الصوت المنفعل والاحتفالي لمذيعة راديو “صوت فلسطين” خلقتالانطباع بأن الامر يتعلق بحدث مهم جدا: المهرجان الوطني الرابع لوقف الضم، والذي عقد في قرية ترمس عيا في شمال شرق رام الله. وسيتحدث في المهرجان ايضا ممثل حماس، كما وعدت، وخطابه مثل خطابات المتحدثين الآخرين، سيتم بثه بالبث المباشر. هذا في قناة راديو لا تجري مقابلات مع اعضاء حماس أو أي شخص آخر يختلف مع محمود عباس
عندما يتعرض الشعب الفلسطيني للخيانة يجب اظهار الوحدة الوطنية. هذه كانت رسالة المهرجان الذي عقد في يوم الاربعاء الماضي وركز على مقاومة “التطبيع المجاني“، كما سمي الاتفاق بين اتحاد الامارات واسرائيل. فتح ارسلت الى المهرجان كبار قادتها: رئيس الحكومة محمد اشتية الذي قام بالقاء خطاب. وزملاءه صبري صيدم وروحي فتوح وجبريل الرجوب الذين جلسوا على كراسي البلاستيك التي كانت تحيط بالمنصة الى جانب الممثلين الدائمين في التنظيمات الاخرى (عدد منها تنظيم صغير ليس له وزن)،الجميع اصغوا بصبر لما يقال.
من الذي لم يحضر هذا المهرجان؟ اعضاء “تيار الاصلاح الديمقراطي” في فتح. أي من يؤيدون محمد دحلان، والذين هم ورئيسهم تم طردهم من الحركة، لكنهم ينفون حق محمود عباس في طردهم. اسم دحلان لم يتم ذكره ولكنه حلق عاليا. الشائعات والتقديرات التي تملأ الخطابالفلسطيني هي أن دحلان، مستشار محمد بن زايد، ولي عهد اتحادالامارات، هو عراب الاتفاق مع اسرائيل، الذي هو حبيب الاسرائيليين والامريكيين، وأنهم ينوون تحويله الى الزعيم الفلسطيني القادم.
“كيف سيفعلون ذلك؟ هل سينزلونه بالمظلة من الطائرة؟“، استهزأسمير مشهراوي، من مواليد مخيم للاجئين في قطاع غزة، وسجين سابق في اسرائيل ومن اعضاء “تيار الاصلاح الديمقراطي“. في مقابلة مع قناةالتلفزيون المصرية “الغد” التي تم بثها في الاسبوع الماضي، توسل لسامعيه قائلا: “لا تستخفوا بوعي الناس. اسرائيل هي التي تتحدث طوال الوقت عن عودة دحلان وعن أنه لا يوجد مكان لأبو مازن. وكل شخص يفهم في السياسة يعرف ما الذي تريده اسرائيل. هي تريد تخويف السلطةالفلسطينية وأن تطلب منها المزيد من التنازلات“.
افتتاح المهرجان تأخر قليلا. والمذيعة شرحت بصوت عال بأن الاحتلالقد قام بوضع الحواجز لمنع الجمهور من المجيء. على مدخل ترمس عيا تموضع جنود وشرطة من حرس الحدود مسلحين، وسيارات مدرعة كثيرة. واذاكانوا منعوا الدخول قبل ذلك، هم لم يفعلوا ذلك في الساعة الرابعة تقريبا. الشارع الذي يؤدي الى مكان المهرجان في وسط الشارع الرئيسي في القرية، كان يغص بالسيارات والحافلات. كراسي البلاستيك الرمادية الكثيرةالتي وضعت على طول الشارع وعرضه تحت اشجار الكينيا العالية وسلسلةالمحلات المغلقة، دلت على الطموحات والتوقعات.
خيبة أمل. نصف الكراسي بقيت شاغرة. ومشكوك فيه اذا كان قدوصل الى المهرجان أكثر من 500 شخص، جميعهم من الفتيان والشبيبة،بما في ذلك الشخصيات الرفيعة. هذا لم يكن استعراض للقوة، بل استعراض حزين للتعب والضعف ومحاولة فاشلة لاخفاء ذلك. مشهراوي اطال التحدث عن هذا الضعف. “ألم نكن ضعفاء قبل الاتفاق؟“، سأل في مقابلة تلفزيونيةاستمرت ساعة تقريبا واجاب: “توجد لدينا سلطة فرد، لا توجد مؤسسات أوديمقراطية أو شفافية. متى جرت انتخابات؟ توجد قيادات فلسطينية في فتح لا تقف امام الشعب وتتحدث عن وضعنا السيء جدا“.
مشهراوي ناقش رد السلطة الفلسطينية على الاتفاق، لا سيما مع جبريل الرجوب. ومثل أي فلسطيني قال: “تيار دحلان في فتح يعارض تطبيع أي دولة عربية مع اسرائيل قبل اقامة الدولة الفلسطينية. المشكلة هي في الصورة التي يطرح فيها الموقف. يمكننا أن نتناقش “كما علمنا ياسرعرفات“. ولكن التشهير واحراق علم دولة عربية وتشويه سمعة قيادة دولةعربية والاتهام بالخيانة، هذه امور غير حضارية ولا تناسب الفلسطينيين. هذاهروب من الفشل. هل الحل هو أن نخسر دولة عربية اخرى؟ هذا بالضبط مايريده الاسرائيليون. العالم العربي قاطع مصر بعد قمة كامب ديفيد. وأول من خرج من لبنان وزار القاهرة كان ياسر عرفات. فقد فهم أنه يحظر على الفلسطينيين خسارة مصر. ولو أن عرفات كان حيا الآن لكان أخذ طائرةوسافر الى اتحاد الامارات ليقول لهم إنه غير موافق.
“أنا آمل أن هذا ما سيقوم به أبو مازن. توجد لنا جالية تشمل 300 ألففلسطيني في الامارات. ويجب التفكير بمصالحهم. هل يوجد تطبيع حلووتطبيع مالح؟“، سأل وأشار الى التسامح تجاه العلاقات التي تقيمها قطر وتركيا مع اسرائيل. يجب علينا التوقف عن اتهام بعضنا بالخيانة،أوصى. “الحل يجب أن يبدأ بنا نحن، بنقد ذاتي“، اضاف واعطى امثلة“فتح لم تعترف بفوز حماس في الانتخابات ولم تسمح لها بأن تحكم. الرجوب يقول إنه لا يوجد لاجهزة الامن أي علاقة بالسياسة. ومن المعروف أن الاجهزةوفتح لها علاقة. حماس تراوح بين المقاومة المسلحة والحكم – وهناك للسلطةمطالب“.
مشهراوي الذي لم يقدم نقد ذاتي لتياره اضاف: عندما يكون التنسيق الامني لدينا مقدس، وعندما نكون منقسمين فيما بيننا، كيف نتوقع أن يكون هناك موقف عربي موحد؟.