طالب بإيجاد قيادة بديلة

حمد: القيادة المتمثلة في الرئيس أبو مازن عاجزة ومشلولة و"هشة العظام"

غازي حمد
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

قال القيادي في حركة حماس د. غازي حمد، إنّ القيادة الفلسطينية لا ترتقي لمستوى تضحيات الشعب الفلسطيني، وعاجزة عن تلبية طموحاته، وتحقيق أحلامه الوطنية، مُطالبًا بإيجاد قيادة جديدة قادرة على توحيد شتات الشعب وتنظيم جهوده واستثمار تضحياته في إنجازات وطنية.

وأضاف حمد في مقال نشره اليوم السبت: "إنّ المدخل الصحيح لمعالجة حالة التراجع والفشل والعجز في القضية الفلسطينية هو في ايجاد قيادة وطنية جديدة، أمينة وشجاعة وصاحبة رؤية استراتيجية، وقادرة على ردع الاحتلال، تتحمل المسئولية الوطنية لتصويب البوصلة التي انحرفت عند الاعداء والعرب والمجتمع الدولي".

وتابع: "بالفعل نحن وصلنا إلى حالة الصفر السياسي، والتيه الوطني، والفراغ الفكري، ضعف القيادة الفلسطينية، وعدم اتخاذها إجراءات جدية في مراحل خطرة؛ وما أكثرها من توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وتهويد القدس، وإلغاء اتفاقات (أوسلو) و(صفقة القرن) ثم أخيراً ضم الضفة الغربية، واكتفائها بمناشدات باهتة  للمجتمع الدولي أو الانتظار هو الذي جرأ إسرائيل".

ووصف حمد، القيادة الفلسطينية المتمثلة في الرئيس أبو مازن بـ"الهشة والعاجزة والمشلولة"، وأنها في كثير من الأحيان صامتة ومتفرجة على الجرائم والانتهاكات التي تعصف بالقضية الفلسطينية. حسب قوله. 

وفيما يلي نص المقال كاملاً كما وصل وكالة "خبر":

 (1) أزمة الشعب في قيادته     

حتى نختصر مسافات التشخيص والتحليل: أزمة الشعب والقضية هي أزمة القيادة!

(طول عمره) الشعب الفلسطيني مضح ومقدام وباذل لدمه ونفسه, ولم يتردد لحظة في دفع الاثمان الباهظة لكن قيادته لم تكن على مستوى تضحياته، وعجزت أن تلبي طموحاته، وتحقق قليلا من احلامه الوطنية.

بسبب القيادة الضعيفة والعاجزة أصبحنا (أيتاما) سياسيين، الكل ينهش في لحم قضيتنا!

هذا يجعلنا نقول بصراحة: المدخل الصحيح لمعالجة حالة التراجع والفشل والعجز في القضية الفلسطينية هو في ايجاد قيادة وطنية جديدة, أمينة وشجاعة وصاحبة رؤية استراتيجية, وقادرة على ردع الاحتلال، تتحمل المسئولية الوطنية لتصويب البوصلة التي انحرفت عند الاعداء والعرب والمجتمع الدولي.

قيادة قادرة على جمع شتاتنا وتوحيد كلمتنا ونظم جهودنا واستثمار تضحياتنا في تحقيق انجازات حقيقية على الارض، وليس مجرد شعارات فضفاضة.

 

الواقع السياسي والوطني الفلسطيني لا يحتاج الى تشخيص أو تحليل او عبقرية لتوصيف حالة الفشل والعجز، والذي حينما تسأل عنه – ومنذ عشرين عاما- يكون الجواب (ما في شي جديد)!

بالفعل نحن وصلنا الى حالة الصفر السياسي والتيه الوطني والفراغ الفكري!

لم يعد هناك شيئا نفعله سوى الانتظار الممل او اصدار البيانات او تفريغ الطاقات في اشكال وقوالب مكرورة ممحوجة من المسيرات والاعتصامات...

لم يعد شيء بالفعل نتحدث عنه.

(2) جرأوا السفهاء علينا

ضعف القيادة الفلسطينية وعدم اتخاذها اجراءات جدية في مراحل خطرة- وما أكثرها- من توسيع المستوطنات ومصادرة الاراضي وتهويد القدس والغاء اتفاقات اوسلو وصفقة القرن ثم اخيرا ضم الضفة الغربية، واكتفائها بمناشدات باهتة  للمجتمع الدولي او الانتظار هو الذي جرأ اسرائيل والادارة الامريكية على الاستخفاف بنا-كشعب وقضية- والتعامل معنا كأننا غير موجودون أو اننا (صفر على الشمال) واصبح الحديث عن ضم الاراضي يعلوا بكل صفاقة ووقاحة غير مسبوقة.

