01 تشرين الأول 2015
درجت أمي الراحلة على ان تقول لي المرة تلو الاخرى في سنوات صباي بالايدش: «تحدث إلى الحائط». وهذا تقريبا هو وضع رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو.
عندما سيلقي خطابه في الجمعية العمومية للامم المتحدة، سيتحدث عن ايران في اليوم التالي للاتفاق النووي، ولعله يحاول أن يبين كم هم يضللون الامم التي وقفت في الطابور كي توقع معهم عليه. نتنياهو سيتحدث، سينبه، سيحذر، بل ربما سيحاول تخويف الايرانيين، ولكن أمي الراحلة ستطلق اليه اشارة من قبرها: أنت تتحدث الى الحائط.
ليس فقط لأن معظم العرب، وعددا كبيرا من الدول الاخرى سيصوتون ضد إسرائيل بغض النظر عن أي شيء، بل لان الموضوع الايراني يبدو لهم اليوم وكأنه غرق في هوة النسيان. في دينامية العمل السياسي والاعلامي، يبدو الاتفاق مع ايران جزءاً من حروب الحشمونائيين: فالعالم بات يعنى بمواضيع اخرى. وحقيقة أن رئيس وزراء اسرائيل يحذر ويكشف عن حقائق جديدة لا تهم مندوبي الأمم الذين يجلسون في الجمعية العمومية. فمصالح الدول والكتل هي التي تقرر مدى الاهتمام ومدى رغبتهم في العمل او عدم العمل لاي شيء ضده.
وسيسبق خطاب أبو مازن خطاب نتنياهو. فرئيس السلطة الفلسطينية يمكنه ان يتلو سجل هواتف حي بروكنز او لوائح طعام في مطاعم نيويورك وسيحظى بتأييد معظم اعضاء الجمعية العمومية. فما بالك أن اليوم سيرفرف العلم الفلسطيني في الامم المتحدة – انجاز سياسي لا بأس به للفلسطينيين. ونتخيل كيف كنا سنرد لو أن علم اسرائيل رفع في مثل هذه المناسبة: كيف خرجنا عن طورنا، كتبنا، صورنا، أحببنا كل لحظة في ذلك. المصورون لا بد سيبذلون كل جهد مستطاع كي «يلتقطوا» رئيس وزراء اسرائيل بجوار العلم الفلسطيني. والاسرائيليون سيبذلون كل جهد مستطاع كي لا يسمحوا بمثل هذه الصورة.
نتنياهو، كعادته، سيلقي خطابا سيحظى بتقدير كبير. انجليزيته ممتازة وتناسب العروض في قاعة الجمعية. وسيكون الخطاب مبنياً كالبرج، إذ يعرف نتنياهو كيف يخطب، وهذه هي أداته الحربية الاساس. الوفد الإسرائيلي الى الامم المتحدة سيرد بالتصفيق العاصف. ومن شبه المؤكد أنه أعد عدداً كبيراً نسبيا من المصفقين، من فرق التشجيع، في منصة الجمهور. الكل هناك سيلعقون شفاههم وسيكونون راضين جدا: خطاب آخر يطلق الى الفضاء.
ولكن الاتفاق السيئ مع ايران سيبقى سيئا لاسرائيل حتى بعد التصفيق. فقد قال قائد الجيش الايراني قبل بضعة ايام إن الجيش الايراني ينوي ابادة اسرائيل. وعن هذا ايضا سيكون لنا خطاب جيد في الامم المتحدة. فالخطابات هي القسم الاكثر نجاحا في فترة حكم الحكومة الحالية.
عن «يديعوت»