فلسطيني أصم ومعاق عقليا اطلقت عليه النار ونام وحيدا في المستشفى مدة اسبوع

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي واليكس ليبك

ابتسامة خفيفة ظهرت على شفاهه عندما شاهد الزائرين الغرباء الذين دخلوا غرفته. سرعان ما تحولت الابتسامة الى ضحك منفلت العقال تقريبا، ربما كتعبير عن السعادة والراحة. خلال اسبوع استلقى عبد الناصر حلاوة، الأصم والأبكم من الولادة ولديه اعاقة عقلية، في الغرفة رقم 7142 في قسم العظام في مستشفى شعاري تصيدق في القدس، بدون السماح لأحد من أبناء عائلته بزيارته. وقد وصل الى هناك بعد أن قام أحد الجنود باطلاق النار عليه على حاجز قلندية صباح يوم الاثنين الماضي. عبد الناصر (55 سنة) من نابلس، مشى سيرا على الاقدام في المسار المخصص فقط للسيارات، ولم يسمع نداءات الجنود عليه. هم يطلقون النار حتى على من لا يسمعون، ايضا على شخص معاق عقليا. وفي الشرطة قالوا للصحيفة بأنه بعد الحادثة “قام رجال الحماية بمناداته عدة مرات طالبين منه التوقف. ولكن عند عدم حدوث ذلك نفذ اجراء اعتقال مشبوه الذي في اطاره اطلقت النار التي اصيب منها في الجزء الاسفل من جسده”.

​خلال ثلاثة ايام كان ابناء عائلة عبد الناصر خائفين على حياته. هم لم يعرفوا ماذا حدث له بعد أن اختفى من بيته. في نهاية المطاف وجد شقيقه أنور فيلم قصير في الانترنت وثق ما حدث في حاجز قلندية. أنور قال إنه عند مشاهدة الفيلم استراح جدا. الآن اصبح يعرف على الاقل بأن شقيقه على قيد الحياة. “هدأت”، تذكر. “هو موجود في مستشفى، الحمد لله”.

​انور شخص شقيقه الذي كان ملقى ومصاب على الشارع حسب ملابسه التي لبسها في الفيلم. كان هذا في الساعة الثانية عشرة ونصف بعد منتصف الليل في يوم الاربعاء، عندما بزغ الفجر بدأ جهوده للوصول الى عبد الناصر. مرت اربعة ايام متعبة الى أن نجح في الحصول على تصريح لزيارته. في يوم الاثنين الماضي، كانا في غرفة المستشفى والمشهد كان مؤثرا. ولكن ما الذي جعل عبد الناصر يذهب الى حاجز قلندية لوحده؟ وكيف وصل الى هناك في الاصل؟ حسب قول أنور، ربما الاجابة تكمن في النزهة التي قام بها مع شقيقه الى البحر الميت قبل اسبوع من اصابته. عبد الناصر استمتع جدا بالغطس في البحر، قال شقيقه. هو يعتقد أنه ربما حاول العودة وحده الى ذاك المكان عبر حاجز قلندية.

​الضحك تحول الى حزن

​“يجب عدم الدوس على القدم اليمنى”، كتب على سرير عبد الناصر في المستشفى. القدم اليمنى موضوعة في جبيرة من الحديد ومثبتة ببراغي. هذه هي القدم التي اطلقت عليها النار. بين الحين والآخر تظهر تعابير ألم على وجهه، وعلى الخزانة الصغيرة الموجودة قربه توجد رجاجات ماء وكعكة احضرها شخص مجهول.

​عندما زرناه في صباح يوم الاثنين، بعد مرور اسبوع على علاجه كان ما يزال مقطوع تماما عن عائلته. عبر الهاتف لا يمكن التحدث معه، ولم يعرف أحد من ابناء عائلته الحصول على تصريح. ايضا وجها لوجه الاتصال مع عبد الناصر محدود جدا ويتلخص بالاساس بحركات الايدي البسيطة. الدكتور محمود محاميد، مدير قسم الكبد والبنكرياس في المستشفى، تطوع للمساعدة في التواصل معه، لكن النتائج كانت ضئيلة. هو مسرور، له ثلاثة اولاد، اكثر من ذلك لم يكن بالامكان أن نستخرج منه. باستثناء تلويحات اليدين المؤثرة. هكذا نام هناك مدة اسبوع، على السرير الاوسط في الغرفة وحده مع ألمه.

​عند الخروج من غرفته لوح لنا مودعا. بعد دقائق عندما عدنا الى الغرفة اختفت فجأة الابتسامة العريضة وحل محلها حزن كبير. لم نعرف أي شيء عن هذا الرجل الذي جلس بدون حركة في قسم العظام.

​في الساعات التالية حاولنا العثور على شقيقه الذي يعيش في نابلس من خلال جمعية “يوجد حكم”. هؤلاء هبوا منذ يوم الخميس للمساعدة في الحصول على تصريح دخول الى اسرائيل من اجل أن يتمكن من زيارة عبد الناصر المصاب. قمنا بالاتصال معه وهو حتى الآن يجلس وينتظر على مدخل مكتب ادارة الارتباط والتنسيق الفلسطيني في حاجز ايال. في يوم الجمعة ويوم السبت المكتب كان مغلق وانور اضطر أن ينتظر حتى يوم الاحد. ولكن في مكتب الارتباط رفض طلبه. وقد قال إنهم صرخوا عليه وقالوا بأنه ليس شقيق عبد الناصر. في صباح اليوم التالي عاد، ولكن مرة اخرى قالوا له أن يذهب الى البيت بدون تصريح. أعضاء جمعية “يوجد حكم” نصحوه بعدم المغادرة. وبعد الظهيرة حصل على الوثيقة المأمولة، تصريح للمكوث في المستشفى مدة ثمانية ايام.

​عند عودتنا الى الغرفة مع انور كانت الغرفة مظلمة. الشقيقان تعانقا، وانور قام بتقبيل جبين اخيه عبد الناصر.والابتسامة العريضة عادت على وجهه. وبعد ذلك حاول انور الاستيضاح من أخيه بحركة اليدين لماذا ذهب الى حاجز قلندية. ولكن عبد الناصر اجابه بحركات اطلاق نار بيديه.