حرب التجويع .. أو الصلح مع إسرائيل!

حجم الخط

بقلم طلال سلمان

 

واضحة هي معالم الحرب الأميركية المفتوحة التي تشنها إدارة ترامب- ودائماً بالتواطؤ مع العدو الإسرائيلي، والطبقة المستفيدة منها، على الشعب في لبنان، خاصة، ومعه بلاد الخير سوريا، من دون أن ننسى العراق أرض الرافدين ومركز خلافة هارون الرشيد الذي خاطب الغيوم العابرة بقوله: امطري حيث شئتِ فإن خراجك عائد إلي!

صحيح أن عنوان الحملة هو “حزب الله”، لتأديبه على مقاومته وصده الحروب الإسرائيلية على لبنان (وسوريا؟؟ وصولاً إلى إيران)..

لكن بين المفاعيل المباشرة لهذه الحرب انهيار الليرة وتحليق سعر الدولار عالياً  جداً بحيث لا تطاله أيدي اللبنانيين المضروبين بالفقر إلى حد الاختناق واقدام أعداد متزايدة من الرجال والشبان على الانتحار، جهاراً نهاراً، وعلى مرأى من “جمهور الفضوليين” مع غياب سيارات الإسعاف وانعدام المسؤولية عند السلطات المعنية في معالجة الانهيار المفجع في سعر صرف الليرة، والارتفاع الفاحش في الأسعار نتيجة غياب أو تهرب المسؤول عن معالجة هذا الانهيار وتدارك الأمور والتدخل لحماية العملة الوطنية وتأمين الحاجيات الضرورية لاستمرار الحياة.. ولو في ظل الفقر!

يزيد من بؤس الأوضاع الأزمة السياسية- العسكرية- الاقتصادية التي تعيشها سوريا، الممزقة أرضها- بخيراتها- بين قوات الاحتلال التركي في الشمال، حتى حلب، وفي الشرق حتى ضواحي دير الزور مع تمركز في منطقة القامشلي، فضلاً عن قوات الاحتلال الأميركي حول منابع النفط والغاز في الشرق.

في الوقت ذاته تتزايد حالات اختراق الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء اللبنانية لضرب أهداف محددة في سوريا، بذريعة تدمير “القوات الإيرانية” في ضواحي دمشق أو حيثما وجدت.

من سوريا، كان يأتي القمح ومختلف أصناف الإنتاج الزراعي، بعدما هجراللبنانيون أريافهم الخصبة و”هربوا” إلى المدينة بحثاً عن فرص عمل يكفي مدخولها لإعالة أولادهم ودفع أقساط المدرسة.

.. في هذا الوقت أيضاً تحتدم المواجهة في العراق بين إيران وما تبقى من قوات الاحتلال الأميركي مع فصائل بريطانية وفرنسية اقتحمت أرض الرافدين في ربيع العام 2003 بذريعة “تحرير” العراق من صدام حسين.

.. ولقد شهدت بيروت في الأيام الأخيرة زيارة ملفتة لبعض كبار الضباط الأميركيين على رأس وفد عسكري لقي استقبالاً شعبياً صارخاً برفض الزيارة في المطار، مما اضطر هذا الوفد العسكري إلى التنقل بالهليكوبتر.. لكن ذلك لم يمنع من أن يستقبله كبار المسؤولين (رئيس الجمهورية، رئيس المجلس النيابي، وزيرة الدفاع.. فضلاً عن اللقاءات السرية).. مع تسجيل مبادرة ملفتة هي أن هذا الجنرال قد حظي بلقاء تلفزيوني مميز.. طمأن فيه اللبنانيين إلى أنهم بخير.. إذا هم “تحرروا” من نفوذ “حزب الله” عبر مشاركته في السلطة.

والمعادلة المطروحة حالياً: تخلصوا من “حزب الله” وإلا فلن يكون أمامكم سوى الجوع! هادنوا إسرائيل، والأفضل أن تصالحوها لكي تتمكنوا من توفير أسباب الحياة لأطفالكم.

المهانة والاذلال والجوع.. أو الصلح مع إسرائيل والقضاء على “حزب الله” ونبذ فكرة المقاومة، وإلا..

عشتم، وعاش لبنان حراً، مستقلاً، عزيزاً، مرفوع الرأس!

* رئيس تحرير صحيفة السفير .