هذا الضعف القيادي هو الذي جرأ بعض الدول العربية على الحديث عن التطبيع جهارا نهارا دون خجل, والسماح لطائراتها بالمرور بأجوائها ومقابلة رئيس وزراء الاحتلال  .... واصبحت القضية الفلسطينية لا تمثل لها الا ملفا في درج!

 

وهذا الضعف هو الذي جرأ ما يسمى بالمجتمع الدولي على السكوت والتسليم بجرائم اسرائيل والصمت عن كل مخططاتها او رفع العتب ببيان او تصريح خجول.

هذا الضعف المخجل الي جعل الانقسام يستمر 15 عاما، ومزق الحالة الوطنية، بل وقسم حركة فتح نفسها الى قسمين.

هذا الضعف الذي حول منظمة التحرير الى (عجوز مريض) يعيش في غيبوبة منذ عشرين عاما... والمجلس الوطني والمركزي الى هياكل فارغة لا معنى لها.. والسلطة الفلسطينية الى مجرد جسم يتحمل عن الاحتلال تبعاته ومسئولياته، فاقد الوجود والصلاحية!

هذا الضعف المخجل هو الذي القى بظلاله على  الضفة الغربية وقتل الروح الوطنية ومنع أي حراك جدي لمواجهة الاحتلال، وجعل قادة الاحتلال يتفاخرون بان الضم وصفقة الاراضي

 والاستيطان ومصادرة الاراضي ستمر رغم الزوبعة الصوتية، فقط المشكلة تكمن في نسبة الاراضي التي سيتم ضمها!

بالله عليكم عودوا بالذاكرة للوراء 15 عاما واعطوني قرارا واحدا، واحدا فقط، اصدرته القيادة العتيدة لوقف تمدد الاستيطان او عرقلة بناء الجدار او لجم عربدة المستوطنين او انتهاك مناطق (أ)  واعتقال المواطنين، او رفع المعاناة عن قطاع غزة...

التوجه للجنائية الدولية (حباله طويلة) والله اعلم ان كان سيجري مع اختلال موازين القوى 

ان القيادة (هشة العظام) المتمثلة في الرئيس ابو مازن أثبتت بالفعل أن عاجزة، مشلولة، بل في كثير الاحيان صامتة ومتفرجة على كل هذه الجرائم والانتهاكات التي تعصف بالقضية الفلسطينية. 

المشكلة ان الرئيس، ومن يدور معه, يتفاخرون بهذا العجز, ويرددون بكل (....) انه لا مكان للسلاح...لا مكان للمقاومة.. لا مكان لردع الجنود والمستوطنين، سنظل (اولادا مؤدبين مهذبين) حتى يتأكد العالم اننا (سلميون..محترمون)!

(3) ردود باهتة مقابل سياسات واجراءات خطيرة 

لقد مرت بنا منعطفات خارقة وحارقة وماحقة مثل نقل السفارة وصفقة القرن وضم الاراضي دون فعل شيء اللهم الا اشكالا تظاهرية لا معنى لها ولا طعم ولا رائحة.

ماذا يعني أننا اصبحنا في حل من الاتفاقيات! 

هذا مثل اللص الذي يدخل بيتك ويسرق كل شيء امام عينيك وربما ينتهك عرض زوجتك وانت لا تملك الا ان تقول للص: انا ارفض ما تفعل!

واضح انهم يجروننا جرا الى مربعات ردة الفعل: عند نقل السفارة يتسارع الجميع الى وضع خطة وطنية للمواجهة... ثم ننسى موضوع السفارة وننتقل لوضع خطة لمواجهة صفقة القرن .. ثم يسحبوننا الى فخ الضم ونتداعى الى (لقاء وطني) لمواجهة الضم... وغدا تأتينا موجة جديدة وأخرى-للاستهلاك- كي نشمر عن عضلاتنا لوضع خطط ورقية للمواجهة, وحينها تكون استكملت اسرائيل خططها على الارض في ظل الضجيج الفلسطيني 

صراحة، ان العمل الوطني تحول الى استعراض فارغ لا معنى له, لا يتجاوز حدود عقد اللقاءات الوطنية والمهرجانات والخطابات التي تتعالى فيه الاصوات، لكنه كمثل زبد البحر!

ان الخيارات التي اصبحنا نستنجد بها لتنقذنا من الغرق السياسي والفشل الوطني اصبحت عقيمة ومكرورة وفارغة المضمون: المصالحة .. دعوة الاطار القيادي.. الحوار الوطني الشامل.. تفعيل المقاومة الشعبية...اصلاح منظمة التحرير..

لا شيء من ذلك يتحقق، وكله يذهب ادراج الرياح!

دعوني اقول وبكل حزن ومرارة، أننا قضينا طوال عشرين عاما في نهج سياسي ووطني فاشل ومدمر، طبعا هو نهج مزبن بالشعارات الوطنية(المزهزهة).. شعار الممثل الشرعي والوحيد، وشعارات دولة فلسطين وشعار السلطة الوطنية المزنرة بربطات العنق ومسميات الرئيس والوزراء واصحاب المعالي...

