البرلمان يجتمع في 17 يونيو.

حملة في التشيك ضد ناقدي ضم غور الأردن!

اموضوع حملة ضد ناقدي نتنياهو وزير الخارجية التشيكي بيتر شيك
حجم الخط

براغ - وكالة خبر - عمر بسيسو

قليلة هي قضايا السياسة الخارجية التي يُمكن أنّ تُفجر "تبادل إطلاق تصريحات نارية" مثل ما تشهده الساحة الحزبية والسياسية التشيكية حالياً، بعدما انتقد ثلاثة وزراء خارجية تشيك بعتب الأصدقاء، نية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضم أجزاء من الضفة الغربية االفلسطينية المحتلة لـ"إسرائيل".

وقرر مجلس النواب التشيكي، بعد جلسة عاصفة، إحالة الموضوع للجنة الشؤون الخارجية للإعداد لجلسة خاصة للبرلمان لبحث الموضوع يوم الأربعاء 17 يونيو حيث يضغط أعضاء من اليمين واليسار لاستصدار قرار يُؤكّد على التمسك بسياسة تشيكيا الودية تجاه "إسرائيل".

تبادل اتهامات

ووصفت النائبة يانا تشيرنوخوفا عن حزب الـ ODS المعارض وزير الثقافة الحالي وأحد موقعي المقال الثلاثة بـ"النازي"، لمجرد قوله إنّه من الضروري الدفاع عن الفلسطينيين بقدر مكرر ومماثل لما أصاب تشيكوسلوفاكيا عندما سمحت الدول الأوروبية الكبرى لهتلر بضم إقليم السوديت!، واصفةً المقال الذي وقعه لوبومير ذا أوراليك وزير الخارجية السابق، وزير الثقافة الحالي (ČSSD) بأنه مخجل، ويُمثل فضيحة ويكشف أداء الوزير وكأنه نازي كبير.

ورد أوراليك بالقول إنّ "تجربتنا تمنع السكوت على انتهاك القانون الدولي واحتلال وضم أراضي الغير بالقوة، الطريق الذي تسلكه إسرائيل اليوم هو كمن ينطح رأسه بالحائط!".

وبعد جدال طويل اضطرت النائبة يانا تشيرنيخوفا للاعتذار عن تشبيهها وزير الثقافة بالنازي، لافتةً إلى أنّها كمواطنة يُمكنها الاحتفاظ برأيها لنفسها.

بيترشيك في البرلمان والتلفزيون 

وفي كلمة له أمام جلسة البرلمان قال وزير الخارجية الحالي توماش بيترشيك: "نحن مع استمرار الصداقة السياسية مع إسرائيل وبالأمس أبلغت السفير الإسرائيلي بأن سياستنا لم تتغير، مُضيفاً: "ضم المستوطنات يُعيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ويتناقض مع مواثيق جنيف والقانون الدولي، فيما تتذرع إسرائيل بحاجتها لهذه الأرض لدواع أمنية، كما تبرر الضم بنصوص توراتية قبل 3000 سنة".

ورداً على خبر صحفيّ ذكر أنّ إسرائيل ألغت مكالمة هاتفية مقررة مع الوزير بسبب المقال، حيث كان يعتزم تهنئة نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي على منصبه الجديد، قال بيترشيك في مقابلة تلفزيونية على التلفزيون التشيكي القناة 24  "أعترف بأنّ الموعد المتفق عليه مسبقاً قد ألغي.. ونحن نبحث عن موعد جديد ، فقد ذكر الجانب الإسرائيلي أنه مهتم بإجراء مكالمة هاتفية".

وتابع بيترشيك: "مازال صحيحاً أنّ المكالمة الهاتفية التي حددناها يجب أنّ تتم في أقرب وقتٍ ممكن، لا تصوروا الأمر وكأنني أنتظر في مكان ما مكالمة هاتفية لن تأتي".

