الصديق المحامي زياد ابو زياد، يستحث الكتاب واصحاب الرأي لاغناء الحوار، والكتابة حول ألية العملية الديمقراطية واثرها على إعادة بناء وتصحيح الواقع الفلسطيني عموما، وفي مناطق السلطة الفلسطينية خصوصا .
نعم ؛ نحن امام مفصل تاريخي هام ؛ ربما يتوقف علية مستقبل بقاء الشعب الفلسطيني او ضياع الحقوق الى أمد بعيد ؛ شعب له حقوقه السياسية والاجتماعية وهويته الوطنية ،او مجرد سكان يجري التلاعب بهم كارقام ومجموعات سكانية لا هوية سياسية لها.... وهذه جريمة من اكبر جرائم العصر لو حدثت ، وهنا اناقش عنوانين :
اولا: أشير الى توصيف الحال السياسي الفلسطيني في الداخل والشتات نحن نتحدث عن حوالي اثني عشر مليون انسان فلسطيني يتوزعون بين فلسطين وماوراء الخط الاخضر ، ولسطيني الضفه الغربية بما فيهم المقدسين وقطاع غزة وفلسطيني الشتات وفي عدد من الدول العربية المجاورة ؛والسؤال ماهو الجامع السياسي لهذه المجموعات الفلسطينية مابين الداخل والخارج ؟
منظمة التحرير الفلسطينية هي الجسم السياسي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والجامع لكل الفلسطينين ولا يوجد طرف سياسي يرفض هذا التمثيل رغم أن هناك ملاحظات من اكثر الاتجاهات حول البيئة السياسية والتنظمية والادارية للمنظمة.
منظمة التحرير وبعد اكثر من خمسين عاما من عمرها لم تعد تلبي الاحتياجات السياسية للشعب الفلسطيني، وتآكلت هياكلها وضعف تأثيرها، وتحديدا بعد اتفاق اوسلو وقيام السلطة الفلسطينية، ومازلنا نتذكر التوصيفات التي سيقت على المنظمة مابعد مرحلة اوسلو من أن المنظمة مثلت مرحلة الثورة (ونحن)الان في مرحلة بناء الدولة ؟ لقد اثبتت تجربة 25 عاما من اوسلو خطأ وبهتان هذه المقولة، وكل مافعلته تلك المفاهيم انها أضاعت المنظمة ولم تبن الدولةَ!
• دون استعراض تفصيلي لواقع م .ت.ف فنحن الان بأمس الحاجة الى اعادة بناء وتطوير المنظمة واعادة انتخاب هيئاتها (المجلس الوطني،والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية ) واعادة تفعيل وبناء مؤسسة الصندوق القومي الفلسطيني واعادة كتابة وتطوير الميثاق الوطني الفلسطيني بعد هذا الالتباس الدائم الذي يلاحق الميثاق ، لقد جرى بحث لاحد مكونات المنظمة وأهمها هو المجلس الوطني الفلسطيني من حيث أعادة البناء (بالانتخاب او بالتوافق ) وبالعدد وبالعلاقة مع هيئات السلطة باعتباره الهيئة القيادية الاعلى... ولكن هذه المحاولات توقفت (كماتوقف غيرها )، وبهذا لم يعد للمنظمة في ظل حالة الشلل السادة الدور القيادي المفترض .
• اني ارى أن مراجعة كل المقترحات لاعادة البناء والتطوير لابد ان توضع على بساط البحث بين الفلسطينين (قوى ،وفعاليات ،وشخصيات مستقلة ) وتقرر كيف سوف تعاد آليات عمل بناء المنظمة وهيئاتها وصلاحيات كل هيئة والموقف من ميثاق جديد وفق مقولة (يولد الجديد من القديم ) وتتم مراجعة تجربة اكثر من نصف قرن من الزمان، كما يتم تحديد اليات الانتخاب بالتمثيل النسبي الكامل او التوافق للمجلس.
ثانيا: مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتتحدد أليات عملها وفق القانون الاساسي الفلسطيني في العام 2003 وتعديلاته في العام 2005 وتتحد بها صلاحيات ومدة انتخاب كل من رئيس السلطة والمجلس التشريعي الفلسطيني (اربع سنوات لكل دوره ).
