الوضع الراهن سيلفظ انفاسه بانفجار فلسطيني هائل او استقالة عباس أو اعلان حل السلطة

انتفاضة
حجم الخط

 يواصل الخبراء في المخابرات وفي الجيش الاسرائيلي والمحللون في وسائل الاعلام الجدال حول التعريف. كيف نسمي العنف؟ انتفاضة؟ لا انتفاضة؟ ارهاب شعبي؟ انتفاضة حجارة؟ الحقيقة البشعة هي ان الاسم ليس هاما. هذه دلالة. المهم هو الواقع، وليس اقل من ذلك – الاعتراف بهذا الواقع.
والواقع هو أن الضفة الغربية والقدس تشتعلان. وهما تشتعلان منذ بضعة اشهر، بل وربما منذ نحو سنة.

يسير الفلسطينيون الى مسار الصدام، وثمة منذ الان مؤشرات واضحة على الانتفاضة. فقد بدأ هذا برشق الحجارة – متوسط اكثر من مئة في كل شهر. والحجارة يمكنها أن تقتل، مثلما رأينا في عدة حالات في السنة الاخيرة، بما في ذلك في الحالة الاخيرة هذا الشهر في القدس. واستمر هذا بمرافقة القاء الزجاجات الحارقة – بين 10 و 15 في الشهر. ومؤخرا هناك تزايد لاستخدام السلاح الناري والسكاكين، مثلما في قتل الزوجين هينكن والعملية في القدس أمس والنار على السيارات، والتي لم تنتهي بالاصابات.

باختصار، الوضع متفجر جدا. كل حادثة حتى وان كانت أكثرها هامشية يمكنها أن تصبح عملية استراتيجية كبرى ورد فعل اسرائيلي يخرج الاحداث عن السيطرة. ويمكن فقط ان نتخيل سيناريوهات الرعب لو أن اطفال عائلة هينكن قتلوا هم ايضا مع أبويهم، أو اذا ما أخطأت القبة الحديدية اعتراض صاروخ من غزة يسقط في بلدة في الجنوب ويتسبب باصابات عديدة. 

هذه سيناريوهات يمكنها ان تؤدي الى حملات سور واقي 2 بالضفة ، او جرف صامد 2 في غزة . ولم نتحدث بعد عن عملية ارهابية اخرى لمتطرفين يهود على نمط قتل عائلة دوابشة.

تواصل حكومة اسرائيل التمسك بالوضع الراهن وكأن العالم يسير كالمعتاد. بعض من وزراء الحكومة – وبالغت في ذلك وزيرة العدل آييلت شكيد – يهاجمون الحكومة على عجزها. بمعنى أنهم يتهمون أنفسهم بالمسؤولية عن هذا العجز دون أن يأخذوا أي مسؤولية عن ذلك.

في أقصى حد تقترح حلول هي على نمط كؤوس الهواء للميت او قرص تهدئة الالم لمريض السرطان. فزيادة عدد الحواجز، منع سفر السيارات الفلسطينية على بعض الطرق (بالمناسبة، فكرة سيئة ستسهل على المخربين أن يعرفوا بان كل اصابة هي اصابة ناجحة لسيارة يهودة). هذه حلول تكتيكية تأتي من رأس صغير ومطأطئي جبين. لا توجد ارادة لمواجهة الصورة الاوسع، الواقع الاستراتيجي.

يمد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يده ويعرض على رئيس السلطة ابو مازن اللقاء والشروع في مفاوضات بلا شروط مسبقة. ولكننا سبق ان كنا في هذا الفيلم. ابو مازن والزعماء الفلسطينيون لا يصدقون نتنياهو. وهم يتذكرون نتنياهو يتحدث عن الدولتين وبعد ذلك قبل الانتخابات يتراجع عنه والان مرة اخرى يعود الى الموقف الاصلي. لا يكفي الفلسطينيين عروضا من هذا النوع او “بادرات” التسهيلات. فهم معنيون بان يعرفوا الى أين ستؤدي المفاوضات.

صحيح ان لابو مازن وللفلسطينيين ايضا توجد مسؤولية في المساهمة في الوضع. فهم لم يستغلوا فترة تجميد المستوطنات قبل نحو ثلاث سنوات ونيف. وبالضبط مثل اسرائيل هم غير مستعدون لان يلينوا. ومع ذلك من الخطأ أن تتمسك حكومة اسرائيل بموقف انه لا يوجد حل للوضع.
واضح أن الوضع الراهن سيلفظ انفاسه بهذا الشكل أو ذاك. سواء بانفجار فلسطيني هائل او باستقالة ابو مازن أو اعلان السلطة حل نفسها أو انصرافها عن اتفاقات اوسلو، كما يهدد ابو مازن، او كل هذه الامور معا وبالتوازي ايضا.