الضم من خلف ومن أمام

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

بقدر ما أفرح الاسرائيليين قرار "الضم" وتحديد موعدا لتنفيذه وبالتحديد اقطاب اليمن الديني والسياسي ، بقدر ما أغضب الفلسطينيين وأحرجهم وبالتحديد اقطاب "السلام" والمراهنين على تحقيقه .

ومن الوجهة الموضوعية ، فلكل الحق في ذاك "الفرح" وهذا "الغضب" ، إذ يشكل المعسكران الغالبية العددية والتأثيرية لدى المجتمعين الاسرائيلي والفلسطيني، الاول يرى ان وعد الله التوراتي لهم بالارض الموعودة قد تحقق، بل أنه بدون هذا "الضم" في اراضي "يهودا والسامرة" لا قيمة له حتى لو حصلوا على 78% من ارض فلسطين التاريخية، بما في ذلك حواضر البحر المتوسط الممتدة من عكا مرورا بحيفا ويافا وانتهاء بأسدود و عسقلان، ناهيك عن القدس وهضبة الجولان.

والثاني يرى ان كل هذه الجهود الجبارة التي استنزفت من البعض نصف اعمارهم وسلسلة طويلة من التضحيات والتنازلات، قد ذهبت ادراج الريح. ربما يتساءل البعض عن ماهية وحقيقية هذه التنازلات، لكن ابرزها المتمثل في الاعتراف بدولة اسرائيل قبل ان تعترف بدولة فلسطين، إلغاء نحو 14 مادة من مواد الميثاق الوطني الفلسطيني المتعلقة بكفاح الشعب لتحرير ارضه، ثم رفض إسرائيل عودة اللاجئين الى بيوتهم التي هجروا منها واستبدال ذلك بعودتهم الى حدود الدولة العتيدة، ثم جاء اعلان ترامب القدس رسميا وفعليا عاصمة موحدة لدولة اسرائيل، قبل ان يأتي موضوع الضم الذي نزل عليهم كالصاعقة .

لكن ، تعالوا نسال انفسنا بصوت عال ، كما يفعل المتحضرون ، وكما يفعل ابناء الشعب الذين اكتووا بنار هذا الاحتلال جيلا وراء جيل، وما يزالون يسألون: من خلفنا 53 سنة ، من ضمنها حوالي نصفها مفاوضات مباشرة ، فلسطيني/ اسرائيلي عيني عينك ، تغير الاسرائيلي بعض المرات لكن الفلسطيني لم يتغير، متى سمح لنا كفلسطينيين ان تكون الاغوار تحت سيطرتنا؟ منذ متى سمح لنا ان يكون البحر الميت شاطئا فلسطينيا؟ ومنذ متى توقف الاستيطان او تم وقف "تسمين" مستوطناته وفق تعبير ابو علي مصطفى الذي تم اغتياله بصاروخ في مكتبه وسط رام الله حوله الى اشلاء.

وإذا ما تأجل الضم، وفق معادلات امريكية خارجية وداخلية، من تموز الى ايلول، او حتى الى ما بعد اعادة انتخاب ترامب من عدمه، فإن الذي امامنا هو الضم ايضا، فالتأجيل الاجباري هو مجرد حيلة، تماما كحيلة تأجيل نقاش قضية القدس مثلا كإحدى ما سمي في اتفاقية اوسلو قضايا الحل الدائم، ناهيك ان الحديث يدور عن "تأجيل" .

***

قال الشاعر الخالد طرفة بن العبد:

لعمرك ما أدري واني لواجل – أفي اليوم إقدام المنية أم غد..

فإن تك خلفي لا يفتها سواديا – وإن تك قدامي أجدها بمرصد

ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا – ويأتيك بالاخبار من لم تزود!