صعب، ويكاد يكون متعذرا، كتابة عبارة «روتين العمليات». ولكن هذه هي الحقيقة بعينها، حتى لو كانت تغلي دماء الكثيرين منا. ويضاف إلى هذا الروتين الرهيب في الزمن الأخير أيضا روتين ردود الفعل من جانب قادة الدولة.
وهو يبدو ويسمع إلى هذا الحد أو ذاك على النحو التالي: في المرحلة الاولى، حين يكون الجميع يعرفون القليل جدا، يعرب رئيس الوزراء عن «الصدمة» و»يرى بعين الخطورة» ما جرى.
في المرحلة الثانية يعلنون نيابة عنه عن «بحث عاجل في المكتب».
في المرحلة الثالثة، يعلنون عن انعقاد الكابنت السياسي – الامني، وفي المرحلة الرابعة، والاخيرة حتى الان، يعلنون عن «وسائل أمنية متشددة».
وبين هذا وذاك، يعززون القوات – مئات والاف الجنود او مئات والاف من افراد الشرطة حين يدور الحديث عن لواء القدس. وبعد البحث في الكابنت، ولمنح مفعول للتحذيرات، يبعثون بـ «جولاني» و»جفعاتي» و»كفير» وغيرهم الى القرى العربية في «يهودا» و»السامرة»، يختطفون بعض المطلوبين الذين كانوا من قبل وسيكونون من بعد في القائمة الدائمة ويعلنون عن اعتقالهم.
احياناً، وأساسا بفضل الاستخبارات النوعية، ينجحون في القبض على المنفذين، مثلما في الحالة الحزينة لعائلة هينكن. في هذه الاثناء، تمر بضعة ايام. الاجواء تهدأ. نفتالي بينيت يسكت، هدوء من أعالي الون موريه وحتى ضواحي ادورا، والكل ينتظر العملية التالية.
والعملية تأتي. بالضبط مثلما شهدنا حتى الان الاف العمليات، هكذا ستكون ايضا العمليات التالية. هذه هي الحرب ذاتها منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى اليوم، وهي لا تفعل سوى أن تغير أسماءها.
والحقيقة هي أنه منذ بداية عودة صهيون الى بلاد اسرائيل تبين لنا أننا لم نأت الى بلاد فارغة، فالفلسطينيون وسابقوهم بأسماء اخرى سبق ان كانوا هنا عندما دقت اوائل المستوطنات أوتادها في هذه البلاد الجرداء والمستنقعية معا. ومنذئذ تدور رحى معركة دموية على البلاد.
اليوم، 2015، الوضع هو أن جزءا مهماً من الشعب الاسرائيلي يفهم بانه ينبغي اقتسام قطعة الارض الصغيرة هذه مع الفلسطينيين، وهكذا، ربما، والتشديد هو على ربما، الوصول الى سلام معهم. هكذا يريد ايضا قسم مهم من الشعب الفلسطيني.
ولكن في اسرائيل ولدى الفلسطينيين على حد سواء هناك كثيرون يؤمنون بأن الطريق الصحيح هو التصفية التامة للخصم. هاتان الجماعتان هما اللتان ترشقان الان الحجارة الواحدة على الاخرى، تطلقان النار وتقتلان. في هذا الشأن، بالمناسبة، لا يوجد تعادل: الفلسطينيون اكثر «إجراما» بكثير منا.
المشكلة هي أنه ليس هناك حل لمشكلة «الارهاب»، وبالتأكيد «ارهاب» الافراد، الا بالطريق السياسي. لرجال الجيش، بالمناسبة، يوجد دوما ايضا حل عسكري.
وبالفعل سبق أن جربت لدينا كل الامكانيات: تفجير منازل «المخربين» (حتى لو كانت مجرد «جحور»)، الضرب، ازالة الاعلام، إغلاق المحلات، الطوق الاقتصادي، منع التجول من كل الانواع، الاعتقالات، السجن والاعتقالات الادارية لعشرات الالاف، الابعاد الى مدينة أخرى أو بلاد اخرى، إطلاق الرصاص المطاطي، «قاذفات الحصى» (أتذكرون؟)، اطلاق النار الحية. وكل شيء من كل شيء.
كل شيء سبق أن جربناه، وابو مازن وصائب عريقات وجبريل الرجوب يعرفون بان سلة عقوباتنا كادت تفرغ، واستخدام بضعة انواع من الاسهم الاخرى سيثير علينا كل العالم. الحقيقة وكل الحقيقة هي ان الفلسطينيين يوقفون «الارهاب» متى يريدون، ويستأنفونه عندما يبدو لهم انه طفح الكيل (من ناحيتهم) – وهلمجرا. تهديدات إسرائيل كاتس تمر من فوق رؤوسهم. هذا لا يعني- لا سمح الله- انه ينبغي الخضوع لـ «الارهاب» – العكس هو الصحيح، ولكن الاحساس والحقائق التاريخية تشير، لشدة الاسف، الى أن «روتين العمليات» لا يوشك على أن يختفي من حياتنا.
التوقع، إذاً، للشتاء القريب: «الارهاب» في أشكاله المختلفة سيستمر. يحتمل حدوث عاصفة برق ورعد، ولكن قادة الدولة لن يجدوا الطريق للحل.
عن «يديعوت»