بقلم: سميح خلف

بيع الأراضي بين الحقيقة والادعاء

سميح خلف
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

بيع الاراضي في فلسطين و منذ النكبة الى يومنا هذا تتناقل الالسن و خاصة الالسن المغرضة التي تظهر في كل المراحل و التي تتماشى مع المبادرات والبرامج التي تسقط الحق الفلسطيني التاريخي و تعطي لأدوات الكذب و الافتراءات التمادي فيه دعم كيان غاصب اغتصب التاريخ و الحجر و البشر بل كانت اطماعه تتجاوز حدود فلسطين فهو الصحفي الذي هو من اصول لبنانية وهو صحفي اسرائيلي يهودي تعلم في المدارس المسيحية في لبنان ثم انتقل الى فلسطين المحتلة ليكون احد صحفييها المتشددين ويدعى "ايدي كوهين" والذي تميز بتصريحاته المستفزة عبر الفضائيات و المواقع الاسرائيلية ، و لأخر تصريج له يعلق على موقف جلالة الملك عبد الثاني و الموقف الأردني من قرار ناتنياهو بضم الاراضي في الغور و الغور الشمالي و المستوطنات و 30% من المنطقة C حيث كان موقف جلالة الملك واضحا من صفقة القرن و من قرار الضم ، مفاد هذا الموقف "بأن اسرائيل اذا قررت الضم لن نقف مكتوفي الايدي" اما رد الصحفي ايدي كوهين كان "سنحتل الاردن بدبابتين خلال ثلاث ساعات" و هنا لي مداخلة ربما تصل لهذا الصحفي المغرور الذي نسي او تناسى ما فعله الجيش الاردني في معركة الكرامة وتدمير ارتال الدبابات الاسرائيلية ، وايضا تجاهل البطولات الكبرى للجيش الاردني في باب العمود و القدس و شمال فلسطين ، فالعصابات الاسرائيلية لم تحتل شمال فلسطين الا باتفاق امني سياسي و كذلك مناطق في الضفة الغربية .

مع فكرة الضم او قرار الضم المبني على وقائع على الارض نفذت قبل التنظير لها من ناتنياهو و اليمين الديني و اليمين المتطرف و هي فكرة اتت و اتى بها ايجال الون في اواخر السبعينات من القرن الماضي و كل ما تفعله الان الالة الاعلامية للموساد الاسرائيلي و الشاباك لا تعدو عن كونها محاولات للتشكيك بالموقف الوطني للشعب الفلسطيني وتجاوز قيادته التي هي اصلا محل شك من الفلسطين ذاتهم بمواقفها المتهاونة المهادنة المتأرجحة المستسلمة للبرنامج الاسرائيلي و هنا لا نختلف كثيرا " بقصد او بدون قصد " المهم هنا في القياسات النتائج لكي نستدل على صحة الجواب .

فكرة بيع الاراضي التي تنتشر هذه المرة عبر وسائل اعلام اسرائيلية بالاسماء وبعدد الدونمات ، سبقها منذ شهور بعض النشطاء العرب حيث شنوا هجوما كبيرا على الفلسطينيين ، هذا الهجوم الذي كان متوافقا مع طرح صفقة القرن ورددوا الاسطوانة الدائمة التي تظهر في كل منعطف "الفلسطينيون باعوا ارضهم" ولم ينظروا كيف لقوات الاحتلال الاسرائيلي تدمر المنازل في الضفة الغربية وكيف تستدعي السكان في القرى العربية للادارة المدنية ليوقعوا على توسيعات الطرق و مصادرة اراضيهم بالامر الواقع و بعامل القوة والارهاب ، والتعويضات الرمزية لتلك الارض المقتطعة ، هذه الفئات المستضعفة بعامل القوة والبطش وهنا لا ننفي ان هناك بعض الافراد للحالة الاقتصادية او كونهم في المهجر او سماسرة اراضي تلك نوعيات ظهرت في كل تاريخ الصراع ، قد باعت و سمسرت و هناك تقارير دولية و محلية تبين ان هناك سماسرة اتهم فيها بعض افراد السلطة لبيع الاراضي في مناطق مختلفة و منها القدس و عقارات ايضا في القدس ، ولا احد يستطيع ان ينفي ذلك ، تلك الفئات بحكم العامل الطبقي المبني على نظرية الاقطاع والرأس مالية التي لا وطن لها ووطنها فقط هو مصالحها قد ارتكبت مثل تلك الجرائم ، وهناك ايضا من اخذوا وثائق الارض "الكواشين" وباعوها من خلال السفارات الاسرائيلية و دول اوروبية ايضا ، لا نستطيع ان نكذب او ننفي ان هناك حالات باعت بعض الدونمات ولكن ليس كل ما ينشر من اسماء و عائلات هو صحيح فربما هناك ظروف اخرى ادت للبيع او التنازل .

