كي لا يكون هذا أبرتهايد

حجم الخط

إسرائيل اليوم– بقلم يوسي بيلين –

قسم كبير من مهامي الخاصة  والعامة  كرس  للجهد لدحض الاتهامات التي شاعت منذ السبعينيات، ولا سيما في اوروبا، وبعد ذلك في امريكا الشمالية ايضا، بان سياسة اسرائيل في  المناطق المحتلة هي سياسة “أبرتهايد”.

​زملائي وأنا من اليمين ومن اليسار، كمعارضين أشداء لسياسة التفرقة العنصرية، في جنوب افريقيا، في الولايات المتحدة وفي كل مكان آخر في العالم، سعينا لان نشرع، الى أن شقت حناجرنا بانه في إسرائيل لا توجد، ولن توجد سياسة كهذه. فحظر التزاوج بين اليهود والعرب، الفصل التام في المواصلات العامة، في المدارس، في الجامعات، في السكن، في شواطيء السياحة أو في اقامة معازل من الحكم الذاتي للعرب فقط،  في ظل حرمانهم من الحقوق السياسية، كل هذه هي خارج المجال عندنا.

​ان سياسة الابرتهايد (“الفصل” في لغة الافارقة) في جنوب افريقيا، بين 1948 و 1994، أصبحت رسمية على خلفية تماثل الكثير من رجال “الحزب القومي الافريقي” الذي صعد الى الحكم، مع النازيين في المانيا، وانطلاقا من الرغبة لايجاد السبيل للتذاكي في وضع لا يمكن للعالم الديمقراطي ان يقبله: أقلية صغيرة من البيض، تحكم عشرات ملايين من السود.

​لقد كان الحل هو خلق عشرة “أوطان قومية للسود” أو كما أسموها – بانتوستانات. وكانت النية هي اقتلاع السود من الاحياء الاساسية ونقلهم الى نطاق قبائلهم واعطاؤهم “مواطنة” (لم تعترف بها اي دولة  خارج جنوب افريقيا نفسها) في البانتوستانات وتحولهم، بينما يواصلون العمل في المدن البيضاء الى “عمال اجانب”، عديمي الحقوق.

​لقد كانت هذه محاولة مثيرة للشفقة من نظام عنصري لان يعرض على العالم صورة عابثة من الديمقراطية، قررت مصيرها الاقلية البيضاء، بينما السود كانوا ذوي  مواطنة وهمية، وعمليا – عديمي الحقوق.

​هذا، بالطبع، لم يكن الوضع في اسرائيل، ولهذا فقد ثار معظمنا حين كان أناس غير مطلعين على الوضع في جنوب افريقيا ولا الوضع في اسرائيل يدعون بأننا نقيم نظاما كهذا. صحيح أنه يوجد في اسرائيل خوف من الاجانب وكراهية للاجانبولكن حجمهما لا يفوق ذاك الذي في العالم الغربي الديمقراطي، ومنظمات مثل “لهفاه” الا عن جماعات هامشية. ولكن المشكلة التاريخية للحركة الصهيونية هي ضمان الاغلبية اليهودية في اطار دولة ديمقراطية لا تحرم فيها الاقلية من الحقوق واذا ما ضمينا المناطق، وتصبح الارض غربي نهر الاردن دولة واحدة، فان من يرغب في أن يقيم هنا دولة يهودية سيتعين عليه أن يحرم الفلسطينيين من حقوق الترشيح والانتخاب في الاطار المشترك. لا يوجد خيار آخر.

​لقد تنازل الاردن عن مطالبته بالضفة الغربية قبل 32 سنة. وضم اسرائيلي، يستغل “الفرصة التي نشأت قبل  الانتخابات في  امريكا، من شأنه ان يؤدي الى أن تعلن م.ت.ف أيضا، المستعدة لدولة فلسطينية على 22 في المئة من الضفة الغربية، الى جانب دولة اسرائيل، عن تراجعها عن قرارها. السؤال المركزي لن يكون الارتفاع في مستوى الارهاب، تراجع العالم العربي عن خطوات التطبيع مع اسرائيل، ولا الحاجة التي ستكون لنا للعودة الى ادارة الحياة اليومية للفلسطينيين وتمويلها. التهديد الاساس هو ان تجد اسرائيل نفسها تستخدم ادوات الابرتهايد كي تمنع الحقوق السياسية للفلسطينيين، حتى لو لم تنسخ كل مظاهر هذا النظام العنصري والوحشي.