الثوابت الفكرية وتوسيع الدائرة

حجم الخط

بكر أبوبكر يكتب

في مركز التنبّه للقضية يفترض الوعي أن معادلة النصر تأتي بالتضحية والإيمان، فبدون تضحية بالوقت والجهد والعطاء والمال والنفس فلا نصر أبدا.

بدون إيمان الله سبحانه وتعالى ونصره الأكيد ضمن شرائطه، وبدون إيمان لا يتزعزع بحقنا التاريخي والقانوني وروايتنا، وبدون أيمان بالعدالة والديمومة، وبقدرة شعبنا الجبارة تضمحل الأهداف وتنتحر الشخصية الوطنية أو تتساقط على درب المغريات والامتيازات فتصبح عالة على الثورة أو خنجرا في ظهرها.

إن مركز التنبّه في الدائرة أيضا يفترض العمل بلا كلل بالمطلق لقضية فلسطين، التي هي دون سواها تشكل مركز التنبّه لنا، في العقل، وفي الروح. ومركز التنبه في ذات الأمة الواحدة، ومركز التنبه في مجال الحركة التي يجب ألا تهدا من قِبَلي، وقِبَلك، ومن قِبَل من أسخّر نفسي لتكثيرأعدادهم ليكونوا مثلي من دُعاة المركز، والدائرة الأولى حول مركز التنبه ممثلا بفلسطين.

الأمة في الدائرة الأولى دوما

فلسطين عبر التاريخ لم تقم لها قائمة الا بتحالفات الداخل مع تحالفات المحيط العربي والاسلامي، وهذا ماكان من شأن كل حروبها التحررية المعروفة،أو غير المعروفة حديثًا مثل التحالف الفلسطيني المصري الذي أقامه ظاهر العمر الزيداني في القرن الثامن عشر فأنشأأول دولة فلسطينية في العصر الحديث.

لم يكن النفس العروبي والاسلاميفي منطقتنا عنصريا وإنما هو حاجة تاريخية حضارية ثقافية ترتبط بالدائرة الأولى، التي تضم وحدة اللسان، وما يرتبط بها من ثقافة وحضارة أمة أسعدها الله بنعمة التوحيد ما بين المسيحيين والمسلمين، وما الدوائر الأخرى المنبثقة عنها من شعوب أوقوميات الاتوسعة لهذه الدائرة، وليس حلولًا في مكانها أبدا.

الدائرة الأولى حول القضية الفلسطينية التي تشكل الثابت الأصيل هو محور التمسك بالقضية والايمان بقدسيتها وعدالتها وتحرير فلسطين ضمن شعار الفلسطينيين الخالد ثورة حتى النصر.

إنه النصر الذي من أبرز مقوماته الإيمان والعمل والوحدة الداخلية وإن تعددت الآراء فالوحدة المطلوبة هي وحدة الارتباط بفلسطين، ووحدة الارتباط بالتحرير ووحدة الارتباط بالإطار الجامع الذي استطاعت الثورة الفلسطينية أن تشكله من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، لذا كان في الثورة الفلسطينية ضمن الدائرة الأولى مختلف القوميات والأديان والمذاهب الفكرية.

في هذا التنوع المحمود حول الهدف تكون الدائرة الأولى حول المركز قد اتخذت هيئتها، ومن يحاول أن يُسقط الدائرة أو يفجرها فهو قطعًا خارج عن الصف والهيئة والتنبّه.

وفي الدائرة الثانية مرتكز أصيل وحائط لا يمكن الاندفاع دون الاستناد له، فإن لم يكن الحائط الثاني صلبًا ومؤيدا وداعما –حتى على ركاكة أو ضعف أو عدم اكتمال الدعم منه- فنحن في حالة الاستفراد والتخلي التي معها نضطر لخوض النضال تحت شعار “يا وحدنا” الذي كلما ابتعدنا عنه بفهم طبيعة التناقضات وحسن إدارة التعامل معها كلما اقتربنا من بشائرالنصر.

توسيعالدائرة

إن الدوائر اليوم تلك التي يجب تنميتها بحقيقة الالتفاف حول النضال الفلسطيني تبدو ضعيفة وغير متماسكة وتبدو العناصر المكونة لها مختلطة بحيت لا تستطيع أن تستبين شكلها من الداخل والخارج.

أين نحن من الدائرة الأولى؟ وأين دول العرب من الدائرة الثانية، وأينالأمة أو الأحرار والأبرارفي مقابل الفجار والكفار؟ بينما يشدنا التحزب والالتفاف نحو الشخوص والايديولوجيات والزائل، والاقليمي، بعيدا عن مركز التنبّه؟ وبعيدا عن المشتركات والمباديء الجامعة؟

فلسطين مركز التنبّه، وكلما اتسعت الدائرة المحيطة بها، وكلما زحزحنا الآخرين ليقتربوا من الدائرة الثانية فالأولى كلما اقتربنا مقدارا كبيرا من النصر.

نحن جزء لا يتجزا من هذه الأمة بحضارتها وتاريخها ومستقبلها، ويزداد نضالنا قوة بها، ونضعف كلما تفتّتت تحت ضربات الصهيونية، أوتحت ضربات القوى الإقليمية، أوالعالمية التي لا تسعى الا للهيمنة وتحطيم الأمة فداء لمصالحها الاقتصادية وهيمنتها وفداء للكيان الصهيوني.

مهما يكن الاختلاف مريرًا فإن الوعي بضرورة الارتقاء للعودة لمركز التنبه، هي من الثوابت التي تجعل من الأخ أخا من الحياة حتى الممات، لذا فإن علوّ صوت المنبه الأساسي وهو القضية المركزية تصبح القاعدة والثابت التي تقضي على النباتات المتسلقة والطفيليات المتمحورة فقطحول المكتسبات التنظيمية او الشخصية او السلطوية .