اذكر بعد احتلال غزة في عام 1967 نشطت بعض الوجوه التي كان لها علاقة مع العصابات الاسرائيلية قبل 1948 و من خلال الحاكم العسكري لغزة كانت مجرد وسيط و انتشرت في المخيمات الفلسطينية في غزة تروج للهجرة او للنزوج الى الاردن مقابل مبلغ مالي بحيث الذي يقبل بهذا العرض ان يتنازل عن حقوقه في فلسطين او في الانوروا كلاجئ وقامت الثورة الفلسطينية باعدام كثيرا منهم في المخيمات الفلسطينية و تم وقف هذا السيناريو المرعب .

اما بعد اوسلو فكل شيء اصبح مباح من خلال السلوك و تقارير دولية و محلية تقول ان هناك سماسرة من السلطة ايضا او لهم دعم من شخصيات من السلطة قامت ببيع اراضي و مشاريع مشتركة على تلك الاراضي حتى الاثار لم تسلم من تهريبها خارج فلسطين ولاسرائيل ايضا و اتهم فيها ايضا مراكز قوى في السلطة .

القياسات المعمول بها الان غير الدقيقة و صحيحة عندما تشمل تلك الادعاءات الشعب الفلسطيني و التي تترجم قانونية امتلاك اسرائيل لاراضي المستوطنات و مع الافتراض ان البيع قد حدث فأيضا هذا لم يعطي لاسرائيل الحق القانوني في الضم او الامتلاك خارج القانون الفلسطيني الذي هو من عهد العثمانيين والبريطانيين ايضا ، وفي المواثيق الدولية و القانون الدولي اي عملية شراء او بيع لأراضي او عقارات من قبل الاحتلال لمكون بشري محتل بقوة السلاح كالشعب الفلسطيني فهي باطلة ولا توثق قانونيا باعتبار انها تقع تحت التهديد و الارهاب و عامل القوة ، ولكن يجوز للاجانب امتلاك اراضي في دولة اخرى ذات سيادة من خلال دستورها و قوانينها المحلية وقوانين الاستثمار امام الحالة الفلسطينية فتختلف تماما .

ولكن اريد ان انوه هنا ان نسبة الاراضي التي امتلكتها اسرائيل ما قبل 48 لا تتجاوز 5.7% و هي اراضي لملاك ليسوا من فلسطين بل كانوا تحت غطاء بلاد الشام و هم من لبنان و سوريا و اريد ان اذكر هنا ولدينا الاحصائيات والوثائق التي تحدد عد الدونمات التي تم بيعها من قبل تلك العائلات والتي تقدر ب 207000 دونم .

1- آل سرسق اللبنانيون (ميشال ويوسف ونجيب وجورج) وهؤلاء باعوا أراضي الفولة ونورس وجنجار ومعلول في سنة 1910، ثم باعوا مرج ابن عامر بين سنة 1921 وسنة 1925، وبلغ مجموع ما باعه أفراد هذه العائلة 400 ألف دونم.

2- آل سلام اللبنانيون الذي حصلوا في سنة 1914 على امتياز تجفيف مستنقعات الحولة من الدولة العثمانية، واستثمار الأراضي المستصلحة، لكنهم تنازلوا عنها للوكالة اليهودية. وبلغت المساحة المبيعة 165 ألف دونم.

3- آل تيان اللبنانيون (أنطون وميشال) الذين باعوا وادي الحوارث في سنة 1929 ومساحته 308 آلاف دونم.