فيما الوطن غائب مضيع, والشعب مشتت, والارض تسرق والتنسيق الأمني (شغال)!

(4) أصنام سياسية

لقد عبدنا أصناما سياسية.

ان المسمى الكبير والضخم ل(القيادة الفلسطينية) التي تجتمع وتنشر صورها من وقت لاخر على طاولة ممتدة، مليئة بوجوه عاجزة  لم تخجل ان تكرر هذا السيناريو طوال سنوات دون ان تخرج، مرة واحدة، بقرار وطني له مردود وفعل ايجابي! 

ان منظمة التحرير التي تحولت الى (عجل مقدس) لا ينبغي الاقتراب منه ولا من شرعيته ولا قدسيته، تحول الى جسد هوائي فارغ، وان الذين قتلوا منظمة التحرير وخربوها هم الذين يحملون سيف الخشب للدفاع عنها. 

لقد قضينا اكثر من خمسة وعشرين عاما والكل يطالب اصلاح منظمة التحرير، فلا المنظمة انصلح حالها ولا (اصحابها الشرعيون) يرغبون باصلاحها!

ومطلوب ان نظل صامتين (كمان) عشرين عاما حتى (ينصلح) حالها!

واستنزفنا من عمرنا وجهدنا الوطني عشرات السنين ونحن نتحدث عن حلم وحدة وطنية لم تتحقق الى يومنا هذا.

وقضينا خمسين عاما ونحن نتحدث عن استراتيجية وطنية للتحرير، ولم نتفق على سطر واحد من هذه الاستراتيجية!

وفرحنا ب(سلطة وطنية) بشعارتها ووزاراتها ومناصبها واوهمونا أنها (نواة الدولة العتيدة) واذا بها تتحول الى (..............)!

اذا ماذا تبقى لنا؟

ماذا تبقى لنا سوى (شوية فزعات) هنا وهناك، مغلفة بشعارات من الوزن الثقيل؟

ماذا تبقى لنا سوى البيانات الجميلة والاعتصامات والمسيرات؟

ماذا تبقى سوى الاخبار اليومية المملة التي تنضح بالعجز وقلة الحيلة وتبني سلاح (الكلام)؟

انني لا أعفي قيادات الفصائل من حالة العجز, فهي لم تقدم بديلا وطنيا جديا وفاعلا، ولم تؤسس لعمل وطني ممنهج، وانتهجت عملا تقليديا غلب عليه الانفعال وغاب عنه التخطيط الاستراتيجي.

(5) الخروج من الحياء السياسي 

اليوم مطلوب الخروج من حالة العجز ... حالة الفراغ والرمادية القاتلة...

الخروج من القيادة التقليدية العاجزة .. الخروج عن الاجسام السياسية المحنطة والبالية.

لن اخجل من القول ان القيادة الفلسطينية فاشلة وعاجزة وفاقدة للرؤية والقرار الشجاع وتحمل المسؤولية...

ولن اخجل من القول ان منظمة التحرير لم تعد تمثل العنوان الوطني الصحيح!

ولن أتردد في القول ان كثيرا مما صنعناه في الماضي هو عبث لا معنى له ..

فقط من يستطيع اصلاح كل هذا الخراب هي قيادة وطنية جديدة, جديرة بالثقة والاحترام والالتفاف حولها.

هذا افضل مليون مرة من الاستسلام لحالة العجز والهوان التي نعيشها وصبغت كل معالم حياتنا.

السؤال :كيف يمكن ان نوجد هذه القيادة الوطنية  الجديدة؟ 

سؤال صعب, وثقله ثقل الجبال، لكنه ليس مستحيلا على شعب لا يعرف المستحيل.

هناك نماذج كثيرة في العالم صنعت قيادات جديدة تجاوزت القيادات التقليدية، اقرأوا تاريخ دول كثيرة في أمريكيا اللاتينية وافريقيا وفيتنام.

هناك الالاف من الطاقات والكوادر الفلسطينية المنتشرة في فلسطين وخارجها، صاحبة ابداع ورؤية وشجاعة، التي يمكن نظمها في بوتقة وطنية جديدة.

يمكن لهذه القيادة ان تتشكل جغرافيا وسياسيا. جغرافيا تمثل كل مناطق تواجد الفلسطينيين، وسياسيا تمثل القوى والفصائل والجاليات والاتحادات والشخصيات المحترمة وطنيا.

أرجوكم لا تسلموا بهذا الواقع المخجل والقيادة الضعيفة، واقع لا يليق بكم ولا بتضحياتكم، ولا يضمن لكم ولأحفادكم مستقبلا واعدا..

نعم، يجب أن نتمرد على حالة الضعف والهوان.