حقيقة الغوص في هذا الموضوع عميق بعمق التجربة الفلسطينية وامتداداتها منذ الانتداب البريطاني و أطماع الصهيونية و استيطانها في فلسطين ، وثورات الشعب الفلسطيني تجاه المشروع الصهيوني والانتداب البريطاني المؤسس لما يسمى دولة إسرائيل ، فقد قدم الشعب الفلسطيني الشهداء في كل المراحل و كادت ثوراته ان تنجز لولا الانقسامات العشائرية و العائلية الذي التحق جانب منها الى بريطانيا و أصبحت بريطانيا و الوكالة اليهودية المزودة لهم لوجستيا امام الثوار الفلسطينيين و بالتالي اجهظت ثورة 1936 بما فيها أيضا عوامل إقليمية أخرى ، نحن نتحدث هنا عن انحياز برنامج بأشخاصه الى جانب وجهة نظر بريطانيا و هي عمالة مكشوفة ، ولكن كان الأخطر من هم مدفونين وينفذون برامج في داخل الأطر و داخل حركة النضال الوطني الفلسطيني ، وقيل ان هناك كثير من الكوادر قد تم تصفيتها على ايدي العملاء في ظروف غامضة وقيل أيضا من بعض المصادر ان الشهيد عبد القادر الحسيني لم يستشهد في معركة القصطل بل تم اغتياله بعد نهاية المعركة وانسحابه في احدى المغر من احد معاونيه و ثبت انه عميل وجاسوس.
ولكننا هنا لسنا بصدد ان ننبش التاريخ ما قبل 1948 وان تتكرر صوره الان باستحداث وتطور لكل الأدوات سواءا كانت اجتماعية او سياسية او حزبية او فصائلية و الأخطر هنا على حركة التحرر الوطني الفلسطيني ليس ما تعرضت له من عدوان إسرائيلي سواءا داخل الأراضي المحتلة او في دول الطوق المجاورة او في الحروب الواسعة التي تعرضت لها قوات الثورة الفلسطينية سواءا في ساحة الأردن او لبنان او الحروب الأمنية في ساحة أوروبا و الساحات الخارجية ، بل كانت الصفعات و الضربات القاتلة تأتي من خلال عملاء فلسطينيين في داخل حركة التحرر الفلسطينية و اغتيال قادة وكوادر و اثارة منهجيات ثقافية محددة ، فالحروب لا يمكن ان تهزم شعب او تهزم حركة تحرر ولكن ما يمكن ان يحدث فيها انفلاش وتخريب و تفكك هي القنابل الموقوته من العملاء التي تؤثر على بنيتها الداخلية وتضع خيارات محددة لقيادات محددة و هي الأخطر.
كل يوم تتفتح معلومات جديدة و تحليلات جديدة ووقائع جديدة على تصفيات محددة تعرضت فيها حركة التحرر الوطني سواءا في فتح او الجبهات الأخرى او الفصائل الأخرى او ما استجد على حركة النضال الوطني الفلسطيني من فصائل الإسلام السياسي واغتيال طالت كادرها الأول أيضا.
قد جذبتني مقالة للمناضل اليساري بسام او شريف و ما حوت من الغام و معلومات حول اغتيال المناضل التحرري اليساري وديع حداد كما كان لهذا المناضل وجهة نظر و توصيات مبكرة حول اغتيال ياسر عرفات هو نفسه الذي حاولوا اغتياله بطرد متفجر ، يذكر بسام او شريف ان وديع حداد لم يمت بقطعة شيكولاتة بلجيكية بل قتل بجرعة في فنجان قهوة بسم الثاليوم يعد اسرائليا وتم تقديمه من اقرب المقربين اليه ويتسآل بسام أبو شريف ربما يكون بيننا او بجانبنا الان ... قصة معقدة حفظ فيها الملف كالعادة كما سبق و كما اتى بعد ذلك .
كثير من القضايا يجب ان يعاد من خلال لجنة وطنية امنية و من نخب وطنية نقية لاعادة فتح تلك الملفات و هي ملفات بالعشرات ولا يسعني المجال الا ان افتح بعضا منها.
فالنأتي لقصة عملية الفردان في 1974 و اغتيال القادة الثلاث و تنبؤات مسبقة لاغتيالهم و كيف تم اغتيالهم و من هو الذي قدم الدعم اللوجستي لتنفيذ العملية و المعلومات و كيف تصل فتاة الى مديرة مكتب لقائد الثورة الفلسطينية عميلة للموساد ، وكيف كان الموساد يرتع في المباني المجاورة لاماكن تواجد القادة الثلاث ولنمضي للامام ودور عدنان ياسين الذي كان تحت رعاية السلطة في دولة في أوروبا الشرقية وابناءه الموظفين في المقاطعة ودوره في اغتيال أبو جهاد واغتيال أبو اياد والعمري وأبو الهول عن طريق احد الحراس المقربين وهو يمت بالقرابة لعدنان ياسين أيضا ً وما دور عدنان ياسين في اغتيال عاطف بسيسو من طرف اثنين فلسطينيين أيضا مازالوا يتمتعون برتب عسكرية ويتواجدون في رام الله ، وهل كانت هي مجرد عمالة وجوسسة فردية ام لهم شبكة متكاملة ربما تكون في الاطار الأول لحركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح وفرت لهم الحماية ، ولا نريد هنا ان نتطرق الى ماجد أبو شرار و عمليات أخرى في قبرص واثينا وفرنسا ودول مختلفة طالت كوادر كثيرة ربما كانت معارضة للنهج السائد ولا نريد هنا ان نفتح الملفات أيضا في الساحة اللبنانية أيضا واتهم فيها قادة من نفس الاطار والفصيل وكل هذه حفظت ملفاتها مما يدعو للدهشة كيف يمكن ان تستمر حركة تحرر وطني فلسطيني وفيها هذا الكم من الاختراقات بدون المحاسبة والعقاب وكيف يمكن لحركة تحرر فلسطيني ان تهب لاكثر من 81 جاسوس محكوم عليهم باحكام بالجاسوسية ان تمنح لهم رتب عسكرية ويخرجوا مع القوات الخارجة من بيروت ويعملوا في أجهزة السلطة لايامنا هذه ، اختراقات كبرى مهدت الطريق لتسويات مهينة للشعب الفلسطيني اثرت على البنية النضالية والثورية والبرمجية لحركة النضال الوطني الفلسطيني .
