قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ناصر القدوة، إنّ "الشعب الفلسطيني، فخور بهويته الوطنية ومتجذر في الأرض ومؤمن بدوره الحضاري التاريخي في المنطقة"، مؤكدًا أننا "أهل البلاد الأصليين وأصحاب الأرض لآلاف السنين".
وأضاف القدوة في ورقة قدمها خلال ندوة رقمية حول الدولة الوطنية "والدولة الواحدة"، نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، اليوم الخميس، أنه "آن الأوان في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها شعبنا تأكيد الوحدة على برنامجنا الوطني وهدفنا الوطني المركزي وتخليصه من الشوائب وصياغته بالشكل السليم، لأن هذه نقطة البداية لكل شيء مفيد لشعبنا ولقضيته الوطنية".
وأكّد على تمسك شعبنا بهويته وحقوقه ودولته الوطنية، وإصراره على إنهاء الاحتلال ودحر الاستعمار الاستيطاني، مؤكدًا أن هدفنا الوطني هو إنجاز الاستقلال الوطني في دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، إلى جانب استعادة حقوق لاجئينا في العودة والملكية والتعويض.
واستعرض القدوة في ورقته أبرز المحطات التي مرت في تاريخ القضية الفلسطينية، بدءًا من الانتداب البريطاني، ونجاح الحركة الصهيونية بفرض فكرة إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين بدعم من النظام الدولي وقتها، وما تبع ذلك من نكبة فلسطين عام 1948 وحرمان شعبنا من حقه في تقرير المصير وفي الاستقلال الوطني في دولته الطبيعية، وثم حرب 1967 واحتلال إسرائيل ما تبقى من فلسطين التاريخية، وبعدها نهوض الحركة الوطنية الفلسطينية وصعود منظمة التحرير كممثل سياسي شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وإعلان الاستقلال عام 1988، ومن ثم مؤتمر مدريد للسلام واتفاق أوسلو، وصولا إلى فكرة الحكم الذاتي وإقامة السلطة الفلسطينية.
وقال إن "اليمين الإسرائيلي المتطرف قام بعكس نتائج أوسلو وتسريع الاستعمار الاستيطاني ونجح في خلق حالة تسيطر فيها إسرائيل على كافة مناحي الحياة الفلسطينية ولا علاقة لها بالحكم الذاتي، إضافة إلى استمرارها طويلًا بعد السنوات الخمس المتفق عليها"، لافتًا إلى أنه "نجح بطبيعة الحال بمنع التسوية السياسية ومنع الاستقلال الوطني الفلسطيني في دولة فلسطين".
وأشار إلى طرح ما يسمى بـ "رؤية ترمب للسلام والازدهار" التي تستند إلى فكرة أن كل الأرض هي إسرائيلية، أي فكرة إسرائيل الكبرى، وإنكارها الوجود والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومحاولة شرعنة المستعمرات الإسرائيلية وإقرارها بإمكانية ضم إسرائيل لحوالي 30% من مساحة الضفة الغربية.
وأضاف: إن "إسرائيل، أو اليمين الإسرائيلي المتشدد بدعم من اليمين الأميركي الإنجيلي المتشدد تريد الاستيلاء على كل شيء، على كل الأرض وبأقل عدد ممكن من الفلسطينيين"، موضحًا أن المنطق الداخلي لرؤية ترمب يمضي في نفس الاتجاه ويتيح فرصة للتخلص من أعداد من الفلسطينيين، وإن بشكل تدريجي، باعتبارهم مجرد "سكان".
وتابع: إنّ هدف اليمين الإسرائيلي الحاكم، المدعوم من القطاع الأوسع من الإسرائيليين، واستراتيجيته هي الاستيلاء على كل الأرض أو معظمها والحفاظ على الطبيعة اليهودية للدولة.
وأكد أن أي عملية ضم تنفذها إسرائيل تلغي في الحقيقة التسوية السلمية أو التفاوضية، ومحاولة للاستيلاء على كل شيء بدلًا من التقسيم إلى دولتين، منوهًا إلى أن السؤال المركزي الآن أمام الشعب الفلسطيني والحركة الوطنية الفلسطينية هو حول الهدف الوطني الفلسطيني والاستراتيجية الفلسطينية الأنجع في مواجهة كل ذلك.
وقال: إن "الاستراتيجية الوطنية المنطقية الوحيدة هي التمسك بالهوية الوطنية وبالحقوق الوطنية وبالدولة الوطنية، وهي أيضًا الدفاع عن الأرض في مواجهة الاستعمار الاستيطاني، أي التمسك بدولة فلسطين القائمة وإن كانت تحت الاحتلال، والدفاع عن أرضها ضد المستعمرات والمستعمرين، إضافة إلى المطالبة بأراضي لاجئي فلسطين والتي تبلغ خمسة ملايين ونصف المليون دونم وفق وثائق لجنة التوفيق للأمم المتحدة، هذا بوجود أو بدون تسوية تفاوضية كما هو الحال في هذه الحقبة الزمنية".
وأوضح القدوة أن "الاستعمار الاستيطاني هو نقيض الوجود الفلسطيني ويهدف لإحلال المستعمرين الإسرائيليين مكان شعبنا، أي أن الأمر ببساطة بالنسبة لنا هو حياة أو موت"، لافتًا إلى أن الاستعمار الاستيطاني يشكّل جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي، وهناك منظومة كاملة من القوانين الدولية تحرّمه وتمكّن الجانب الفلسطيني من مواجهته وكسره ودحره كمقدمة لإنهاء الاحتلال وإنجاز الاستقلال الوطني في دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس.
وفي سياق متصل، أشار القدوة إلى عدم وجود شيء اسمه "حل الدولة الواحدة"، موضحا أن الدولة الواحدة تقوم عندما ينتصر أحد الجانبين ويُخضع الجانب الآخر، إذا انتصر الجانب الفلسطيني سيكون ممكنًا له إقامة دولة ديمقراطية في كل فلسطين، وإذا انتصر الجانب الإسرائيلي سيكون ممكنًا له إقامة دولة يهودية على كل "أرض إسرائيل" وفي الحالتين لا يوجد "حل" وحتى لا يوجد "حل وسط" تفاوضي.
وأضاف: "واقعيًا يخدم هذا الطرح بقصد أو بغير قصد تمكين إسرائيل من إنشاء إسرائيل الكبرى، والبدء في التخلص التدريجي من السكان، ما يعني استسلامًا فلسطينيًا كاملًا، والتخلي عن الوجود الوطني والحقوق الوطنية الفلسطينية، مقابل بعض الحقوق الفردية نعرف جميعًا أنها لن تأتي، وشرعنة المستعمرات والمستعمرين في أرض دولة فلسطين".
وأضاف: "الحل في دولة فلسطين هو إنهاء الاحتلال ودحر الاستعمار الاستيطاني ورحيل المستعمرين عن بلادنا، مثلهم مثل كل المستعمرين الذين سبقوهم في بلدان أخرى".