كافة الأطراف لا تُريد المواجهة

هل أصبحت غزّة على أعتاب تصعيد عسكري يسبق اتفاق التهدئة القادم؟

قصف
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

تتجه الأنظار نحو قطاع غزّة الذي يرقب ما سيحمله الوفد الأمني المصري في جعبته من ردود "إسرائيلية" على مطالب حركة حماس، بتنفيذ تفاهمات التهدئة التي لم يلتزم الاحتلال بتطبيق بنودها باستثناء المنحة القطرية، فهل سينجح الوفد في منع جولة تصعيد بات الجميع يرى أنّه لا مفر منها، أم يبقى التصعيد هو سيد الموقف؟.

الإفراج عن الجنود الأسرى مقابل رفع الحصار

بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني، أنّ كافة الأطراف معنية بنجاح الوفد المصري في مهمته؛ لأنّها لا تُريد المواجهة، مُعتقداً أنّ التحدي الأبرز هو مقاربة بيني غانتس زعيم حزب أزرق- أبيض وهي الربط بين الجنود الأسرى لدى كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، وبين رفع الحصار عن قطاع غزّو بشكلٍ كامل وتحسين مستوى الحياة.

وأضاف الدجني في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" أنّه من الممكن أنّ ينجح الوسيط في هذه المقاربة، لأنّ البيئة مواتية للتبادل، إضافةً إلى أنّ الضغط الشعبي والحاضنة الشعبية التي تُحيط بحركة حماس تدفعها للتمسك برفع كامل الحصار.

تصعيد يُحرك المياه الراكدة

وتابع: "العوامل السابقة قد تُسهم في منع التصعيد أو احتواء الموقف"، لافتًا إلى أنّ الوفد المصري حملَ بالأمس مطالب حركة حماس، وعلى أبعد تقريب اليوم أو غدًا سيأتي رد الاحتلال عليها.

وأردف الدجني: "في حال كان إيجابيًا ستتجه المنطقة نحو الهدوء، وإنّ كان سلبياً فإنّ المنطقة متجهة نحو تصعيد محسوب"، مُرجحاً أنّ يسبق الهدوء في القطاع تصعيد محدود؛ لتحريك المياه الراكدة وبعد ذلك يعود الهدوء مُجدّداً.

ومساء أمس الإثنين، غادر الوفد الأمني المصري قطاع غزّو عبر حاجز بيت حانون بعد زيارة استمرت ساعات، عقد خلالها اجتماعًا مطولًا مع قيادة حركة "حماس"، والذي جاء بعد اجتماعٍ مماثل في الضفة الغربية مع أعضاء من لجنة "فتح" المركزية، ومدير المخابرات العامة ماجد فرج، لبحث "الوضعين السياسي والأمني وملف المصالحة".

واستأنف شُبّان فلسطينيون فعاليات سلميّة، تمثلت بإطلاق "بالونات حارقة" صوب مستوطنات "غلاف غزّة"، بالإضافة إلى "الإرباك الليلي" على طول المناطق الشرقية لقطاع غزّة؛ تعبيراً عن رفض تشديد الاحتلال حصاره المفروض على القطاع منذ 14 عاماً، وتنصله من تنفيذ تفاهمات "كسر الحصار"، التي تمت قبل نحو عامين بوساطة مصرية وأممية.

وتقصف طائرات وآليات الاحتلال أهدافًا في مختلف مناطق قطاع غزّة، طالت مؤخرًا منشآت مدنية كالمدارس، ومنازل المواطنين، ومواقع للمقاومة؛ بذريعة الرد على إطلاق البالونات الحارقة.

وضمن سياسة العقاب الجماعي، قرر الاحتلال الأحد الماضي، إغلاق بحر غزّة ومنع الصيد فيه حتى إشعارٍ آخر، بعد أنّ اتّخذ قرارًا سابقًا بإغلاق "كرم أبو سالم"، المعبر التجاري الوحيد للقطاع، وعدم السماح بإدخال مواد البناء والوقود.

مطالب إنسانية إغاثية وليس سياسية

من جهتها، قالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزّة، عبير ثابت، إنّ الطرفين سواء فصائل المقاومة أو الاحتلال لا خيار أمامهم سوى الهدوء، لافتةً إلى أنّ "إسرائيل" غير معنية بالتصعيد؛ خاصة مع بدء مسار التطبيع.

وأضافت ثابت في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّ الدول المطبعة غير مستعدة لعرقلة هذا الاتفاق وتكون في حالة حرجة مع شعوبها، خاصةً أنّ إسرائيل اليوم معنية بفتح قنوات أكبر مع الشعوب العربية، وغير معنية بالتصعيد في غزّة".

وأشارت إلى أنّ كافة تقارير المؤسسة الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" خلال العشر سنوات الأخيرة أثبتت نجاح سياسية العصا والجزرة مع قطاع غزّة.

وتابعت: "العقلاء في فصائل المقاومة يُدركوا أنّ أيّ مواجهة ستؤدي إلى تضحيات مجانية في ظل وضع قطاع غزّة الذي أنهكه الحصار وما خلفه من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وفي ظل تراجع الدعم العربي للقضية الفلسطينية والانحياز الدولي لدولة الاحتلال".

وبيّنت أنّ الوسيط المصري سيحاول تقريب وجهات النظر للتهدئة كما المرات السابقة، في حين أنّ بعض المفاجئات قد تدفع نحو جولة تصعيد جديدة.

ورأت أنّ "إسرائيل" استطاعت تحييد قطاع غزّة عن الصراع بجعله يستبدل المطالب السياسية بإنسانية وإغاثية وتموينية، مُردفةً "لكنّها تُحاول تحسين صورتها أمام العالم، وأنّ لا تظهر بصورة المحاصر".

وختمت ثابت حديثها، بالقول: "إنّ ما يجري سياسية عض الأصابع بين فصائل المقاومة والاحتلال، ومن يستطيع أنّ يصبر خلال الأيام المقبلة للتوصل إلى تهدئة".