أن أي خطاب يلقي في الأمم المتحدة يندرج تحت عدة اعتبارات وعدة شروط لا يمكن تجاوزها ، أولاً يجب أن يتم اختيار المصطلحات بدقة عالية للغاية ، وبعدها يمرر ليدقق دبلوماسيا وقانونيا وقوميا وعربيا ودوليا ، وخطاب الرئيس عباس مرر لكل ذلك ولكن للأسف لم يمرر واقعياً شعبياً وهذا الأمر لا يحدث إلا أن كان ملقي الخطاب قائد ثورة وليس رئيس مدني مقيد بالعرف الدولي والعربي .
أن غلب العقل العاطفة ، فهذا الخطاب تكتيكي لأبعد حدود ، أو أن صح التعبير إعطاء فرصة ضيقة لجهود ووعود مارسها البعض على الرئيس قبل إلقاء خطابه ، رغم ما حمله الخطاب من تلويح جدي إلى حدا ما بإمكانية اندلاع انتفاضة شعبية وهذا ما تركه الرئيس مفتوح في حديثه بل نوه له بطريقة ذكية ناعمة ، ودليل على ذلك أيضاً أنه لأول مرة لا يصرح الرئيس بعدم وقوع انتفاضة ثالثة في عهده .
ولكن الرئيس أبو مازن أنجر خلف وعود ليس لها ضمانات بل ليس لها أرضية لتنفيذها ، وهو دائما يراهن على ملل عدوه وحلفاءه من السلام ، فتمسكه بأرفع شعرة لتحقيق ذلك واضح ليخلي مسؤوليته من الانتفاضة القادمة .
الرئيس عباس كل ما يريده أن يحقق الانجاز بدون قطرة دم تنزل من جسده ، أي إلا تكون نهايته مشابه لنهاية الراحل الرمز "أبو عمار" ، كيف يحدث ذلك ، أن يعطي المجال لأخر قطرة عرق في القيادة الفلسطينية ، حتى يطلب الوسطاء أنفسهم التمرد على الخيار السلمي وهذا لن يحدث لأنهم ليسوا المتضررين .
أذن الحل الوحيد انتفاضة شعبية مخطط لها جيداً دون الكفاح المسلح من وجهة نظر الرئيس "أبو مازن" ولكن حين تشتعل الأراضي المحتلة يصبح الحاكم الفعلي الميدان وليس قاعة الاجتماعات ، الخطاب ينتظر التطبيق ، والقادم لو صدق الخطاب صعب ، حصار اقتصادي ومرحلة ستشابه لحدا ما مراحل الرمز "أبو عمار" ، على الفصائل التحرك لتشييج الشعب بعد أخذ موافق مبطنة من الرئيس وهذا أقصى ما يمكن تقديمه لهم من قبله ، وان كان الخطاب جدي فالتنسيق الأمني سيقف ويغض النظر عن الانتفاضة لتبدأ شعلتها .
الان ننتظر الشرارة الاولى .. فكيف ستكون وأين ومتى ؟! ، أتمنى إلا يطول السقف الزمني للتنفيذ .