وقال وزير الخارجية: "إنّ للجمهورية التشيكية مصلحة في حماية القانون الدولي، والحفاظ على القواعد حتى مع الأصدقاء، ومن المهم أنّ نُشير إلى أنّ هناك بعض المخاطر الكامنة.. جمهورية التشيك، تُريد موقفا متوازناً داخل الاتحاد الأوروبي، تُريد من الاتحاد أنّ يُعامل طرفي النزاع بشكل عادل، من أجل حل سلمي دائم، يُراعي ضمن أمور أخرى المخاوف الأمنية الإسرائيلية، هذا هو مواقفنا ".

واستدرك: "تشيكيا هي تقليديًا شريك وثيق وصديق لإسرائيل، ويدرك الجانب الإسرائيلي أن تشيكيا تريد أن تكون نشطة في المناقشات الدولية، وأننا نريد تعزيز سياسة متوازنة للاتحاد الأوروبي، وبالتالي نحن بحاجة لأن تكون سياستنا متوازنة في النظر لكلا الجانبين".

وأوضح الوزير توماش بيترشيك أنّ "المقال لا يُمثل انحرافاً عن سياسة جمهورية التشيك طويلة المدى، فهو ليس تغييراً بزاوية 180 درجة كما يحلو لبعض المنتقدين تسميته".

وتابع: "من المهم بالنسبة لي، وقبل كل شيء، أنّ أحصل على دعم القوى التي أمثلها، أنا جزء من القوى الديمقراطية الاجتماعية في الحكومة وأتبنى سياساتها".

4 ساسة و3 سفراء يروجون لمزاعم إسرائيل

وعلى الإثر انضم إلى الحملة المناوئة لرؤية وزير الخارجية أربعة سياسيين سابقين هم ميريك توبولانيك رئيس وزراء، وسيريل سفوبودا وزير خارجية، وأليكندر فوندرا، ويان كوهوت، وثلاثة سفراء سابقين لدى إسرائيل هم: "يان شنايدر وميخائيل جانتوفسكي وكوماس بويار".

وقال السياسيون الأربعة والسفراء الثلاثة إنّ ما يتبادر إلى الذهن، بعد قراءة مقال وزير الخارجية، الذي وقع عليه سلفاه أيضاً، هو الشك في صداقتهم لإسرائيل خاصة وأنّهم أشاروا مراراً إلى ما وصفوه الصداقة والشراكة الاستراتيجية بيننا وبين إسرائيل.

وجاء في تصريحات منفردة لهؤلاء في مختلف وسائل الإعلام ما مضمونه:

خلال خدمتنا العامة، شاركنا في بناء علاقات ودية وجيدة بشكل استثنائي إمع سرائيل لأننا نعتبرها إسرائيل حليفاً، هي الدولة الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط التي نتشارك معها ليس فقط القيم ولكن المصالح الأمنية أيضاً. وقد أطلقت الحكومات التي عملنا نحن الثلاثة فيها حوارات ومشاورات استراتيجية ثنائية منتظمة مع إسرائيل ولهذا السبب لا نتفق مع آراء وزراء الخارجية موقعي المقال.

وبدلاً من السعي لتغيير عناوين الصحف بغية الحصول على نقاط لدى الاتحاد الأوروبي وصور في الإعلام، نتوقع أنّ يُقرر وزير الخارجية نقل السفارة التشيكية إلى القدس، عاصمة إسرائيل، استجابةً لوعد رئيس الدولة التشيكية بذلك شفهيا عدة مرات، وهو ما  لم تفعله الحكومة الحالية بسبب سلبية وزير الخارجية.. الشراكات الاستراتيجية لا تقاس بالكلمات، بل بالأفعال.

إنّ كاتبي المقال وجهوا انتقادات شديدة للحكومة الإسرائيلية، التي لم تكن قد تولت مسؤولياتها إلا قبل أسبوع، ويتذرعون بحق الأصدقاء في انتقاد بعضهم البعض.

يُمكننا فقط الاتفاق على هذا المبدأ، ومع ذلك، ليس فقط المحتوى ولكن أيضاً الشكل مهم بين الأصدقاء، فإذا أردنا إخبار صديقنا وحلفائنا بشيء غير سار، يتعين أن نقوم بذلك وجهاً لوجه، وليس علناً ومن خلال وسائل الإعلام، إنّ إهانة حليف مقرب في مقال موقع من قبل عضو مسؤول في الحكومة هو إهانة، وإهانة مقصودة.