واقع الحال يشير الى أن تعديلات 13 اب 2005 والتي تحددت بها انتخابات رئيس السلطة ومدنها وصلاحيات الرئيس انها تمت لمرة واحده في العام2005 ومازالت مستمرة حتى الان ؛علما بإن الماده 36 من القانون الاساسي تحدد مدة دورة الرئيس باربع سنوات يمكن إن تتكرر لمره واحده بذات المدة بالانتخاب .
• المجلس التشريعي الفلسطيني جرى حله بقرار من المحكمة الدستورية ؛ علما بأن القرار الصادر عن الدستورية يتعارض مع القانون الاساسي (الدستور) فالماده47 من القانون الاساسي تقول" تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند اداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب الدستوري" . في واقع الحال الفلسطيني والانقسام المؤسف ؛ كان يمكن للمجلس التشريعي ان يكون عامل توحد بدلا من تكريس الانقسام .
نحن الان أمام معضلة دستورية مركبة ، ولا يمكن حلها الا بالتراجع عنها ؛وهذا لن يتم الا باجراء انتخابات شاملة للرئاسة والمجلس تشريعي وفق قانون الانتخاب وتعديلاته .. وبالالتزام الكامل بمواد القانون الاساسي المنظمة للعملية الديمقراطية.
في أطار الحالة الفلسطينية العامة ،التوزيع الجغرافي وخصوصيات العمل السياسي، فقد عرضت افكار، بل اتخدت قرارات هامه من اجل تجسير العلاقة بين صلاحيات المنظمة وعبر هيئاتها وبشكل خاص المجلس الوطني و اللجنة التنفيذية ؛ علاقة تقوم على قرار سابق للمجلس الوطني الواحد والعشرين في غزة (نيسان1996) باعتبار اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني هم أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني. واذا ما اخذنا بالاعتبار العمل في اوراق اللجنة المكلفة باعادة صياغة عدد اعضاء المجلس الوطني والية تشكيله قبل سنوات ؛ فإن اعضاء المجلس التشريعي داخل مناطق السلطة يساوون نصف العدد المفترض للمجلس الوطني ؛ وهم منتخبون وفق السجل الانتخابي الفلسطيني ،أضافة الى سكان القدس. أما النصف الاخر فقد جرى النظر بمرونة لبحث امكانيات الانتخاب حيثما كان ممكنا او التوافق حول ممثلين واقعيين في اماكن لا يمكن أن تقوم بها عملية انتخابية للاسباب عملية او سياسية .
اذا تم الاخذ بهذا المخرج فأن وحدة التمثيل تبقى قائمة مابين الوطني والتشريعي مع الفرق بين مهمات عامة وطنية فلسطينة تضمن تمثيل الفلسطينيين في الخارج والشتات ، ومهمات تشريعية لها علاقة بالواقع الفلسطيني المعاش داخل الارض المحتلة ؛وبالطبع فأن انتخابات التشريعي يحب ان تتوافق مع انتخابات الرئيس (التنفيذي) لمناطق السلطة ،وهنا يمكن ان يجتهد القانونيون بضرورة الجمع بين رئاسة السلطة ورئاسة اللجنة التنفيذية (كما هو قائم الان)، ويمكن أن يعاد النظر بانتخاب رئيس السلطة حسب النظام المباشر (الجمهوري )او النيابي (من قبل اعضاء التشريعي فقط )؟
الحالة الفلسطينية الان تعج بالافكار حول طرق الخروج من الحالة السياسية والبنيوية في الوضع الفلسطيني ،مثل الافكار الصادرة عن حزب الشعب الفلسطيني ، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين .. ومن الضروري والمفيد أن يجري التعامل بشكل ديمقراطي مع هذه الافكار بحيث تعرض للرأي العام الفلسطيني حتى يقول كلمته في كل ما يتم عرضه ؛ فالشغب الفلسطيني هو اولا واخيرا صاحب المصلحة وهو الاداة الفعاله للخروج من مأزق الحالة الفلسطينية الراهنة .