لا حبا في العزلة ولا كرها للناس ، ولكن هروبا بالنفس من اجواء ساد فيها النفاق واختفت الحقيقة بين التهليل والرقص وتسليم الامر لمن لا يرحم ،والرحمة من الله والمغفرة والثواب والعقاب ، هي تلك المناخات التي تفرض على كل من هو ذو بصيرة ، فليس هناك ما هو اكثر من مأساة عندما يفقد الانسان قراره وارادته وعندما تطرح فكرا او ثقافة فيجب ان يكون هناك فريقا متحمسا للفوز بها ، وان تبحث على اناس يرفضون الهزيمة ويكرهونها ،فالانسان لا يستطيع ان يغير حياته الا اذا غير اتجاهاته العقلية "" وليام جيمس" واذا وضعنا القاعدة ان عكس الهزيمة النصر فمن الغريب ان ترى افراد وجماعات يقبلون بالهزيمة ويبررونها ولانهم غير قادرين على اتخاذ القرار او استنهاض حالة الارادة فيهم تمكنهم من اتخاذ القرار لتغيير كبواتهم وسلوكياتهم ، فقد يدفع هؤلاء جميعا ثمنا باهظا لتقاعسهم وجبنهم
هكذا اصبح الصراع بين القيم والثوابت سواء وطنية او تاريخية وبين ظواهر ما يدعون من فرضيات المرحلة المتعلقة بالجانب المصلحي وتقديمها عن الاولى وهي تظهر حالة الانانية على حساب الغير بل اصحاب هذه الظاهرة يتحولون الى حيوانات مفترسة تفترس كل من يعيق طريقها ومصالحا .
عندما تتحدث عن وطن وكيفية معالجة الازمات امام عدو لا يتباطأ لحظة في استغلال ضعفنا ينظر الكثيرين لتلك الازمات من جانب المصلحة الشخصية ولا ينظر لها بمنظار الشمولية الوطنية ومؤثراتها على الواقع الوطني ، بالتأكيد ان تلك الحالة من النرجسيات الفظيعة لم تولد من فراغ بل من قوى ممنهجة عبر عقود تمتلك المحفزات لاثارة تلك الثقافة وانتشارها وخاصة ان ذلك مرتبط دائما بمنهجية سياسية وامنية مطلوب تمريررها ، فلا اجد الان الا القليل في دول العالم التي تدوس انسانية مواطنيها تحت الحاجة لرغيف الخبز ، ولم اجد الا القليل من تغتال قوى التسلط انسانية مواطنيها بعمقها الوطني .
عندما عجز النظام السياسي على توحيد الثقافة الفلسطينية وعندما اغتال الحُلم الفلسطيني كحق مشروع للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين ويحاسب المواطن على مناسكه الخاصة بالحُلم تتوالد حالة الارتجاف والخوف والتراجع ومن ثم الانتقال الى مرحلة اخطر وهي حالة التصفيق والتهليل لصنع انتصار زائف من فشل وهزيمة وتحويله لنصر خادع تكشفه مراءة او طفل او شاب فلسطيني يجمع ما يصلح له من غذاء او اكتساب بعض الشواكل ، هو هذا حقيقة النصر الزائف ، او كما ترى الضعفاء والفقراء يباتون ليلتهم على ابواب البنوك لبعض المئات القليلة من الشواكل تصرف لهم من الدول المانحة ولا تصرف الا بعد اذلال لهم في حين ان الحكومات التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها تقوم بصرف الاعانات الاجتماعية قبل ان تصرف روتب موظفيها او مناضلا يبكي تاريخه او عمره الذي مضى من اجل حُلم لم يتحقق الا في جيوب اللصوص.
اما عن الوطن فحدث ولا حرج هذا اذا اختصرنا الواقع السابق بجملة واحدة "" اننا شعب ترك بندقيته ليتحول كله الى شعب متسول ، هذه حقيقة وقبل المسؤول ان يكون متسولا قبل الفقير ولان المسؤول له طقوس خاصة بحياته لكي يقول للضعفاء انه مسؤول ويمن عليهم ببعض من مكرماته اما الفقير فقد تكفيه 3 حبات تمر او شيء من هذا او كما قيل الدقة والزعتر والتي اصبحت الان ليست بمتناول الفقراء ايضا او حبة بنادول او اسبرين او فص ثوم ليخادع مرضه واوجاعه.
عندما اسمع نخب اصاب بالقرف فمحنتنا في النخب فهي تحقد على بعضها وتتسول كل على حساب الاخر بدلا من ان تكون رافعة وتشكل مصدات وطنية لحالة الانهيار تجدها تصفق في كل عصر وزمان ومكان ..؟؟ السبب ...!! اهو ايضا رغيف الخبز .... ام عشق برجوازي ليطمح في تحصيل الاكثر على حساب بني فئته .
حقيقة مرة وان قلت كذا او كذا فانت انسان طوباوي لا تمتثل للواقعية وفرضياتها ومناسكها ... تلك الواقعية التي اغتالت حلمنا وثقافتنا وحياتنا الاجتماعية واغتالت رصيدنا الثقافي وتجربتنا النضالية ، وهذه حقيقة ايضا ان تجد نفسك تغرد خارج السرب وتكون انت من ابناء البطة السوداء وهم من ابناء البطة البيضاء ... وقد لا يرافقك الحظ ايضا ان تكون من ابناء البطة السوداء .
ان العالم يحترم الشعوب التي تعرف الى اين ذاهبة وتستطيع ان تفعل من مواقف ما يتخيل للبعض انها ليست قادرة على ذلك .
واخيرا : طموحي أن أموت من الإرهاق لا من الملل.“" توماس كارليل"