5- آل تويني اللبنانيون الذين باعوا أملاكاً في مرج ابن عامر وقرى بين عكا وحيفا مثل نهاريا وحيدر وانشراح والدار البيضاء. وقام بالبيع ألفرد تويني.

6- آل الخوري اللبنانيون الذين باعوا أراضي قرية الخريبة على جبل الكرمل والبالغة مساحتها 3850 دونماً. وقام بالبيع يوسف الخوري.

7- آل القباني اللبنانيون الذين باعوا وادي القباني القريب من طولكرم في سنة 1929، وبلغت مساحته 4 آلاف دونم.

8- مدام عمران من لبنان التي باعت أرضاً في غور بيسان في سنة 1931 مساحتها 3500 دونم.

9- آل الصباغ اللبنانيون الذين باعوا أراضيَ في السهل الساحلي.

10- محمد بيهم (من بيروت) الذي باع أرضاً في الحولة.

11- أسوأ من ذلك هو أن خير الدين الأحدب (رئيس وزراء) وصفي الدين قدورة وجوزف خديج وميشال سارجي ومراد دانا (يهودي) والياس الحاج أسسوا في بيروت، وبالتحديد في 19/8/1935 شركة لشراء الأراضي في جنوب لبنان وفلسطين وبيعها. وقد فضحت جريدة "ألفباء" الدمشقية هذه الشركة في عددها الصادر في 7/8/1937.

12- آل اليوسف السوريون الذين باعوا أراضيهم في البطيحة والزويّة والجولان من يهوشواع حانكين ممثل شركة تطوير أراضي فلسطين.

13- آل المارديني السوريون الذين باعوا أملاكهم في صفد.

14- آل القوتلي والجزائرلي والشمعة والعمري السوريون وكانت لهم ملكيات متفرقة باعوها كلهها.

بيع اراضي من قبل بعض الفلسطينيين

في أواخر نيسان 1997 نشرت صحيفة "فصل المقال" التي كانت تصدر في الناصرة قائمة بأسماء بعض الفلسطينيين المشهورين ممن باعوا اليهودَ بعض أراضيهم بين سنة 1918 وسنة 1945. واستندت هذه القائمة إلى وثيقة بريطانية من عهد الانتداب البريطاني. وكان العنوان الذي اختارته "فصل المقال" لقائمتها هو "الآباء القابضون" التي ضمت الأسماء التالية: محمد طاهر الحسيني (والد الحاج أمين) وموسى كاظم الحسيني وموسى العلمي وراغب النشاشيبي وابراهيم الفاهوم ويوسف الفاهوم وتوفيق الفاهوم ويعقوب الغصين، وهؤلاء من أبرز الشخصيات الفلسطينية التي قادت الحياة السياسية في فلسطين قبل النكبة.

علما بأنه ليس هناك احصائيات دقيقة و مراجع كافية تبحث في امر بيع الاراضي و المناخات و الظروف التي رافقت ذلك سوى مراجع قليلة و ظروف و نشاطات و مناخات كانت تتقاطع بين مصالح الانتداب البريطاني و الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية و ما اتيح في هذا الموضوع كتاب لكاتب اسرائيلي اسمه يوسف نجماني "رجل الجليل" وكتاب صالح ابو يصير لكاتب ليبي ظهر امام ثورة الفاتح و كان وزير خارجية ليبيا وتم اسقاط طائرته في اجواء سيناء اثناء رحلة له ، اسم الكتاب "جهاد الشعب الفلسطيني" "أملاك العرب وأموالهم المجمدة في فلسطين"، القاهرة: دار الهنا، د. ت.)، وبعض كتابات سامي هداوي ومعظمها بالإنكليزية. أما المصادر الصهيونية المتاحة بالعربية فتكاد تكون معدومة أيضاً ما عدا كتاب جاك كانو ("مشكلة الأرض في الصراع القومي بين اليهود والعرب: 1917 ـ 1990"، حركة فتح ـ مكتب الشؤون الفكرية، 1992)، وكتاب تمار غوجانسكي ("تطور الرأسمالية في فلسطين" ـ ترجمة حنا ابراهيم، منظمة التحرير الفلسطينية ـ دائرة الثقافة، 1987)، وغيرها قليل جدا.