اتفاق الصين وايران يدل على اسرائيل أن تبدأ بالابتعاد عن بيجين

حجم الخط

اسرائيل اليوم – بقلم يعقوب نيغيل ومارك دوفوفيتش

يعد الاتفاق المتحقق بين ايران والصين، والذي تسرب مؤخرا، اتفاقا“منقذا للنظام” وشراكة واسعة، اقتصاديا وامنيا. فالصينيون سيستثمروننحو 400 مليار دولار على مدى 25 سنة في ايران، مقابل نفط ايرانيبتنزيلات كبرى. سيمس الاتفاق بالطبع بالعقوبات الشديدة المفروضة علىالتجارة مع ايران وبالجهد الامريكي لعزلها في استراتيجية “اقصىالضغط“. بالنسبة لاسرائيل يجب على الصفقة بين شريك اقتصادي مركزي(اليوم) لاسرائيل وعدوها الاساس ان تشكل جرس ايقاظ مقلق: فالصينليست صديقة اسرائيل، وبالتأكيد ليست بديلا عن الدعم الامريكي.

​لقد بادر الرئيس روحاني بالاتفاق في 2016، في اعقاب الاتفاقالنووي والذي كنتيجة له رفعت عن ايران العقوبات الاقتصادية. وحسبالصفقة مع الصين، والتي اقرها مجلس الوزراء الايراني، فسيتوسع التواجدالصيني في  البنوك، في وسائل الاعلام، في الموانيء والمطارات، فيالقطارات وفي مشاريع البنى التحتية في ايران. وسيتضمن الاتفاق تعاوناعسكريا، سايبر وتكنولوجيا، تأهيلات وتدريبات مشتركة وكذا التعاون فيتطوير السلاح والاستخبارات.

​لقد كانت ردود الفعل في ايران سلبية وفي حالة الرئيس روحانيشجبته، فحسب فهمهم، فان ايران الضعيفة ستنتهي كطرف خاسر فيالصفقة. وهم يرون كيف أن طريقة الاستثمارات الصينية “تحبس” الدول معدين كبير، وفي نهاية العملية تنشأ رافعة تسمح للصينيين بالسيطرة علىالبنى التحتية الحرجة وعلى المقدرات الطبيعية في الدولة. والطريقة هي جزءمن الاستراتيجية الصينية، المسماة “مبادرة الحزام والطريق“، والتي تنفذ فياكثر من مئة دولة. أما النظام في طهران، بالمقابل، فيفهم بان الصفقة يمكنهاأن تنفذ الاقتصاد الايراني، ستكون “اصبع في العين” للولايات المتحدةوستسمح للنظام بالاعتماد على الصين وعلى قدراتها، مع التشديد علىنموذج التعقب للمواطنين، مما سيزيد احتمالات حماية الحكم.

​لا يزال الاتفاق غير موقع وتسريبه يخدم مصالح داخلية في الدولتين. فالطرفان كفيلان بان ينتظرا حتى الانتخابات في الولايات المتحدة على املأن يهجر بايدن خطة “اقصى الضغط“. فالعقوبات الامريكية على ايران،والتي ردعت بنوكا صينية وشركات طاقة عن التقدم في صفقات هامة فيايران، سيفتح فرصا رائعة للتعاون. بالنسبة لاسرائيل، فان مجرد الحديث عنالاتفاق هو اشارة واضحة الى أنه حان الوقت لتغيير السياسة وللبدءبالانفصال عن الصين. ايران هي العدو الاكثر خطرا على اسرائيل. زعماؤهايقسمون على ابادة الدولة اليهودية ويطورون برنامجا نوويا وصواريخباليستية مع قدرة على حمل الرؤوس المتفجرة النووية. تمول ايران وتسلححماس وحزب الله الذي جمع اكثر من 150 الف صاروخ على الحدودالشمالية.  ايران وحزب الله يوجدان في عملية متواصلة من ادخال قدراتالسلاح الموجه الدقيق الى المنطقة، قدرات تغير قواعد اللعب وتهدد بالمسبرموز الحكم، بالمنشآت العسكرية، بالبنى التحتية وبالمراكز المدنية والحاقضرر كبير باسرائيل.

​مصلحة استراتيجية

​الصين هي الخصم الخطير للولايات المتحدة، الحليفة الاهم لاسرائيل. والصينيون ينشرون تكنولوجيات النووي والصواريخ للانظمة الماركة مثلايران، كوريا الشمالية والباكستان، ويهددون هونغ كونغ، تايوان وبحر الصينالجنوبي، يسرقون ملكية فكرية وينفذون خروقات فظة لحقوق الانسان. لقدكتب الصينيون واخفوا معلومات حيوية عن الكورونا كان يمكنها أن تساعدالعالم على منع المصيبة الانسانية والاقتصادية.