إضافةً لكل ما سبق، لم يقم موقعوا المقال بالإساءة لحليف واحد، ولكن اثنين بالضبط، إذ يُعارض النص خطة السلام الأمريكية/ التي أعلنها ترامب والمعروفة بـ"صفقة القرن"، التي سبق وصفها من قبل كبار مسؤولينا الدستوريين، بما في ذلك الوزير بيترشيك، كنقطة انطلاق جيدة لمزيد من المفاوضات، والتي منعت جمهورية التشيك انتقادها في بيان من قبل الاتحاد الأوروبي مؤخراً.

إنّ خطة الرئيس ترامب ليست إنقاذاً ذاتياً، بل توضح طريق الخروج من الطريق المسدود، الذي يتميز بتردد الفلسطينيين في التفاوض مباشرة مع إسرائيل، إنه طريق جلب السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات ويتحمل مسؤولية دولتها التي رفضتها على مدى سنوات في الأعوام 1947 و 1967 و 1978 و 2000 و 2001 و 2005 و 2007 و 2012 و 2015.

نسأل أنفسنا ما الذي ينتقده وزراؤنا بالضبط بشدة وعلى نطاق واسع - في نصف صفحة كامل من جريدة "برافو".

هذا في جوهره، أحد محاور الجدل الداخلي الإسرائيلي حول كيفية المضي قدماً في العلاقات مع الفلسطينيين والسلطة الوطنية الفلسطينية، كانت المناقشات حادة، وأحيانًا مركزة، لكنها لم تنته بعد.

يُضيفون إلى هذا مزيجاً من الملاحظات المتباينة - فما علاقة حقوق الإنسان الفلسطيني في مخيمات اللاجئين في البلدان المجاورة بموضوع المقالة ـ هذا الطرح يتجاوز إدراكنا، والإجابة علي السؤال الدراماتيكي، الذي حمله المقال وهو: "ما الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يجب أنّ تكون لغير المواطنين في دولة يهودية بحكم القانون" يمكن البحث عنه بسهولة على شبكة الإنترنت، هي تمامًا مثل زملائهم اليهود!.

المشكلة الرئيسية في نص زملائنا هي أنّ نوع الصداقة التي يشيرون إليها يتطلب أيضاً فهماً للسياق الذي يتحرك فيه صديقنا الإسرائيلي. هذا ما نفتقده في النص المُنتقد والذي لا يتضمن مجرد ذكر عابر لـ "حكومة حركة حماس ، التي صممها الاتحاد الأوروبي بأكمله كمنظمة إرهابية". ولا يقول كتاب المقال شيئاً عن الوقت الذي استغرقه هذا الاستنتاج في الاتحاد الأوروبي..

إنّهم يُهملون التهديد الذي تتعرض له إسرائيل من قبل إيران الراعية لحزب الله، والتي لم يُدرجها البرلمان الأوروبي بعد في قائمة المنظمات الإرهابية "على عكس الحكومة الألمانية التي فعلت ذلك  مؤخراً".

كما يصمت مقالهم تجاه الهجمات الإرهابية والانتفاضات. ولا يوجد ذكر فيه إلى أن الانتخابات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية جرت عام 2006، وأن محمود عباس، الذي يعتبره العالم الرئيس الشرعي للسلطة الفلسطينية، انتخب للمرة الأولى والأخيرة عام 2005 لمدة أربع سنوات.

إنّ الجدل الإسرائيلي الحالي حول إعلان السيادة على بعض المستوطنات هو نتيجة لعملية السلام المجمدة، والتي يقع اللوم فيها على الجانب الفلسطيني إلى حدٍ كبير، خاصة عدم قدرته على تشكيل قيادة تمثيلية قادرة على ضمان الالتزامات بموجب اتفاقية سلام محتملة.

