في الاسابيع الاخيرة نقلت اسرائيل وحماس رسائل مضمونها: عودةجولات القتال على الابواب. حماس تدلل على ذلك لقطر ومصر من خلالاشعال النار في حقول غلاف غزة واطلاق الصواريخ على المستوطنات فيالمنطقة الجنوبية. وردا على ذلك تقوم اسرائيل بمهاجمة أهداف لحماس فيالقطاع من اجل اظهار أنها لن تتجاوز هذا الامر بصمت. في اجهزة الامنيدركون أن الدول الوسيطة يمكنها منع التصعيد، لكنهم يقدرون بأنهم لنيحصلوا على مساعدة كبيرة من المستوى السياسي لأن الكورونا والازمةالاقتصادية تشغلهم اكثر في هذه الاثناء. لذلك، الجيش الاسرائيلي هوالجهة الاساسية التي تعالج هذا الامر.
في هذا الاسبوع وصلت الى غزة بعثة من كبار رجال المخابراتالمصرية، وتحدثوا مع قيادة حماس، بعد التحدث مع جهات في اسرائيل. فينهاية اللقاء لم توضح البعثة اذا تم التوصل الى تفاهمات بين الطرفين أوالتوصل الى تعهد بالعودة الى التسوية التي سادت في الاشهر الاخيرة. عنهذا قالت مصادر كبيرة في جهاز الامن بأنهم ما زالوا يعتقدون أنه لواعطيت لهم الادوات المناسبة فستعاد التهدئة في غلاف غزة دون الانجرار الىحرب.
عملية التسوية بين اسرائيل وغزة، حسب مصدر امني مطلع علىجهود الوساطة، استمرت لاكثر من سنة بقيادة رئيس هيئة الامن القومي،مئير بن شبات، مع قيادة المنطقة الجنوبية ومنسق اعمال الحكومة فيالمناطق وهيئة الاركان ومكتب رئيس الحكومة. وحسب اقوال هذا المصدر فانهرغم أن المستوى السياسي لا يكرس وقت كبير للتوتر امام غزة، فان جميعالاطراف معنية باسماع صوتها من اجل أن يكون لها فضل اذا ما تمالتوصل الى تهدئة.
“المحادثات تناولت مواضيع مدنية والمساعدة الانسانية والبنى التحتية“،اضاف المصدر. “اذا كان بن شبات ذات يوم يقرر كل شيء واتخذ قراراتمع المستوى الامني ورئيس الحكومة، فاليوم الجميع يريدون أن يعرفوا وأنيطرحوا مواقفهم. رئيس الاركان وقائد المنطقة الجنوبية قاما بتعيين العميداحتياط آشر بن لولو كممثل من طرفين؛ اشكنازي يريد أن يتحدث مع قطرومصر بعد أن لم تكن وزارة الخارجية في الصورة، غانتس اعلن بأنه سيعينشخص من قبله وسيكون منسق اعمال الحكومة تابع له؛ منسق اعمالالحكومة يحاول الحفاظ على مكانة الوحدة – كل واحد يحاول ترسيخ قوته،وهذا يخلق عدد غير قليل من المشاكل التي يمكن أن تؤدي بحماس الىالاستنتاج بأنه ليس لديها عنوان واحد واضح. الاحداث الاخيرة تظهر أنحماس غير معنية بصراعات القوى في اسرائيل وتطالب باستمرار التسوية“.
العلاقة بين غزة واسرائيل، يقولون في جهاز الامن، استمرت بصورةمتواصلة طوال السنة. مصدر كبير في الجهاز قال للصحيفة بأنه طبقا لطلبرئيس الحكومة ورئيس هيئة الامن القومي فانه ليس هناك محادثات أو لقاءاتمباشرة بين اسرائيل وحماس. ولكن خلال السنين وجدت قنوات اتصال غيرمباشرة من خلال وسطاء – بدء بمحادثات هاتفية وحتى سفر ممثلين منحماس ومن اسرائيل الى اماكن محايدة، على الاغلب مقر المخابرات المصريةفي القاهرة. الامر يتم كالتالي: “الممثلون الاسرائيليون يجلسون في غرفةوفي غرفة اخرى يجلس ممثلو حماس. والوسطاء يتنقلون بين الغرفتينويمنعون حدوث لقاء مباشر“.
مؤخرا نشر أن قائد المنطقة الجنوبية، هرتسي هليفي، خرج الى لقاءفي موضوع جرى في قطر، والى جانبه يخرج حسب الحاجة رجال أمنآخرين – من الجيش، الشباك، الموساد وهيئة الامن القومي – الى لقاءاتمشابهة. وحسب اقوال هذا المصدر: “من يدير كل هذا الحدث، على الاغلبمن اسرائيل، هو بن شبات. هو يصادق على ممثلي البعثة وعلى مكانالمحادثات وعلى هامش المناورة في المفاوضات. في حالات كثيرة، عندما تبدأفي التبلور تفاهمات لتسوية أو لوقف اطلاق النار، يخرجون من الغرفةويتصلون مع بن شبات. احيانا يحضر بنفسه“.
مصدر امني كبير أكد على أنه يجري تعاون كبير بين كل الجهاتالامنية المشاركة في عملية التسوية. وحسب قوله فان الجهات تعمل بتزامنكامل طبقا لتوجيهات المستوى السياسي بهدف الدفع قدما بالعملية وضماناستقرار امني وهدوء لمواطني اسرائيل.
