"الصمت الوطني" الفلسطيني على مخطط الضم...لما!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 منذ أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية "تعليق" قرار تنفيذ المشروع التهويدي رسميا في الضفة والقدس، غاب الحراك الوطني الفلسطيني بكافة أشكاله، عدا بعض تصريحات فقدت كل روح بها، ولم تعد مادة مثيرة للقراءة، ليس للأجنبي بل لأبناء البلد والقضية، الى جانب بعض اتصالات هاتفية، او رسائل "مملة" خالية من "الدسم السياسي".

ليس مجهولا، للرسمية الفلسطينية، وكذلك للقوى والفصائل ذات المسميات والألقاب المتعددة، ان القرار الإسرائيلي ليس وقفا او إلغاء، بل هو تعليق مؤقت ينتظر "ساعة الصفر" السياسية المناسبة، وقد تكون أقرب كثيرا مما يعتقد "المتكلون" على ربح آني، لأسباب معقدة، منها بعض الغضب الفلسطيني، الخالي من "الأنياب الكفاحية".

ملفت تماما، أن القوى والفصائل، باتت وكأنها تحولت الى جزء من آلة الحراك "الرسمي"، سواء في الضفة أو قطاع غزة، لا تمتلك من امرها السياسي شيئا، وجلست تنتظر ما سيكون من "عطاء" يمنحها بعضا من فعالية تثبت حضورها.

وكي لا يصبح أمر "التهويد" واقعا عمليا في ظل "همهمة فلسطينية" لا أكثر، وأن المواجهة الشعبية ليست قرارا رسميا، وقد لا تكون لأسباب مركبة، فقد أصبح لزاما، بل ضرورة وطنية، ان تنهض القوى ذاتها لدفع قطار المواجهة المصاب عطبا بلا أي داع، سوى الخمول، وتحدد رؤية مشتركة بين مكونات المشهد الوطني وأولويات العمل المطلوبة.

وكي لا يتذرع البعض بموقف "الرسمية الفلسطينية" وعدم قيامها بتنفيذ قرارات فك الارتباط، ومنها سحب الاعتراف المتبادل وإعلان دولة فلسطين واقعا كيانيا تحت الاحتلال، وفقا لقرار الشرعية الدولية، فتللك قد تكون سببا مضافا كي لا تبقى "أسيرة الجلوس على رصيف الرسمية".

الحراك الشعبي "غير المعلب"، هو القاطرة الضرورية لخلق معادلة فعل جديد، تضع مخطط التهويد أمام عقبات حقيقة، وليس عقبة صوتية، قد يبح حبالها دون أن تترك اثرا سوى ما أصابها، وهذا يستدعي العمل على بلورة "تحالف سياسي" يضع مواجهة مشروع التهويد بجزئيه "الضم وخطة ترامب" عنوانا لا غير للتحرك، ودون البحث كثيرا في شكل ذلك "التحالف" جبهة أو إئتلاف، أو الغوص كما هي "العادة الفصائلية" في ترتيب الكلمات، من يسبق من، وألا يكون البحث عن "صدى الكلمة" أكثر قيمة من "صدى الفعل".

حراك "القوى"، دون ارتباط بموقف "الرسمية"، أو الاتكال على "وعود وهمية" برد عسكري مزلزل كما يصرخ البعض في قطاع غزة، فذلك وهم، ولن يحدث ما دام الأمر لأهل حكم الأمر الواقع في القطاع بات "مأمونا"، بل و "موعودا بحصة فيما سيكون من ترتيبات" يتم صياغتها في عاصمة عربية بجوار قاعدة أمريكية.

فصائل منظمة التحرير التي هي أصل الرواية الوطنية المعاصرة، تتحمل المسؤولية الرئيسية في حالة التيه الراهن، لغياب رؤيتها قبل فعلها، واتكالها على التاريخ أكثر من الحاضر، وهي قبل غيرها من أتاح للبعض محاولة "خطف الرواية الوطنية" لتزويرها في حضورهم، وساهم صمتهم في مزيد من مصادرة تاريخ الثورة المعاصرة.

فصائل المنظمة عليها أن تستفيق من سبات سياسي طال أمده، ولتبادر في تقديم رؤياها وآليات فعلها، وتبدأ حراكا شعبيا ميدانيا أي كان حجمه، ولا تقاس بمهرجانات مدفوعة الأجر، وتتذكر أن القوة لا تكمن فيمن يحضر بل لمن يبادر.

كل حراك شعبي متواصل هو فعل خلق حقيقة سياسية جديدة، وعكسه أيضا، كل "سكون" هو خلق حقيقة سياسية مضادة للحقيقة الوطنية، فهل نرى "صحوة فصائلية" نحو "هبة شعبية" تقود رحلة مواجهة مؤامرة مشروع التهويد الأخطر في زمن الانحدار الوطني الغريب.

ملاحظة: كان لافتا جدا أن يقول رئيس حماس إسماعيل هنية، ان هناك مؤامرة لإشغال قطر وتركيا عن أداء دورهما لخدمة فلسطين...إعلان صريح بأن حماس مع الغزوة التركية في سوريا وليبيا وضد الأمن القومي...يا لها من خطيئة سياسية!

تنويه خاص: وأخيرا جاء خبر بعض "الأمل" بعد إطلاق "مسبار الأمل" الإماراتي الى المريخ...خطوة عليها أن تكون بداية مسار من تطور علمي يعيد وجه فقدناه كثيرا.