السؤال: يقال إن الجن، الذين خُلقوا قبل الإنسان، سفكوا الدماء في الأرض. وهناك من يقول إنه كان هناك آدم آخر قبل نزول آدم عليه السلام لأن الجن ليست لهم دماء. فكيف يكون الرد على هذا الادعاء؟ أم أن الجن لهم دماء؟
الإجابة: وفقا لبعض البيانات المقدمة فإن أجساد الجن تحتوي على دماء. لأنهم يأكلون ويشربون ويتزوجون مثل البشر. كما أن لديهم أيضا برودة ورطوبة. إذ روي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال إنه أمسك شيطانا (أو جنيا) وخنقه من عنقه وشعر ببرودة لسانه على يده (أحمد بن حنبل،3/84)،(السنن الكبرى للنسائي،6/442)،(والحديث صحيح حسب ما قاله إبن حبان،في صحيحه 6/115).
إن خلق الجن من النار لا ينافي احتواء أجسادهم على الدماء. فالإنسان خلق من طين لكن له لحم وعظام ودم ورطوبة (مركز الفتوى، رقم 1099).القرطبي أيضا يتحدث عن إقامة الجن على الأرض قبل الإنسان وسفكهم الدماء ( القرطبي، تفسير الآية 30 من سورة البقرة). وبناء على سفكهم الدماء فهذا يعني أن أجسادهم تحتوي على الدم.
وكما هو الحال في الإنسان فإن الجن أيضا لهم قوة الشهوة وقوة الغضب الكفيلتين بخلق الفتنة والفساد في الأرض. بمعنى أنهم ليسوا بحاجة إلى الدماء لخلق الفساد والفتنة بل هم بحاجة إلى رغبة داخلية. وهاتان القوتان الموجودتان في طبيعة الجن كافيتان لإيجاد الفساد بل وزيادته.
لم يكن هناك مجتمع إنساني قبل نزول سيدنا آدم. فالمجتمع الذي يتحدث عنه القرآن في آياته هو مجتمع من الجن. وكما هو الحال في الإنسان فإن الجن أيضا لهم جوانب حسنة وجوانب سيئة تمكنهم من الفساد وارتكاب السوء والطغيان. وحسب ما جاء في القرآن الكريم فإن آدم عليه السلام هو أب البشر. ولهذا السبب فإن قبول وجود أناس آخرين على سطح الأرض قبله يعني إصدار حكم مناف لآيات القرآن الكريم.
وأجيب بطرق مختلفة عن السؤال المتعلق بـ”كيف علمت الملائكة أن البشر سيسفكون الدماء”:
أولا: كان الملائكة على دراية لأن المولى عز وجل أخبرهم بأن الإنسان الذي سيخلقه سيحمل صفة ستدفعهم إلى فعل ذلك أو لأنهم تعلموها من اللوح المحفوظ.
ثانيا: لأن البشر أيضا له قوة الغضب وقوة الشهوة اللتين كان الجن الذين سبقوا البشر يتمتعون بهما والتي أدت إلى خلقهم الفتنة والفساد في الأرض.
وبهذا كان الملائكة يعلمون أن البشر، الذين سيتمتعون بنفس الصفات، سيرتكبون الأخطاء نفسها التي ارتكبها فريق من الجن من سفك للدماء وإثارة الفتنة والفساد والكفر بسبب ما تمليه عليهم هذه المشاعر (إشارات الاعجاز لبديع الزمان سعيد النورسي، تفسير الآية ال30 من سورة البقرة).