بموافقة مصر حصلت اسرائيل على الحق في منع وصول ممثلين تريدحماس ارسالهم للقاءات. ايضا هنا بن شبات يحصل على قائمة المشاركين. “في حماس لا يحبون هذا، لكنهم يعرفون أن هذا شرط لن تتنازل عنهاسرائيل“، قال المصدر واضاف “كانت هناك حالات فيها حضر يحيىالسنوار هذه اللقاءات. ولكن لا استطيع القول اذا كان قد حضر الى مقرالمخابرات أو أنه جلس مع رجاله في فندق مجاور. مع ذلك، المصريون يعرفونكيف يضعون الحدود للطرفين عندما تصبح الطلبات تتعلق بصغائر الامور“.
في الاشهر الاخيرة تتزايد التقارير عن التدخل المتزايد لقطر فيلقاءات الوساطة، لكن المصدر الكبير يقول إنهم “لاعب ثانوي، نوع من الامنالاقتصادي للتفاهمات التي يتم التوصل اليها“. وحسب اقوال المصدر “قطرتوجد هناك بالاساس بسبب رغبتها في التقرب من مصر، حيث أن غزة لاتعنيهم، وهم ايضا ليسوا جزء من المحادثات والنقاشات. وأنا لا يمكننيالقول بأنهم يحضرون أصلا الى مصر. هم على الاغلب يعطون مصادقة علىالمساعدة الاقتصادية عن بعد“.
ما زال يوجد مفاجآت
في احياء ذكرى دافيد بن غوريون في تشرين الثاني 2018 تطرقرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى جولة القتال التي انتهت قبل يوم من ذلك. “في أمن اسرائيل، الخفي يفوق المكشوف. اعداؤنا توسلوا من اجل وقفاطلاق النار وهم يعرفون لماذا“، قال نتنياهو في حينه وحاول أن يعرضحماس كمستسلمة. الآن، رغم ذلك، المصدر الامني الكبير يقول إنه “خلافا لمايحاولون تصويره في اسرائيل، فان حماس لا تجلس في القاهرة وتتوسل مناجل وقف اطلاق النار. هم يعرفون أنهم سيدفعون ثمنا باهظا وأن كل يومقتال يكلفهم الكثير، لكنهم يعرفون أيضا بأن هذا يضر بنا. وفي النهاية هذاينتهي بمحادثات معهم“.
بشكل عام، اضاف المصدر “هناك ميل في اسرائيل، بعد القتال، الىرسم صورة انتصار. من يعرف الامور يعرف أن هذا لا يجري مع منتصرينومهزومين. هذه ليست حرب بين دولتين. في النهاية يجلس طرفان غيرمتساويان في القوة، وكل واحد يريد العودة الى روتين الحياة الطبيعي“.
ولكن رغم كثرة المحادثات والوسطاء، المصدر الامني قال إنه يوجد عددغير قليل من المفاجآت التي تدل على أن الطرفين لا يعرفان بعضهما مثلمااعتقدا. وحسب قوله فان الحالة الاكثر بروزا هي عملية “الحزام الاسود” فيتشرين الثاني الماضي، عندما حاربت اسرائيل ضد الجهاد الاسلامي بعدقتل بهاء أبو العطا. “الحزام الاسود، كانت مدرسة لعدد كبير جدا منالاشخاص“، قال المصدر واضاف “لم يعرف أحد حقا أن حماس لم تدخلالى القتال، ومن يقول غير ذلك فهو يكذب. في أحد النقاشات الامنية قبلالعملية كان هناك ضابط صغير قال إنه يمكن توجيه الرد بحيث لا تدخلحماس الى القتال وتبقي للجهاد تلقي الضربات. ضباط ورجال امن كبارسخروا منه“.
في نهاية المطاف، سلاح الجو هاجم اهداف للجهاد في غزة ليوميندون أن تدخل حماس الى القتال. “ايضا رئيس الاركان لم يعتقد أن حماسستجلس على الجدار“، اضاف المصدر. “في نهاية العملية الجميع نشرتحقيقات تقول إن هذا كان مخطط، لكن كل من كان يعرف كنه الامور كانيعرف أنه لا كوخافي أو أي شخص آخر اعتقد أن هذا ما سيحدث“.
بعد قتل أبناء عائلة سواركة التسعة في دير البلح في العملية، قال“حماس نقلت رسالة الى اسرائيل بأن الحادثة اوصلتها الى نهاية حدودضبط النفس، وأن حادثة اخرى ستدخلها الى دائرة القتال. ولكن في “الحزامالاسود” جرى حوار مع حماس عبر جهات وساطة بالهاتف والفيديو. وحتىدون أن تخرج بعثات“.
مصدر أمني آخر قال إن “محادثات الوساطة التي في الواقع تناولتمسائل مدنية، قادت في السنتين الاخيرتين أيضا الى منع وقوع احداث امنيةكان من شأنها خلق تصعيد. “في الماضي عندما كانت سيارة اسعاف تقتربمن الجدار كانت تجعل نصف القطاع يهب ويكون في حالة تأهب. واكثر منمرة اطلقوا النار في الهواء أو على سيارة الاسعاف“، قال واضاف “اليوم،بواسطة قنوات الوساطة، يعرفون بسرعة الابلاغ عن سيارة الاسعاف، ونحننعرف ما هو هدفها“.
واضاف بأنه “تم منع حالات اكثر خطورة: احيانا يعرفون في جهازالامن عن خلية أو مخرب يريد الوصول الى الجدار، أو يشخصون تنظيميريد اطلاق النار أو ينوي القيام بنشاط لو خرج الى حيز التنفيذ سيؤديالى تصعيد امني. اليوم اسرائيل اصبحت تعرف كيف يمكنها ابلاغ غزة بأننانعرف أن هذا يحدث وعليهم أن يحاولوا منعه قبل أن يرد الجيشالاسرائيلي“.