​بالنسبة لاسرائيل لن يكون الانفصال بسيطا. فالصين هي احدىالشركاء الاقتصاديين المركزيين ومصدر هام للاستثمارات المالية، بعد الولاياتالمتحدة واوروبا. فقد بلغت التجارية الصينية – الاسرائيلية في العام 2018 مقدار 15.3 مليار دولار، ارتفاع بمعدل 4.400 في المئة من العام 1995. ترى الصين في البنى التحتية الحرجة في اسرائيل جزءا من مشروعهاللتوسع العالمي. وهذا يشمل ميناء حيفا، الذي تسبب منذ الان بالتوتر بيناسرائيل والولايات المتحدة، ميناء اسدود، الانفاق في الكرمل، القطار  التحتيفي تل أبيب، منشآت تحلية المياه وغيرها. ان الاهمية الاستراتيجية للبنىالتحتية واضحة، ولا سيما في ضوء حقيقة أن جزءا منها يعمل الى جانبمنشآت عسكرية، مراكز تجارية وغذاء وخدمات حيوية اخرى.

​لقد حددت الصين التكنولوجيا العليا الاسرائيلية كمصدر تكنولوجيحيوي في بناء اسلحة للجيل القادم، حتى وان كان تحت غطاء استثمارات“مدنية“. وجندت شركات الانطلاق الاسرائيلية 325 مليون دولار منمستثمرين صينيين في ثلاثة ارباع من العام 2018، مقابل 67 مليون دولارفي 2013. والاستثمارات الصينية استراتيجية وتستهدف استخدام العلمالاسرائيلي في مجالات الفهم الاصطناعي، الحواسيب المتطورة، السياراتالمتحركة بالتحكم الذاتي، علم الرجال الاليين وعلوم المعطيات. هذهالتكنولوجيات اعترف بها البنتاغون كحيوية لجهودد الحداثة العسكرية، حتىلو كانت “مدنية” في تطبيقها الحالي. على اسرائيل أن تعيد تقويم العلاقاتمع الصين، إذ ان الحديث يدور عن مصلحة استراتيجية مركزية لضمان عدمتآكل التفوق العسكري الاسرائيلي والامريكي.  

​ان مخططي الاستراتيجية الاسرائيليين كفيلون بان تغريهم فكرة انالعلاقات الاقتصادية بين الصين واسرائيل ستؤثر على الشراكة الكبرىلبيجين مع طهران.  هذا بالطبع وهم: فالصينيون سيكسبون ما يمكنهم، وفقالاحتياجاتهم، من اسرائيل ومن ايران، دون  تفضيلات وخوف. اما  اذا اضطرت  الصين الى الاختيار، فلا شك انها ستختار ايران القادرة على أنتوفر لها الطاقة الحرجة لوجودها، والتي لا يمكن لاسرائيل ان توفرها. عددالسكان الايرانيين اكبر بثمانية اضعاف  والارض اوسع بــ 75 ضعفا وهيتقع في منطقة استراتيجية هامة لخطة السيطرة  الصينية. فضلا عن كل هذافان ايران هي عدو امريكي مرير يمكن للصين ان تستخدمه في المنافسةالعالمية امام  الولايات المتحدة.

​الاقتراب من الولايات المتحدة

​كل هذا يضع الولايات المتحدة واسرائيل في جانب  واحد والصينوايران في الجانب الاخر في الحرب الباردة الناشئة بين  القوى العظمى.

​لا مفر لاسرائيل غير الوقوف في الجانب الامريكي بما في ذلك فيالسياسة الرسمية.  واصحاب القرار في اسرائيل ليسوا مطالبين بان يقرواأنظمة أو تشريعات تخنق  القطاع الخاص؛ هم ببساطة ملزمون ان يضمنواالا تتخذ القرارات المتعلقة بالاستثمارات الاستراتيجية من قبل البيروقراطيينالذين لا تحركهم الا اجندة محلية ضيقة. الى جانب ذلك فان حكومة اسرائيلملزمة بان تساعد المستثمرين في التكنولوجيا عندها  على استخدام قدراتالشراكات الاستراتيجية مع الهند،  اليابان، استراليا، كندا، سنغافورة ودولمشابهة، الى جانب العلاقات مع دول الخليج (وحماية المصالح الامنية). هذاالاستخدام الحيوي لتشخيص  رأسمال بديل  للاستثمارات الصينية.

​لا شك انه الى جانب التجسيد بالملموس للالتزام الاسرائيلي بفكالارتباط عن الصين، ستنشأ فرص اخرى لتعميق التعاون بين اسرائيلوالولايات المتحدة. فالتعاون التكنولوجي، العسكري والاستخباري سيرتفعدرجة اخرى وسيعمق التعاون السياسي. عندما يعمل الصينيون على امكانيةالتعاون مع اسوأ اعداء اسرائيل، لا بديل لاسرائيل غير التقرب من صديقتهاا لافضل والابقاء على مسافة مع خصمها الاكبر.