وبالمثل، فإنّ سياسة الاتحاد الأوروبي غير الكفؤة منخرطة بشكل مباشر في مداولات ممارسة الضغط على إسرائيل لمنعها العمل من جانب واحد.. وهذا يكشف.. من هو على خطأ.. ومن يعاني، ويلفت الانتباه بنشاط إلى أنّ كل الشظايا تتجه إلى عين إسرائيل، دون حديث عن سجل الرفض الفلسطيني.

آفي شلايم معلقاً: الساسة التشيك يضللون جمهورهم ويقلبون الحقيقة

علّق مؤرخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأستاذ الفخري للعلاقات الدولية بكلية سانت أنتوني في جامعة إكسفورد البريطانية اليهودي العراقي آفي شلايم على الجدال الدائر في براغ، بالقول: "إنّ خطاب السياسيين السابقين الأربعة ميريك توبولانيك رئيس وزراء، وسيريل سفوبودا وزير خارجية، وأليكندر فوندرا، ويان كوهوت، حول خطة إسرائيل لضم ثلث الضفة الغربية مضلل بشكل خطير، وإنّ ما يقولونه في الواقع، هو عكس الحقيقة تقريباً في كل قضية طرحوها".

وتابع: "ليست السلطة الفلسطينية، بل إسرائيل هي المسؤولة عن انهيار عملية أوسلو للسلام، فبعد إبرام الاتفاق عام 1993، واصلت جميع الحكومات الإسرائيلية، من حزب العمل والليكود، بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية المحتلة".

هذه المستوطنات غير قانونية، إذ تمثل عملية انتزاع للأراضي ومصادرتها والاستيلاء عليها بقوة الاحتلال وهو ما لا يتوافق مع صنع السلام.

لقد أداروا عملية السلام المزعومة كغطاء للمشروع الاستعماري الصهيوني العدواني خارج حدود إسرائيل المعترف بها دولياً.

وأصبح من المألوف القول إنّ حل الدولتين قد مات، والسبب في رأيي هو أنّ سرقة إسرائيل المستمرة للأراضي الفلسطينية جعلت قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة مستحيلاً. وفي الحقيقة، لم يير حل الدولتين النور مطلقاً لأنه لم تكن إسرائيل، ولا الولايات المتحدة جادتين في دولة فلسطينية مستقلة.

إنّ "صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس ترامب ليست خطة سلام، بل خطة ترضي قائمة رغبات اليمين الإسرائيلي فهو يسمح لإسرائيل بضم الكتل الاستيطانية الرئيسية وغور الأردن، أي ما يقرب من ثلث الضفة الغربية ولم يستشر الفلسطينيون أبداً حول هذه الخطة ولم تؤخذ مطالبهم وحقوقهم بالاعتبار.

كان من الواضح منذ البداية أنه يستدرج الفلسطينيين لرفض هذه الخطة بشكل مطلق ومن العبث حقاً توقع أن يبيع الفلسطينيون أرض ميلادهم  ومستقبل أجيالهم مقابل حفنة من الدولارات. ولا يمكن لأي زعيم فلسطيني، مهما كان معتدلاً، إلا يرى خطة ترامب مجرد إهانة للشعب الفلسطيني وهدية لإسرائيل.. إنه لأمر محزن أن نرى الشخصيات التشيكية الأربعة البارزة تحط من شأنها من خلال تبني الدعاية الإسرائيلية القديمة.

يُذكر أنّه لسنوات عديدة، كانت جمهورية التشيك واحدة من الدول التي يأتي فيها النقد لإسرائيل بشكل رئيسي من الدوائر اليسارية، التي تتبنى نظرية ما بعد الاستعمار والماركسية، المعروفة بتحديها لمزاعم معاداة السامية، أما بقية الطيف السياسي، بما فيه اليمين القومي، فإنه يتبنى بشكل أعمى مواقف إسرائيل.

ولذلك شُبه الوزراء الثلاثة بأنهم تزلجوا فوق جليد رقيق للغاية، لمجرد أنهم انتقدوا إسرائيل بلغة أصدقاء، ومع ذلك لم يسلموا من الألسنة.