التوجه الى الانتخابات الان ، رهان كبير في ظروف انعدام اليقين

حجم الخط

اسرائيل اليوم– بقلم البروفيسور غيورا غولدبرغ

مرة اخرى طرحت على جدول الاعمال مسألة تقديم موعد الانتخابات أم لا.

​تشبه اسرائيل من هذه الناحية بريطانيا وتختلف عن الولايات المتحدة. فالمنطق البسيط يقول ان الحزب الحاكم لن يرغب في تقصير مدة ولايته، ولذات السبب ستؤيد المعارضة دوما تقديم موعد الانتخابات. ولكن الحالة الاسرائيلية لا تتطابق وهذه القواعد البسيطة.

​لقد فضلت الاحزاب الحاكمة المرة تلو الاخرى تقديم موعد الانتخابات. وخاب على نحو شبه دائم الامل من جدواها، بل واحيانا فقدت هذه الاحزاب الحكم. هكذا حصل لحزب العمل في 1977، في 1996 وفي 2001. أما الليكود ففشل في 1992، في  1999، وفي نيسان 2019.

​فقد كديما الحكم في 2009 في اعقاب مبادرة لتقديم موعدالانتخابات. ومرة واحدة فقط، خرج الليكود برئاسة شارون في 2003 كحزب حاكم رابحا من تقديم موعد الانتخابات. في حالات اخرى بادر الحزب ا حاكم الى تقديم موعد الانتخابات ولكنه لم يربح جراء ذلك وان لم يكن فقد دفة الحكم.

​سابقة بن غوريون منذ 1951. هكذا حصل مرتين لبن غوريون (1951 و 1961). عندما خسر مباي مقاعد، مقعد واحد في 1951 وخمسة في 1961. صراع ذكي وعنيد ضد تقديم موعد الانتخابات خاضه رئيس الوزراء شمير في 1984. وصلت المعركة حتى بوابات محكمة العدل العليا، ولم يحسم في غير صالح الليكود الا بعد أن اسقطت الكنيست رئيس لجنة الكنيست من الليكود لانه استغل حقه في عدم طرح مشروع القانون لحل الكنيست على جدول الاعمال.

​صحيح أن صراع الليكود فشل وفي النهاية قدم موعد الانتخابات. أما نتائجها، التعادل بين الكتلتين، فقد أوضحت بالفعل كم كان محقا شمير في معارضته لتقديم موعد الانتخابات. مثال معاكس يمكن أن نأخذه من ايهود باراك، الذي قدم موعد الانتخابات لرئاسة الوزراء في 2001.

​صحيح أن حكومته تقلصت، تعثرت وتعطلت، ولكنها لم تسقط. وقال العبقري السياسي في حينه “اذا كنتم تريدون انتخابات فأنا مستعد لها”، فحطم رقما قياسيا لاقصر ولاية في رئاسة الوزراء. فقد أوقع شارون به هزيمة نكراء، بفارق 26 في المئة، ومن هنا بدأ باراك يتدهور سياسيا الى أن سقط في الهوة وتحطم.

​التعليل السائد لدى رؤساء الوزراء في صالح تقديم موعد الانتخابات هو الصعوبة الهائلة في ادارة الدولة في ظروف التنغيصات والمناوشات السياسية مع اغلبية صغيرة وهشة في الكنيست، أو حتى في موقع حكومة الاقلية. هذا الوضع الفوضوي منغرس وكامن في الثقافة السياسية الاسرائيلية وكأنه مثابة حالة طبيعية.

​كل الحكومات، بما فيها تلك برئاسة بن غوريون وبيغن، تعثرت وتعطلت واهينت ولوحقت حتى الرقبة، ونجت بصعوبة. ظاهرا، يشير استعداد الحزب الحاكم لتقديم موعد الانتخابات الى مصداقيته وثقته، ولكنه يشهد اكثر من ذلك على ضعف فكري، فزع وهن وعدم صمود في وجه الضغوط.

توقعات عابثة وأماني

يستند مؤيدو تقديم موعد الانتخابات على الاستطلاعات، التوقعات العابثة والاماني. في الحالة الراهنة سيكون تقديم موعد الانتخابات غبيا على نحو خاص وأخذا لرهان عظيم في ظروف من انعدام اليقين.

يتصدى الكثير من الناس نفسيا لازمة الكورونا عبر القاء الذنب على الحكم، ولا سيما على رئيس الوزراء. وهكذا يمنعون عن أنفسهم مشاعر انعدام الوسيلة والعجز في وجه المصيبة المحتمة.

ان الانتخابات في وضع الفيروس المعربد تبعث على الغضب والسخط وتعد تنغيصا وتلاعبا لا داعي له من جانب السلطة.

​يشغل الكورونا حاليا بال الناخب العادي اكثر من مسائل كفقرة التغلب، المستوطنات، بسط السيادة، الجولان ومستقبل القدس. يكفي ان القسم الاكبر من الطاقة الانتخابية لليمين الا تأتي الى صندوق الاقتراع كي يتسبب ذلك بالهزيمة. محظور الاعتماد على المعجزات والعجائب. وحتى نتنياهو ليس ساحرا كلي القدرة. صحيح أنه انتصر بشكل مثير للانطباع في أربع حملات انتخابية – 1996، 2009، 2013، 2015 – ولكن في المرات الخمسة المتبقية لم يحقق  انتصارا واضحا.

​استنتاجي قاطع لا لبس فيه: يمكن التهديد بتقديم موعد  الانتخابات كتكتيك سياسي، ولكن محظور تقديمها.