الفلسطينيون والضم ، تأييد وفخ

حجم الخط

اسرائيل اليوم– بقلم يوسي بيلين

عشية القرارات في موضوع الضم (اذا كان  على الاطلاق،  واذا كان  نعم – فأين؟) تصل وسائل الاعلام الى الفلسطينيين ايضا، تسألهم ما الذي يريدون أن يحصل لو أن الأمر كان لقرارهم.  ومرة اخرى  كبيرة  المفاجأة في أن الكثيرين ممن يطرح عليهم السؤال، بدلا من أن يعبروا عن معارضتهمالقاطعة لضم أجزاء من الضفة الغربية،  يعبرون عن رغبتهم في أن يصبحوا مواطني  اسرائيل.

​في  تقرير صحفي في القناة 13 نصب  تسفي يحزقيلي  كاميرته  أمام  أناس  يلتقيهم بالصدفة  (ممن دفعوا حتى الان ثمنا، في السلطة الفلسطينية، بسبب  صراحتهم العلنية) قالوا ان الضم هو الامر الافضل الذي يمكن أن يحصل لهم وانه كان يسرهم جدا اذا ما وطنتهم إسرائيل أو منحتهم الاقامة الدائمة. غير أن هذه المواقف لا ينبغي أن تفاجيء  احدا. فهم يعيشون في فقر، في إطار لا يمنحهم حتى جزءا صغيرا من خدمات الرفاه الاسرائيلية، يقضون جزءا هاما من أوقاتهم في المعابر كي يعملوا في إسرائيل، يتعلموا ويعالجوا فيها عند الحاجة. السلطة الفلسطينية ليست ناجعة، ويوجد فيها فساد يجعل من الصعب تلقي الخدمات الاكثر اساسية. التوطن في اسرائيل القائم على اساس الحداثة ليس نذرا من ناحيتهم بل نعمة.

​لقد عارض الفلسطينيون، تاريخيا، كل  تقسيم لبلاد اسرائيل الغربية بين اليهود وبينهم، لانه كان يصعب  عليهم ان يفهموا لماذا يطالبونهم باقتسام  الارض التي عاشوا عليها مع يهود لم يشكلوا اكثر  من 10 في المئة مقارنهم بهم، وادعوا بانهم يتحدثون باسم كثيرين آخرين لم تطأ اقدامهم بعد أرض البلاد. لقد ولدت موافقة م.ت.ف على تبني حل الدولتين في 1988 فقط  وكان  ذلك  حلا  وسطا من المنظمة مع الواقع.  تقليديا كان موقف  الحركة الوطنية الفلسطينية بان كل الارض على جانبي  ضفتي نهر الاردن  ينبغي ان تكون تحت حكم فلسطيني، وان  فقط اليهود الذين جاءوا الى البلاد قبل اعلان بلفور يمكنهم أن يبقوا فيها إن شاءوا. اما حل الدولتين الذي يبدو في نظر الكثيرين منا بانه طلب فلسطيني، فهو في واقع الحال طلب الحركة الصهيونية، منذ فهمت بانه سيصعب عليها خلق اغلبية يهودية غربي الاردن في 1937 (لجنة بيل).

​إن استعداد الكثير من الفلسطينيين لان يكونوا جزءا من إسرائيل ليس سوى عودة الى فكرة الدولة الواحدة انطلاقا من قراءة الخريطة الديمغرافية والفهم بانه اذا ارادت اسرائيل ان تحافظ على طابعها الديمقراطي، فلن يتعين عليهم ان يحملوا على مدى الزمن علمها وسيكون بوسعهم – من خلال الاغلبية الفلسطينية التي ستنشـأ – ان يجسدوا حلمهم السيادي غربي نهر الاردن.

​ولكن هل هذه مصلحة إسرائيلية؟ الجواب واضح. الاصوات الكثيرة في الشارع الفلسطيني بحق الضم ليست التوصية لهذه الخطوة المتسرعة بل ضوء تحذير منها. فمن شأن هذه الاصوات ان تكون اساسا لقرار فلسطيني عاقل، من ناحيتهم، للاعلان رسميا عن تراجع م.ت.ف عن القرارات التي اتخذتها في 1988 والمطالبة، بدلا منها، بطلب بسيط واحد: شخص واحد، صوت واحد.

​إن المطلب الفلسطيني بدولة سيادية اسرائيلية  – فلسطينية، كل سكانها مواطنون متساوو الحقوق، هو البديل الاكثر منطقية، من الزاوية الفلسطينية، لاتفاق اوسلو الذي اصبح من ناحيتهم فخا، لان الاتفاق الانتقالي اصبح اتفاقا دائما.

​سيكون من الصعب جدا على اسرائيل ان  تقنع حتى اصدقائها في العالم بانه حتى المطالبة بدولة متساوية واحدة ترفضها ايضا. وهي ستدخل في معركة جديدة في الساحة الدولية. هذه المرة لن تكون هذه معركة تستهدف شرح حقوقنا على البلاد، بل للاثبات بان الصهيونية ليست عنصرية، وللاقناع بان الضفة الغربية هي أرض موضع خلاف وليست أرضا محتلة، وليس لان الدولة الفلسطينية ستكون قاعدة للارهاب. سيتعين على اسرائيل أن تشرح بان المبدأ الاكثر اساسية في الديمقراطية – صوت لكل شخص، لا ينطبق على حالتنا. هذا سيكون دفاع عديم الجدوى. ضم مناطق كبيرة أو صغيرة في الضفة الغربية هو خطوة خطيرة نحو سقوطنا في هذا الفخ.