ويبدو أيضا ان الاختراقات لم يسلم منها أيضا فصائل الإسلام السياسي ، فحماس والجهاد يبدو مرت بنفس التجربة ونفس التصفيات ومنهجيتها وماربها أيضا ، فكيف يمكن ان يصفى الشيخ احمد ياسين والرنتيسي والجعبري والمهندس يحي عياش وكثير من كوادرهم والقادة الثلاث في حرب 2014 ومن قدم لهم الدعم اللوجستي اهو من العامة ام من داخل اطر حماس والجهاد ، أعلنت حماس اكثر من مرة انها استطاعت ان تسيطر على عدة خلايا للجوسسة سواء في الشرطة او في الامن الداخلي وغيره من مؤسسات حماس ولم تخجل حماس من الإعلان عن ذلك أيضا ، ولكن هي ظاهرة عامة ومتلازمة سواء لفكرة الكفاح المسلح او للمقاومة ، وهناك عمليات كبرى كما حدث من سنتين لوحدة عسكرية إسرائيلية من الموساد ان تتغلغل في غزة وتم اكتشافها بالصدفة للسيطرة على وسائل الاتصال للقسام وزرع أجهزة تنصت ، واليوم تعلن حماس عن سيطرتها أيضا واكتشافها لشبكة خطيرة جدا ومؤلمة ، اكتشاف رائد في الامن الداخلي يدعى محمد عمر او عجوة من سكان الشجاعية مسؤول مركزي ورئيسي وامير مسجد ومسؤول عن المنظومة الالكترونية في شرق غزة الشجاعية وكاميرات المراقبة وشبكات الاتصال واشارات اللاسلكي ومسؤول عن دورات التدريب والتحقيق مع العملاء ، حقيقة شيء مرعب ومخيف ، أي يعني ان كل شيء كان مكشوفا ً لإسرائيل وخاصة انه يحمل بكالوريوس تقنية معلومات ، أيضا تم اكتشافه بالصدفة اثناء تكليف أخيه باستلام مبلغ من خلال مشغله من الموساد بجانب احد صناديق القمامة ، وتقدر بـ نصف مليون دولار كما يقال ، بالتأكيد ان هذه الحادثة لها ما ورائها وعلى هذا المستوى الكادري والمعلوماتي ، فاعتقد ان الموضوع لن يقف عند هذا الرائد بل ربما هناك من يضع له ستار من الحماية في قيادات اكثر منه وزنا ً وكما هو بنفس الحال حدث في حركة فتح والجبهة الشعبية وغيرها.
والأخطر من ذلك أيضا ما ورد من معلومات جديدة تناقلتها بعض وسائل الانباء عن قائد الوحدة الخاصة للضفادع البشرية وهي وحدة نوعية تعتز بها حماس ويدعى عز الدين بدر بهروبه في قارب صهيوني مع لاب توب يحمل كل المعلومات والبيانات .
بلا شك ان ما يحدث مخيف على البنية النضالية والوطنية سواء في الضفة او في غزة او على حركة النضال الوطني الفلسطيني قديما وحديثا بكل قواها وعمليات الاختراق الكبرى التي حدثت بها ومازالت تحدث وماهو السبب ؟! وهنا أيضا نضع تساؤل كيف نواجه هذه الاختراقات الكبرى الان ؟ وكيف يمكن ان نعيد دراستنا وحساباتنا لبرامجنا التي تطرحها الفصائل الان في ظل إشارات قديمة وحديثة عن اختراقات مازالت قائمة اثرت على البرنامج السياسي والثقافي والاجتماعي للشعب الفلسطيني بسلوكيات أصبحت مكشوفة كان لابد ان لا يحفظ ملف من تلك الاختراقات وان لا تسوى قضية الا مع وضع معالجات لها ولو ادركنا خطورة العجلة الإعلامية وتغطيتها لمن اساء لحركة النضال الوطني الفلسطيني والكفاح المسلح وانحرف بعيدا ً وفي الاتجاه المعاكس لكنا قد وصلنا لنتائج حافظت على برامجنا النضالية والثورية وحققت إنجازات ولكن النكسة تلو الأخرى قد يقودها عملاء بالباطن وكما قال بسام أبو شريف ربما يكونوا بجانبنا الان !