديه نقيصة واحدة على الاقل، نادرة لدى السياسيين: فهو يقول ما يفكر به. ليس الجميع يحب، على اقل تقدير، ما يفكر به ويقوله. موقفه من العالم خارج حدود الولايات المتحدة مركب واشكالي. ولو كانت أحلامه تتحقق لالغيت الامم المتحدة، المحكمة الدولية في لاهاي، الاتحاد الاوروبي.
ولو تحقق واحد آخر من أحلامه، لكانت اسرائيل تبسط سيادتها على كل اراضي المناطق، من النهر وحتى البحر. وعندها سيهتف له ملايين الامريكيين الافنجيليين. الفكرة التي تقول انه لن تقوم في اي مرة دولة فلسطينية كانت ستنتهي. ولكن لشدة اسفه، حتى رئيس القوة العظم الاقوى ليس كلي القدرة.
اسرائيل ايضا، التي تظهر غير مرة في نظر نفسها كذات قوى عليا ليست كلية القدرة. فمثلا، لا يمكنها أن تحرك نحو مليوني فلسطيني من اماكن اقامتهم. كل رؤساء الوزراء من اليمين اعترفوا بهذا الواقع. هذا ما يثبته آريه الداد في كتابه الممتاز الواقعي على نحو عجيب “امور ترى من هنا”. استنادا الى مقاطع من الصحف وخطابات حماسية يبين الداد كيف تراجع كل رؤساء الوزراء من اليمين عن الوعود بعد أن وصلوا الى المكتب. هذا المكتب، الذي منه كما هو معروف ترى الامور بغير ما ترى من مكان آخر. قراء كتاب الداد الذكي، وهو غير اليساري كما هو معروف، يتعرفون كيف أن بيغن، شمير، شارون، اولمرت ونتنياهو لم يحققوا وعودهم. فقد أجروا التفافات حدوة حصان لسياستهم المعلنة. فمثلا لم يبسطوا السيادة من النهر وحتى البحر. التصريحات في جهة والافعال في جهة اخرى.
هذه الحقائق يجب أن يحفظها عن ظهر قلب هذه الايام كل رؤساء المجالس المحلية في يهودا والسامرة. فهم يعارضون خطة ترامب التي احد بنودها هو اجراء مفاوضات بعدها قد تقوم دولة فلسطينية. فمتى وهل ستقوم هذه الدولة؟ لا نعرف. بالمقابل قد يتحقق واقع آخر: قد يكون ترامب هو المنتصر في الانتخابات في 3 تشرين الثاني.
عوديد رفيفي، رئيس مجلس “افرات”، يوجد في موقف أقلية مقابل أغلبية رؤساء المجالس في يهودا والسامرة، الذين يرون في الخطة مصيبة. يدعو رفيفي رفاقه لقبول خطة ترامب. استمعت قبل ايام مقابلة منحها لـ “كلمان وليبرمان”. نعم، هو ايضا مستوطن. نعم، وجود افرات هو الاخر يرفضه الفلسطينيون. ليت كل سياسي يطرح حججه، مثل رابين. إن لم يكن في المضمون على الاقل في المنطق، في الاسلوب.
رفيفي، يقول لرفاقه رؤساء المجالس: “في الخطة توجد الكثير من الفرص لتحقيق مواضيع صلينا لها. وحتى عنوان الخطة: “بسط سيادة اسرائيل”. كما توجد فيها حرية البناء في المناطق التي تبسط فيها سيادة اسرائيل وغيرها”. وربما في ضوء موقفه، يشهر به هذه الايام كـ “يساري”. فالدولة الفلسطينية مذكورة في الخطة وقد تقوم، اذا ومتى.
اذا نجح معارضو الخطة من اليمين في التغلب على نية نتنياهو الوصول الى تفاهم مع ترامب على خطته، سيكون هذا “انتصار بيروس” (انتصار أشبه بالهزيمة). واذا كان لها في المستقبل بديل، فهذا لن يشبه على الاطلاق الخطة الحالية. وذلك عقب الاحتمال الذي يبدو معقولا في هذه اللحظة، بان ينتخب جو بايدن، الديمقراطي، رئيسا. وهو يعارض بسط السيادة، الى جانب عطفه التقليدي على اسرائيل. ولكن بايدن ليس ترامب الثاني. واذا ما انتخب في 3 تشرين الثاني، فسيبدأ رؤساء المجالس في يهودا والسامرة الاشتياق لدونالد ترامب.