ماذا لو سارت اسرائيل على نهج اردوغان؟

حجم الخط

بقلم: ابراهيم دعيبس

 

الرئيس التركي، شخصية قوية ومسيطرة وتنقل في بلاده من مناصب صغيرة حتى وصل بالتدريج الى رئاسة الدولة وقد عدل بالدستور كثيرا لترسيخ وجوده ونفوذه، وهو اليوم يبدو كالسلطان الذي لا يعارضه احد وذلك بعد ان قمع المعارضة واعتقل او أبعد قادتها .

اردوغان، ومنذ عدة سنوات، يحتل شمالي سوريا بحجة ملاحقة الاكراد ومنعهم من الحاق الاذى بتركيا كما انه يحتل اجزاء اصغر في العراق ويقصف باستمرار عدة مواقع في شمالي البلاد للاسباب نفسها، ومؤخرا توجهت قواته الى ليبيا بالتعاون مع حكومة البلاد، وقد حشد الاف اللاجئين السوريين وارسلهم الى ليبيا للقتال وتحقيق مصالحه وقد بدأ الحديث في ليبيا عن مصادر ومنابع النفط والغاز وصارت البلاد واجهة تركية تجاه اوروبا وسمح بتدفق اللاجئين للضغط على الذين يحاولون ان يضغطوا عليه.

واذا كان لاردوغان اي منطق باحتلال شمال سوريا والعراق، فلا منطق له او اي مبرر لارسال قواته الى ليبيا البعيدة نسبيا عن حدود بلاده ولا اكراد فيها، سوى انه يحاول ان يعيد الدور الاوسع لتركيا واستعادة شكل من اشكال التاريخ العثماني، كما كان باستطاعته ان ينسق مع العراق وسوريا بدل التدخل العسكري المتواصل، ولكنه لم يفعل واختار التدخل المباشر.

مؤخرا لجأ اردوغان الى اتخاذ خطوة داخلية هامة حين قرر تحويل كنيسة ايا صوفيا التاريخية في اسطنبول الى مسجد بعد ان كان من سبقوه بقيادة مصطفى كمال اتاتورك اي ابو الاتراك، قد حولوها عام ١٩٣٤الى متحف.

هذه الخطوة اثارت انتقادات اوروبية ودولية واسعة وهي لم تكن خطوة دينية بالاساس، ولكنها سياسية ودعما لموقف اردوغان وحزبه في الانتخابات البلدية وفي اي انتخابات رئاسية قادمة.

في اسطنبول مئات المساجد ودور العبادة، كما ان فيها مساحات واسعة فارغة، وكان بامكان اردوغان بناء المساجد بالشكل والحجم الذي يريد، كما كان باستطاعته تحويل قسم من القصر الرئاسي الفخم الذي يبنيه الى اكبر مسجد في البلاد، ولكنه قرر تحويل الكنيسة ايا صوفيا التاريخية الى مسجد في هذا التوقيت تحديدا، وقال ان الموضوع قضية تركية داخلية ولا يحق لاحد من الخارج التدخل في ذلك.

هذا الموقف يثير مخاوف فلسطينية حقيقية كثيرة، لا بشأن الكنيسة ولكن من احتمال ان يكون موقف اردوغان هذا مبررا وسابقة لقيام اسرائيل بخطوة مماثلة في القدس وبصورة خاصة في الحرم القدسي الشريف.

ان اطماع اسرائيل في الحرم القدسي معروفة واقتحامات كبار المتطرفين لا تتوقف، وهم يعتبرون القدس جزءا من اسرائيل وليس من حق احد التدخل من الخارج، وحديثهم عن اعادة بناء الهيكل المزعوم واضح وقوي، ويجيئ منطق اردوغان وممارساته لتقوية مزاعم خاصة وان تركيا حليف اقتصادي قوي لاسرائيل وقد زارها اردوغان واجرى محادثات هامة مع قادتها في حينه، ورغم التوتر الشكلي الذي حدث بعد قصة السفينة مرمرة التركية التي اقتحمتها قوات اسرائيلية وقتلت عددا ممن كانوا على متنها وبينهم نحو عشرة اتراك. فإن العلاقات بين البلدين ما تزال قوية.

قضية الكنيسة ايا صوفيا ليست دينية فقط، ولكن ابعادها السياسية كبيرة، ومن يتحدث عما حدث بالتاريخ سابقا وفي العصور القديمة والاساءات المتبادلة في حينه، يكون كمن يعيش بالماضي ولا علاقة له بالحاضر والمستقبل.

التطبيع ٠٠٠٠٠ واسبابه

ازداد بالفترة الاخيرة التطبيع العربي مع اسرائيل سواء رسميا او شعبيا، وبدأنا نلاحظ اشكالا مختلفة له سواء بالزيارات او بالاعلام او بالتجارة وغير ذلك.

وبنظرة واقعية لفهم الامور وتفسيرها اعتقد بوجود عدة اسباب منها: ان فترة الاحتلال طالت كثيرا وان العلاقات الدولية صارت اسهل بسبب اشكال التواصل الاجتماعي المختلفة، والاسوأ ان الانقسام الفلسطيني مستمر طويلا ولا يبدو في الافق اي انفراج قريب ويقول الناس اذا كان الفلسطينيون انفسهم وهم اصحاب القضية لا يتعاونون، فماذا نفعل نحن.

ومما لا شك فيه ايضا ان دولا كثيرة افريقية وغيرها تستفيد من التقدم التكنولوجي الاسرائيلي مما يؤدي الى التطبيع.

نحن البداية لحل مشكلة التطبيع هذه وبدون ذلك سيتواصل التطبيع والتعاون المكشوف بين الاحتلال وبعض العرب.

يا نائل البرغوثي .... نقف عاجزين امامك!!!

الاسير نائل البرغوثي اعتقله الاحتلال وعمره ١٩ عاما وما يزال في الاسر بعد اكثر من ٤١ عاما وهو يعتبر اقدم اسير في كل العالم الصامت والاعمى.

يقول نائل لقد غيروا ابواب السجن مرتين بسبب الخراب وتلف الحديد ولكن معنوياتي لم تتلف ولن تتلف افرجوا عنه عام ٢٠١١ بصفقة لتبادل الاسرى وتزوج ثم اعادوا اعتقاله وحكموا عليه بالسجن المؤبد ثانية، تقف الكلمات عاجزة عن الحديث او التعبير عن هذا الحدث وهذه المعاناة، لقد اعتقلته قوات الاحتلال في نيسان ١٩٧٨ من منزله في قرية كوبر شمالي رام الله وكان عمره ١٩ عاما، وحكمت عليه اسرائيل بالسجن المؤبد، توفي والداه وهو بالاسر وله شقيقة واحدة هي حنان وقد تزوجت وصارت جدة وهو يقبع وراء القضبان، وتتساءل باستمرار ماذا يريد الاحتلال من رجل في الستين من عمره ؟!

وفي العام الماضي قتل الاحتلال ابن شقيقه وهدم منزل العائلة. اين العالم والرأي العام الدولي ولجان حقوق الانسان من هذه القضية الانسانية مع التحية والاحترام لكل الاسيرات والاسرى.